العدد 71 - احتباس حراري | ||||||||||||||
ظن الكيميائيون القدامى أن الزئبق قادر على تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب. رغم اكتشاف أن هذه المادة الكيميائية ليست قادرة على تحقيق آمال الفقراء، إلا أن استخدامها في موازين الحرارة كان كشفاً طبياً أنقذ حياة الملايين، ووفر لجميع الناس وسيلة دقيقة ورخيصة وعملية لقياس الحرارة في البيوت وأينما كانوا. لكن هذا الاكتشاف أصبح موضع نقاش كبير في العالم، وأخيرا في الأردن، وذلك للتأثيرات السمّية العالية التي يحتويها الزئبق على حياة الإنسان، وبخاصة الأطفال والأجنة. النقاش احتدم مؤخراً عندما دعت جمعية البيئة الأردنية إلى التزام أردني سريع بحظر استخدام الزئبق في جميع المجالات، بناء على قرار وزراء بيئة 140 دولة من بينها الأردن خلال اجتماع مجلس برنامج الأمم المتحدة للبيئة الخامس والعشرين الذي انعقد في 20 شباط/فبراير 2009 في نيروبي (كينيا). حيث تم الاتفاق على بدء التفاوض على معاهدة عالمية جديدة لمكافحة التلوث بالزئبق. المعاهدة الجديدة لمكافحة تلوث الزئبق والحد من انبعاثاته العالمية، سوف تشمل إجراءات تهدف إلى الحد من إنتاج الزئبق واستخدامه في المنتجات والعمليات وتقليل انبعاثاته في الغلاف الجوي، التي ستؤدي في نهاية المطاف للتقليل من الآثار السلبية في صحة الإنسان وبيئته على مستوى العالم. وسوف تبدأ الإجراءات التحضيرية للمفاوضات بشأن معاهدة عالمية في هذا العام، وستكتمل بحلول العام 2013. عاملون في المجال الصحي أكدوا ضرورة أن يتم حظر الأدوات التي تستخدم الزئبق بشكل كامل ومباشرة، وبخاصة موازين الحرارة والضغط. وقال مدير عام مستودع أدوية، برقان باسل برقان، في تصريحات صحفية، «إن ميزان الحرارة الزئبقي الواحد يحتوى على نصف غرام من عنصر الزئبق القادر على تلويث خمسة ملايين غالون من الماء، في حين أن أجهزة الضغط تحتوي على أضعاف هذه الكمية، وتقدَّر في كل جهاز من 7 إلى10 غرامات». وبحسب وجهة نظر برقان، فإن درء خطورة الزئبق يكمن في حظر استيراده، وإحلال أجهزة طبية إلكترونية حديثة بدل تلك التي تحوى الزئبق. المدير التنفيذي لجمعية البيئة الأردنية أحمد الكوفحي، قال إن الزئبق ومركباته من المواد الكيميائية شديدة السمّية للإنسان والنظم البيئية والحياة البرية. وأضاف أن التعرض لتركيزات عالية من الزئبق ومركباته قد يكون قاتلا للإنسان، أما التعرض لتركيزات منخفضة فقد يسبب آثاراً ضارة للجهاز العصبي في الإنسان، وقد تم مؤخراً ربطه بآثار ضارة ممكنة على القلب، والأوعية الدموية، والجهازَين التناسلي والمناعي. الكوفحي الذي دعت جمعيته إلى مؤتمر صحفي للإعلان عن المعاهدة الجديدة، كشف أن نصف مصادر الزئبق العالمي موجودة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، لذا فإن دول هذه المنطقة «تواجه مشكلة خطيرة تتمثل في زيادة انبعاثات الزئبق، ما يشكل خطرا على صحة الإنسان والبيئة». وزارة البيئة الأردنية أكدت على لسان الناطق الرسمي باسمها عيسى الشبول، أن الأردن ليس لديه مجالات للاستخدام الكثيف للزئبق على غرار دول أخرى تستخدمه بكثرة في المناجم والتعدين. الشبول قال لـ«ے»: «نستخدم الزئبق في الأردن ضمن ما يُعرف بالاستخدام المقيد، وبالتالي فنحن لا نعاني منه، وليست لدينا حاليا أي مشكلة في استخدامه». واستغرب من «الانتقائية» في حصر المطالبات بحظر استخدام الزئبق، في الموازين الطبية وأجهزة قياس الضغط، موضحاً أن الزئبق يُستخدم في مجالات كثيرة مثل مصابيح الإنارة خصوصا تلك الموفرة للطاقة والدهانات. من جهته، أكد عضو جمعية المستشفيات الخاصة أحمد حمايدة، أن «استخدام الزئبق في الأجهزة الطبية لا يشكل خطورة مباشرة على صحة الإنسان، وإنما تتمثل خطورته في دخوله إلى الجسم». حمايدة تساءل في لقاء صحفي في الجمعية، عن سرّ المطالبة ببدائل لأجهزة الحرارة والضغط التي تحتوي الزئبق، وهي التي تتميز بالدقة في قراءاتها، وبسعرها المعقول لشرائح المجتمع كافة، فيما أن الأجهزة الكترونية المطروحة كبدائل، باهظة الثمن، إلى جانب أنها ما زالت غير دقيقة تماما في قراءاتها . إلى ذلك، أكد الشبول أن وزارة البيئة بدأت أخيرا باتخاذ خطوات للتقليل من آثار الزئبق، إلى جانب عدد من الملوّثات الأخرى، على حياة الأردنيين. بحسب الشبول، فإن الوزارة وقّعت اتفاقية لإنشاء وحدات معالجة كيميائية للنفايات الطبية والصناعية، في مكبَّي الغباوي وسواقة، ضمن أحدث المواصفات، وبتكلفة 28 مليون يورو. |
|
|||||||||||||