العدد 72 - أردني
 

سعد حتر

استغل وزراء خارجية عرب زيارة الملك عبدالله الثاني المرتقبة إلى واشنطن الثلاثاء المقبل، فتداعوا لعقد اجتماع في عمّان لمناقشة وصياغة ورقة من خمس نقاط، تماهت مع أفكار الملك التي يعتزم عرضها على الرئيس الأميركي باراك أوباما.

خلال اجتماع دام 90 دقيقة، صاغ أعضاء لجنة المتابعة العربية المنبثقة عن قمة الرياض (2007)، «نقاط بحث» وديباجة ترتكز على قرارات قمة الدوحة، التي جدّدت طرح مبادرة السلام العربية بعد سبع سنوات على إطلاقها في قمة بيروت.

شارك في اجتماع عمان وزراء خارجية الأردن، السعودية، مصر، لبنان، السلطة الفلسطينية، ووزير الدولة القطري للشؤون للخارجية إلى جانب أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى.

على أن غياب وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أحد أعضاء لجنة المتابعة، أثار علامات استفهام حيال موقف بلاده من الإجماع العربي، مع أنه برّر سبب غيابه ب«زيارة مقررة مسبقاً إلى طهران».

وزير الخارجية ناصر جودة، يؤكد أنه والمعلم «على اتصال متواصل» لإدامة التنسيق المشترك، لافتاً إلى أنه سيلتقي به قريباً.

مصدر في وزارة الخارجية أكد أن المعلم سيزور عمّان مطلع الأسبوع المقبل.

يؤكد المصدر أن المعلم، الذي شارك في اجتماعين للجنة المتابعة على هامش قمّة الدوحة، أكد آنذاك أن توقيت لقاء عمان سيتعارض مع جدول مواعيده، ذلك أنه مرتبط مسبقاً بزيارتين إلى «طهران وموسكو».

على أن مصادر عربية شاركت في الاجتماع، ترى أن الدبلوماسية السورية تغيبت، لأنها ترغب في فتح نافذة اتصال مباشرة مع واشنطن، بعد أن أفلتت من استهداف الإدارة الجمهورية السابقة على مدار ثماني سنوات.

«كان يمكن لدمشق أن توفد وكيل وزارة أو تنيب رئيس بعثتها الدبلوماسية في عمان لحضور الاجتماع»، حسبما يعلّق المصدر. ويردف: «من الواضح أنها تريد طريقاً موازية إلى واشنطن، بعيداً عن الخط الأردني أو مظلة الجامعة العربية». ودأبت دمشق طيلة العقد الماضي على السعي لاتصالات مباشرة مع واشنطن، بعيداً عن أي «توسط» عربي، لتعزيز الانطباع حول حجمها في المنطقة، وللبرهنة على عدم حاجتها لإسناد اي طرف عربي لها في الاتصال مع الدولة العظمى، كمصر أو المملكة العربية السعودية أو الأردن أو المغرب.

سورية تتكلم بلغة مزدوجة بما يتعلق بالمقاربة حيال واشنطن أو فرص السلام مع إسرائيل. فبعد أيام من إعلان الرئيس بشار الأسد بغضب عن وقف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل خلال قمّة الدوحة (أواخر الشهر الماضي)، وجهت القيادة السورية رسالة إليكترونية إيجابية إلى سيمور هيرش الكاتب الأميركي المختص في التحقيقات الاستقصائية في مجلة «The New Yorker».

شرح الأسد في إيميله: «مع أن إسرائيل تعمل جهدها لتدمير فرص السلام، ما نزال نؤمن (السوريون) أن علينا فتح حوار جدّي يقودنا إلى السلام»، حسبما كشف هيرش في تحقيق مطول تحت عنوان «سورية تتصل» نشر في السادس من نيسان/أبريل الجاري.

الملك عبدالله الثاني، الذي تلقى اتصالاً هاتفياً من أوباما حين جال في أوروبا وتركيا قبل أسبوعين، سيكون أول زعيم عربي يستقبله الرئيس الديمقراطي في البيت الأبيض، منذ تسلّمه منصبه قبل ثلاثة أشهر.

كما أن محطة أنقرة عكست رسالة مفادها أن الإدارة الجديدة ترغب في ترميم الجسور مع العالم الإسلامي عبر هذه العاصمة الديمقراطية، كذلك تجلّى مغزى رسالة أوباما في تقديم زيارة عبدالله الثاني عن سائر أقرانه في المنطقة، حسبما يلحظ مسؤول رفيع سابق.

«يريد أوباما إبراز أهمية الأردن كلاعب أساسي وشريك استراتيجي فعّال في الشرق الأوسط، رغم صغر حجمه وقلة موارده»، حسبما يضيف المسؤول، الذي لم يشأ الإفصاح عن هويته.

