العدد 71 - اقتصادي | ||||||||||||||
محمد علاونة تساهم إيرادات الدولة من الضرائب والبالغة 3.12 بليون دينار، بما نسبته 22 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 14.1 بليون دينار، لتجتزأ تلك النسبة من معدل دخل الفرد في الأردن البالغ ألفين وستمئة دينار سنويا، بحسب البيانات الصادرة عن وزارة المالية. خالد الربضي الذي يقطن منطقة ياجوز لا يدرك تلك الأرقام وتفاصيلها ،لكنه يشكو كما يتذمر أهل منطقته من سوء الخدمات التي يتلقونها من بلدية الرصيفة، سواء كانت تعبيد شوارع أو خدمات كهرباء أو مياه. الربضي الذي يمتلك بقالة صغيرة في حي تقطنه شريحة من الفقراء، بحسب تعبيره، كشف عن غضبه عند ذكر مسألة الضرائب، يقول، إنه في فاتورة المياه التي لا يتأخر عن تسديدها يقرأ بند «أجور الصرف الصحي»،و يبتسم قائلاً: «لا نمتلك نظام صرف صحي في المنزل». زوج ابنة الربضي سعود الهباهبة، يطرح شكوى أخرى بقوله إن قيمة ما يستهلكه من كهرباء تضاف عليها في الفاتورة بنوديعددها بـ«فلس الريف، الضريبة الإضافية رسم التلفزيون رسم النفايات»، يقول: «يقتطعون جزءاً كبيراً من دخلنا الذي لا يتجاوز 200 دينار شهريا، تلك الضرائب ترتفع عاماً بعد عام بينما الدخل ثابت». البيانات الصادرة عن دائرة الضريبة، تشير إلى أن الإيرادات الضريبية تنمو بمعدل 6 في المئة سنويا، بينما الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي لا تبلغ تلك النسبة وتتراوح بين 4 و5 في المئة. في أنظمة ضرائب الدخل ذات الزيادة المتدرجة «كلما ارتفع الدخل ارتفعت الضريبة»، يمكن لتغيير طفيف في الدخل أن يؤدي إلى تحولات كبيرة في إيرادات الضرائب. وكانت أكبر زيادة في حجم المردود الاقتصادي الذي يذهب إلى مصالح الضرائب منذ العام 1975 في تركيا وإسبانيا. في تركيا تضاعفت الضرائب ووصلت نسبتها 32.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. بينما تضاعفت تقريباً في إسبانيا ووصلت الى 36.7 في المئة، لكن المنظمة تؤكد أن هذا التضاعف يعود إلى «توسيع برامج العناية الصحية والتقاعد في الكثير من البلدان». وكما تذكر المنظمة فإن «الكثير من الأمور والأرقام تعتمد على كيفية إنفاق هذه الأموال». «نظام ضريبي كفء وفعال وأنموذج اقتداء، يحقق الإيرادات الضريبية المستهدفة، ويعزز المناخ الاستثماري، ويقدم الخدمة المثلى للمواطنين». هذه الرؤية التي وضعتها دائرة الضريبة العامة على موقعها الإلكتروني، في الوقت الذي يذكر فيه نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، أن هنالك ضرائب غير مباشرة تزيد من عبء المواطنين، يقدرها بـ 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. توفيق يبين أن هنالك رسوما تستوفيها الحكومة من التخليص على البضائع منفصلة عن قيمة الجمارك، إضافة إلى رسوم «المواصفات والمقاييس»، والترخيص والمخالفات، ما يدفع إلى ارتفاع سعر المنتج النهائي بشكل ملحوظ. في الولايات المتحدة وبعض الأقاليم الكندية، لا تتجاوز نسبة الضرائب 6.