العدد 71 - كاتب / قارئ | ||||||||||||||
بعد مرور حوالي عشر سنوات على خروجه من رئاسة الوزراء، أدى بينيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود اليمين الدستورية ليعود من جديد رئيساً للوزراء في إسرائيل. يأتي هذا التتويج وسط توقعات بتفجر الأوضاع في المنطقة، وتزايد خطر اندلاع مواجهة جديدة مع حماس، وتجميد مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية. مع هذه الحكومة اليمينية المتطرفة التي لا تضع اتفاقيات السلام من ضمن أولوياتها، وغير المهتمّة بأي رد فعل من الدول الغربية، ومن الولايات المتحدة على وجه التحديد، يبدو الوضع متّجهاً لمزيد من الأزمات. وهذه المنطقة التي هزتها الصراعات، ستواجه أوقاتاً عصيبة مع نتنياهو الذي تعهد حزبه «الليكود» مع حزب «إسرائيل بيتنا» في الاتفاقية التي تنظم عمل الائتلاف، على إسقاط حركة حماس في قطاع غزة، ما يشير إلى أن هناك مزيداً من سفك آخر للدماء لا محالة. حكومة نتنياهو تضم طيفاً واسعاً من اليمينيين واليسار ومن الأحزاب الدينية والعلمانية، وعليه طوال الوقت أن يتعامل بحذر مع أقطاب تلك التشكيلة، في ظل احتمال حدوث توترات بشكل مستمر بينهم. الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي تم تنصيبها، هي الأكبر في تاريخ إسرائيل، وتضم 30 وزيرا و7 نواب وزراء. وتقول التقارير إنه على الرغم من أن نتنياهو انتقد خلال السنوات الثلاث الماضية حجمَ الحكومة المنصرفة، برئاسة أيهود أولمرت، التي ضمت 25 وزيراً، إلا أنه لم يتردد في تشكيل حكومة أكبر منها. وتلفت التقارير إلى أن حكومة أرييل شارون، في العام 2003، ضمت 30 وزيرا، لكنها شملت قرابة 90 عضو كنيست مؤيداً للتحالف الحكومي، فيما يحظى تحالُف نتنياهو بتأييد 74 عضو كنيست، بضمنهم نواب حزب «يهدوت هتوراة». ويلاحَظ من المعطيات أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة تستند إلى ائتلاف داخل الكنيست الإسرائيلي الثامن عشر، يضم أحزاب «الليكود»، «إسرائيل بيتنا»، «العمل»، «شاس» (المتدينون الشرقيون)، و«هاتورا يهودا» (المتدينون الغربيون). ووفقاً للمؤشرات فإن حكومة نيتنياهو ستعتمد في مصدر قوتها على سياستها الخارجية، وتحديداً علاقاتها مع أميركا والاتحاد الأوروبي، وستتبنى توجهات تركز على أجندة السياسة الداخلية، وتحديداً ما ينسجم مع بوصلة الرأي العام الإسرائيلي. ولأن توجهات إدارة أوباما الديمقراطية إزاء الشرق الأوسط تختلف عن توجهات الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ستبرز أمام الأخيرة إشكالية تتمثل في أن تحقيق أجندة القوى السياسية المسيطرة هو السبيل الوحيد لتلبية طموحات الرأي العام الإسرائيلي. ما سيؤدي إلى الاصطدام مع الإدارة الأميركية الجديدة وبلدان الاتحاد الأوروبي. أما تحقيق أجندة القوى السياسية الخارجية الداعمة لإسرائيل، فسيترتب عليه فقدان الحكومة الإسرائيلية الجديدة لمصداقيتها أمام الرأي العام الإسرائيلي. السؤال الذي يطرحه المراقبون: ماذا سيحدث في حال نجح نتنياهو في الصمود والإبقاء على حكومته لثلاث سنوات أو أربع؟ هذا احتمال لا يمكن تجاهله أو استبعاده. كثيرٌ من قياديي «كاديما» طرحوا ذلك على زعيمة الحزب ليفني، ولم يستبعدوا أن يحافظ نتنياهو على ائتلاف متماسك فترةً طويلة، ويبدو أن ليفني ترفض الاستماع إلى أي رأي يدعم توجهها نحو ائتلاف برئاسة نتنياهو، وهناك من لا يستبعد أيضا أن تتعالى الأصوات داخل «كاديما» خلال الفترة المقبلة، مطالبةً بضرورة الانضمام إلى الحكومة التي يترأسها نتنياهو، وربما يتفكك الحزب، وينضم ثلث أعضاء كتلة «كاديما» النيابية إلى حكومة نتنياهو، بخاصة أن «كاديما» يفتقر إلى التماسك الأيديولوجي، لهذا فإن احتمالات التسرب من داخل الحزب إلى أحزاب أخرى، وحدوث انقسامات أمر وارد في حال تمسكت ليفني برفضها الانضمام إلى الحكومة. أجندة نتنياهو السياسية أصبحت معروفة، بعد أن أطلق رصاصة الرحمة على عملية السلام التي تحتضر، أما مهندس دبلوماسيته «أفيغدور ليبرمان»، فقد جاء ليشيّعها إلى مثواها الأخير عندما أكد رفضه لمسار أنابوليس، ولكل ما تمخض عنه من مفاوضات وتفاهمات.. هذه سياسة حكومة التطرف، فماذا أعدّ لها العرب، وبخاصة الفلسطينيون؟
خالد وليد محمود |
|
|||||||||||||