رشحت معلومات أولية من واشنطن بأن الإدارة الأميركية فكّرت بداية في دعوة محمود عبّاس كأول رئيس من المنطقة، حتّى تظهر لرئيس وزراء إسرائيل اليميني بنيامين نتنياهو، اهتمامها بـ«الشريك الفلسطيني» وصولاً إلى حل الدولتين.

في المحصلة تقرّر أن يزور عبّاس واشنطن أواخر نيسان/أبريل الجاري، يعقبه نتنياهو مطلع أيار المقبل.

قبل اجتماع وزراء الخارجية في عمّان، كانت القيادة الأردنية أبلغت سفراء دول أوروبية فاعلة، أهمية بناء إجماع عربي حتى يتعزّز طرح الملك في واشنطن.

ويؤكد مسؤول سابق أن ما ورد في «نقاط البحث» يتماهى مع لغّة عبدالله الثاني «الصريحة والمباشرة»، التي يتحدث بها مع الأميركيين والأوروبيين منذ عشر سنوات.

الأردن لم يعلن رسميا عن صياغة رسالة خلال لقاء عمّان، بل ذهب إلى نفي مثل هذه المعلومة.

مصادر مطلّة على تفاصيل اجتماعين، دام الأول 90 دقيقة فيما امتد الثاني لـ 30 دقيقة، تفيد بأن وزراء الخارجية «جهزّوا نقاط بحث بالإنجليزية تتمحور حول مبدأ حل الدولتين (فلسطينية إلى جانب إسرائيل)، بالاستناد إلى ورقة مصرية».

تتمحور النقاط، التي استندت إلى مسودّة مصرية، حول تذكير واشنطن بتغيير نهجها من مجرد «وسيط» إلى لاعب فاعل يحدّد مسار المفاوضات وفق نقاط قياس، ويرسم أطر «نهاية المطاف» حتى تعرف الأطراف كافة إلى أين تتجه.

وتربط «النقاط العربية» بين تسوية الصراع، وبيّن «المصلحة الوطنية الأميركية» لضمان عدم عرقلة جهود التسوية من أي طرف كان.

كذلك تطالب بتجميد كل أنواع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، بما في ذلك ما تصفه إسرائيل بـ«النمو الطبيعي»، وذلك طبقاً لتوصية السيناتور جورج ميتشل، المبعوث الشخصي لأوباما، العام 2001.

أما النقطة الخامسة فترى أن بإمكان «الرئيس (أوباما) لعب دور محوري شخصياً، عبر استخدام نفوذه لدى الأطراف من أجل جسر الفجوات وتخطي العقبات على الطريق».

مسؤول سابق ينبّه إلى خطورة حصر المرجعيات بمبادرة السلام العربية المفترض أن «تتوج التفاهمات العربية-الإسرائيلية برعاية أميركية، لا أن تكون نقطة ارتكاز قد تشكّل ضغطا على العرب قبل الانسحابات الإسرائيلية».

يؤكد المسؤول في المقابل «أهمية ارتكاز المفاوضات المقبلة إلى مرجعيات دولية بما فيها قرارات مجلس الأمن التي تتحدث عن انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها العام 1967.

ويشدّد المسؤول السابق أن الملك المفوض عربياً «قادر على إيصال تطلعات العرب ومخاوفهم» حيال فرص السلام.

خلال لقائه بوزراء الخارجية العرب، أكد عبد الله الثاني أهمية «التحرك الفوري لحل الصراع (العربي - الإسرائيلي) على أساس الدولتين والمرجعيات الدولية». كذلك شدّد على «أهمية عامل الوقت في إطلاق المفاوضات على أن تستند إلى خطة تحرك واضحة وموقف عربي موحد يتحدث بلغة واحدة مع المجتمع الدولي».

ويراهن العرب على دور «أميركي مباشر» في المفاوضات، كما يرفضون حجّة «عدم وجود شريك فلسطيني جاهز»، في إشارة إلى السلطة الفلسطينية ورئيسها عباس، الذي يحظى بإسناد عربي.

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي شارك في اجتماعات عمان.

خلال قمّة الدوحة أواخر آذار/مارس الماضي، نجحت دول عربية توصف بالاعتدال مثل: الأردن، والسعودية، ومصر، والمغرب في إعادة التأكيد على مبادرة السلام المرتكزة إلى مقايضة الأرض التي احتلتها إسرائيل العام 1967 بتطبيع شامل مع 57 دولة عربية وإسلامية. تم ذلك بخلاف رغبة دول تصنف ضمن محور الممانعة كانت تسعى لتجميد المبادرة في مواجهة ما تراه تعنتاً إسرائيلياً وصعود نتنياهو إلى رئاسة الحكومة ولا مبالاة أميركية.

الملك يحمل رؤية صريحة لأوباما الزيارة الملكية تمتحن “التغيير” الأميركي
 
16-Apr-2009
 
العدد 72