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في مناطق تتصدر قائمة دول العالم بتقديم الخدمات للمواطنين، بحسب توفيق. وهو ما ذهب اليه الخبير الاقتصادي محمد البشير بالقول إن «قانون الضريبة المعمول به لا يلبي طموحات أي حكومة بما يتعلق بالخدمات، ويضيف قائلاً: «الواضح في مسألة الضرائب أنها لا تصاعدية ، وبالتالي لن يكون هنالك انصاف ما بين الطبقات الغنية والفقيرة، والأخيرة هي التي تحتاج الخدمات كون دخلها متدنياً ولا تستطيع تعويض نقص الخدمات سواء كانت صحية أو اجتماعية أو تعليمية». وبيّن البشير أن المادة 111 من الدستور واضحة، مفادها «إخضاع دخول الأفراد الطبيعيين سواء كانوا عاملين أو تجاراً أو الأشخاص المعنويين إلى ضريبة دخل متصاعدة، تأخذ بالاعتبار معدل دخل الفرد السنوي لتصبح دخول الطبقة المتوسطة والفئة العليا من الطبقة المتوسطة غير خاضعة». خلال الأربعين عاما الماضية لا تشير الأرقام إلى تغير الوضع الضريبي من الضرائب المباشرة إلى الضرائب غير المباشرة، على عكس ما يعتقده بعض الخبراء وعامة الناس، لأن نمو إيرادات الضرائب على القيمة المضافة، قابله تراجع في إيرادات الكثير من الضرائب الاستهلاكية «معظمها رسوم إنتاجية»، بحسب خليل. حول تأثير الضرائب على النمو الاقتصادي، هناك بعض الإثباتات على أن اقتصاديات الدول التي تتمتع بنسبة عالية من الضرائب نسبة إلى معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي تنمو بوتيرة أبطأ من غيرها، وتمتلك معدلات إنتاج فردية متدنية إلا أن العلاقة بين الجهتين ضبابية، إذ إن السويد تكسر هذه القاعدة، لأنها من أكثر الدول نموا ونشاطا على الصعيد الاقتصادي منذ عشرين عاما، وهي تتمتع بنسبة 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي يذهب إلى مصلحة الضرائب، بحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. معادلة «الجباية» كما وصفها الخبير الاقتصادي أحمد النمري، تختلف كليا في الأردن، إذ يقول، «الضرائب التي تستوفيها الحكومة لا توازي مستوى الخدمات التي تقدمها لسبب واضح أن معظم تلك الأموال لا يتم انفاقها على الخدمات كما يحدث في السويد». النمري يبين أن كافة شرائح المجتمع تدفع ضريبة متساوية، في إشارة إلى ضريبة المبيعات، بينما الأغنياء هم من يحصدون الخدمات بحسب مناطق سكناهم، ومداخيلهم أيضا مرتفعة، يضيف «ما يتم فرضه على المواد الاستهلاكية من ضرائب يتناقض مع عدم فرض الضريبة تصاعديا وبحسب الدخل، ذلك أن الحكومة تستوفي 16 في المئة من المستهلكين كافة. صندوق النقد الدولي انتقد في تقرير صدر العام 2007، استمرار الأردن في فرض ضرائب مباشرة مرتفعة، وكان الأردن فك ارتباطه البرنامجي المباشر مع الصندوق في العام 2004 عقب استمرار في برنامج اقتصادي دام خمسة عشر عاماً، فرض في أعقاب اختلالات مالية واقتصادية. وإذا كان صندوق النقد ساعد الأردن في تخفيض المديونية الخارجية بمعالجة الاختلالات القطاعية، ودفع الدول الدائنة إلى جدولة ديونها ومنحه قروضاً إضافية، إلا أن التقرير انتقد عدم شمول الإجراءات معالجة قضايا اجتماعية وفي مقدمتها ظاهرة البطالة. تركيا تستوفي ضرائب مرتفعة، لكنها تقدم خدمات متكاملة، وبخاصة لموظفي الدولة الذين يستعيدون ما دفعوه من ضرائب مع نهاية كل شهر، بحسب النمري، يضيف، «في معظم دول العالم هناك مرونة في مسألة الضرائب وتكون متغيرة بحسب الأداء الاقتصادي العام، فأحيانا يتم تخفيضها وتارة أخرى ترتفع، بحسب النمري. رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان أعلن في آذار/مارس الفائت أن حكومته ستخفض معدلات الضرائب لتشجيع المستهلكين على شراء سيارات ومنازل وسلع منزلية. وقال أردوغان في اجتماع انتخابي حاشد «إن ضريبة الاستهلاك الخاصة على المركبات والسلع المنزلية المعمرة والأجهزة الإلكترونية ستخفض لمدة ثلاثة أشهر». وقال أيضاً: «إن الحكومة ستخفض ضرائب القيمة المضافة على مشتريات المنازل الكبيرة إلى ثمانية في المئة من 18 في المئة لمدة ثلاثة أشهر». |
|
|||||||||||||