العدد 71 - سينما وتلفزيون | ||||||||||||||
السجل - خاص انتهت حلقات برنامج المسابقات الغنائي «ستار ونص»، بفوز السعودي سعد عبد الله، بلقب البرنامج، بعد منافسة محتدمة مع المصرية دينا عبد الحميد، والعُماني عبد الرحمن مطر. يضاف هذا البرنامج الذي عُرض على مدار 12 أسبوعاً على قناة أبو ظبي الأولى، وقدمته التونسية فرح بن رجب، وأخرجه باسم كريستو، إلى قائمة طويلة من البرامج التي اصطُلح على إدراجها تحت عنوان «تلفزيون الواقع». حيث تقدم هذه النوعية من البرامج جوانب من إيقاع الحياة اليومية للمشترك خلال أسبوع، ينتهي بحفل يتم في نهايته استبعاد واحد من المشتركين، وهكذا وصولاً إلى الحفل الختامي الذي يُختار فيه الفائز باللقب، بتضافر جهود لجنة التحكيم من جهة، ورسائل المصوّتين من جهة أخرى. ما يجعل «ستار ونص» مختلفاً عن غيره من البرامج، ذات الطابع الغنائي منها على وجه التحديد، أنه لم يشترط الموهبة، ففتح البابَ أمام مشتركين بعضهم لا يمتلك مقومات الغناء، وكثير منهم غايته الوحيدة النجومية دون أن تتوافر فيه متطلباتها. وإذا ما أراد أحدهم الوصول إليها، فعليه أن يقنع بصوته ثلاثة منتجين، تتركز مهمتهم في اختيار واحد من المتنافسين و«الاشتغال» عليه ليصبح نجماً، إضافة إلى المثول أمام لجنة تحكيم ضمت في هذا الموسم: أميرة الفضل، عصام كاريوكا، وخالد سليم. وكان اُختير 40 مشتركاً من بين عدد كبير من المتنافسين في هذا البرنامج، وبعد التصفية أصبحوا تسعة مشتركين فقط، يتمتع بعضهم بأصوات لا تنمّ عن موهبة. وفي النهاية كان على هؤلاء المشتركين المثول أمام المنتجين: جاد شويري، خالد الآغا، وهيفا الفقيه، لاختيار واحد من بينهم لنيل جائزة البرنامج، فيما سيتاح لكلٍّ من المتنافسين الثلاثة في المرحلة النهائية إنتاج أغنية وفيديو كليب. «الإنتاج» هنا يؤكد الدور الذي يلعبه رأس المال في صناعة «النجوم»، وفي تسيُّد الصورة البصرية (الفيديو كليب) على الذائقة السمعية. عندئذ، ربما يصبح الشخص الذي يعتقد مشاهدون كثُر أنه لا يمتّ لعالم الغناء بصلة، «نجماً» و»نُصّ». المتابعون للبرنامج، شدّهم الطابع الكوميدي الذي طغى على حلقاته، والذي يذكّر بتلك المقاطع التي كان يبثها «سوبر ستار» (البرنامج الشهير الذي حقق نجاحات كبيرة في دوراته الخمس التي بثتها فضائية «المستقبل»)، والتي تتضمن مقاطع لأصوات نشاز تم رفضها للمشاركة فيه. تأكيداً لهذا التوجه الكوميدي، تضمنَ حفل اختتام «ستار ونص» ريبورتاجات حول كل مشترك منذ لحظة وقوفه الأولى أمام لجنة التحكيم، والمواقف الطريفة التي تعرض لها، وخطط أعضاء لجنة التحكيم لتطوير «الموهبة» التي بين أيديهم من جوانبها المختلفة. وفيما كانت الحلقة الختامية لهذا البرنامج تُعرَض على المشاهدين، أعلنت قناة أبو ظبي عن برنامج مسابقات آخر بعنوان «من الزيرو»، وفيه يتنافس ستة متسابقين عرب، يعيشون في شقة معزولة، لا نوافذ لها، مما لا يتيح لهم معرفة الليل من النهار، أو أي إشارة تدل على الوقت وقد جُردوا من ساعاتهم وهواتفهم المحمولة. ليس خافياً أن بعض هذه البرامج، الغنائية بخاصة، قدمت مواهب جيدة، ومهدت الطريق أمامها للشهرة والانتشار. ترى الكاتبة سوسن الأبطح، في مقالة لها في صحيفة «الشرق الأوسط»، أن هذه البرامج رغم ما تمتلكه من قدرة على إغواء العموم، ابتكرت صنفاً جديداً تماشياً مع الفكرة القائلة إن بإمكان الناس العاديين أن يصبحوا شخصيات مهمة، وإن هذه البرامج تفتح جسراً ثقافياً بين الشرق والغرب. في اتجاه آخر، يرى نقاد ومحللون، أن ظاهرة «تلفزيون الواقع» التي ينضوي تحت لوائها عدد من برامج المسابقات الغنائية، تكشف عن فراغٍ وكبتٍ يعاني منه كثير من متابعيها. ويلفت الكاتب أحمد خواجا في دراسة له بعنوان «تلفزيون الواقع بين الواقع واللاواقع» منشورة على شبكة الإنترنت، إلى أن نجاح بعض برامج تلفزيون الواقع متأتٍ من أنها هيأت ظرفية نفسية جماعية، وأجواء الحلم الجماعي، لإفراغ هواجس ومكبوتات تتصل بما يعانيه المواطن العربي من إحباطات في الزمن الراهن، ولهذا فإن «برامج تلفزيون الواقع المركبة على الواقع، تمثل الجزء الناقص منه، وهو اللاواقع». هذه البرامج مستنسخة عن برامج أجنبية بمزاياها وعيوبها، دون تمحيص أو غربلة، ما جعل أصواتاً ترتفع في بلدان مختلفة معلنةً رفضها لهذه البرامج، وضاغطةً باتجاه إيقافها، حتى إن البرلمان البحريني أعلن وقوفه ضد برنامج «ستار أكاديمي» الذي تبثه فضائية (LBC)، كما أن الكويت شهدَ احتجاجات شعبية في العام 2006 دفعت وزير الإعلام حينئذ محمد السنعوسي، إلى الاستقالة، بعد أن وافق على استضافة الكويت لبرنامج «سوبر ستار 3» الذي بثته فضائية «المستقبل». لكن الجماهيرية الكبيرة لمثل هذه البرامج التي تحقق للقائمين عليها أرباحاً فلكية، تجعل من النقد الموجّه ضدّها بلا صدى، وربما عديم الجدوى. هذه البرامج لا تقتصر على مسابقات الغناء، فقد خُصص بعضها للشعر النبطي، ولاختيار ملكات الجمال، وتخفيف الوزن، واختيار شريك الحياة، تحت أسماء من مثل: «شاعر المليون»، «الرابح الأكبر»، «الأخ الأكبر».. وما زال الجدل دائراً في أوساط المجتمعات العربية بين قبول هذه البرامج ورفضها، في ظل حمى تنافس الفضائيات على إنتاجها. |
|
|||||||||||||