العدد 71 - الملف
 

منصور المعلا

على الرغم من روح “الارتياح” التي سادت في أعقاب نتائج انتخابات عام 1989، بحسب توصيف رئيس الديوان الملكي الأسبق عدنان أبو عودة، فإن ما وصفها أبو عودة بأنها “النخبة السياسية الجديدة”، لم تتمكن من الصمود أمام متغيرات محلية وإقليمية عصفت في المنطقة بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي، بعد 22 عاما من غياب المشاركة الحقيقية، أي بعد العام 1967.

في إطلالة على قائمة بأسماء المجلس الحادي عشر في مجلس النواب، لم يتمكن من البقاء تحت قبة المجلس الثاني عشر سوى 17 نائبا منهم، وذلك بفضل الانتخابات التي جرت في ظل قانون الصوت الواحد الذي ساهم، إضافة إلى عوامل خارجية كان أهمها انهيار الاتحاد السوفييتي العام 1990، في تراجع القوى التي كانت تعتمد في تسويق نفسها على قيم هذا المعسكر ومبادئه وتجربته.

يقول نائب أسبق في البرلمان الحادي عشر احتفظ بمقعده حتى البرلمان الخامس عشر، “لا أريد أن أظهر كمن ينعى تجربة وئدت لكن غياب النموذج العملاني، والبرامج القابلة للتطبيق ساهم في “تآكل شعبية الأحزاب، وبخاصة اليسارية منها”.

ولا يقف النائب الذي فضل عدم نشر اسمه عند هذا التوصيف، فهو يعتبر أن محافظة التيار الاسلامي على “موقع متقدم عن الأحزاب الأخرى”، جاء نتيجة لطرح الحزب “برنامج عمل سياسياً لا يتطرق كثيرا الى الداخل”، ويركز بشكل رئيس على قضية فلسطين، وبذلك فإنه تمكن من تعزيز شعبيته مع تعثر عملية السلام.

المجلس الحادي عشر أفرز عددا من النخب مثل رؤساء الوزراء : طاهر المصري، عبد الكريم الكباريتي، علي أبو الراغب، بينما وصل إلى موقع الوزارة كل من جمال الخريشا، محمد عضوب الزبن، عبد الكريم الدغمي، سعد هايل السرور، محمد داودية، والنائب بسام حدادين، “اليساري” الوحيد الذي تمكن من الحفاظ على موقعة في مجلس النواب منذ البرلمان الحادي عشر.

كما أفرز مجلس النواب الحادي عشر أبرز رموز المعارضة في ظل الانفراج الديمقراطي مثل: ليث شبيلات، حمزة منصور، عبد المنعم أبو زنط.

شبيلات كان قد وصل إلى قبة البرلمان في انتخابات تكميلية عن مقعد عمان في العام 1984، قبل أن ينجح في انتخابات البرلمان الحادي عشر، لكنه لم يخض انتخابات العام 1993.

زعيم برلماني بارز أفل نجمه اعتبر “أن الأردن يفتقر إلى 200 وتد من النخب السياسية التي تعمل على تثبيت أركان الدولة الأردنية في مهب التغيرات السياسية”.

البرلماني المخضرم ذو الصبغة الإسلامية حمّل الإسلاميين مسؤولية الفشل في إنتاج نخب سياسية توجه الناس وتقود الجماهير، معتبرا أن “قوى اليسار قدمت طوال عقدي الخمسينيات والستينيات عشرات المناضلين الذين انخرطوا في العمل السياسي”، على العكس من “جبهة العمل الإسلامي التي تتحمل مسؤولية حالة الشلل التي تعاني منها البلاد”.

النائب الإسلامي حمزة منصور يرى أن مد التيار الإسلامي لم ينحسر في أعقاب انتخابات 1989 وإنما “صودر حقه وظلم”. حمزة منصور يعتبر أن قانون الصوت الواحد عمل على “فكفكة المجتمع الأردني”، كما ساهمت الهيمنة الأميركية بعد عاصفة الصحراء، في فرض أجندات غربية على المنطقة ومن ضمنها الأردن، بالإضافة إلى ظروف محلية دفعت إلى التحول الديمقراطي على حد قوله.

وأكد أن الخلل ليس في النخب السياسية الأردنية، وإنما في القوانين والتشريعات التي ساهمت في خلق مجلس نواب ساهم في تمرير كثير من الاتفاقات، خصوصا مع “العدو الصهيوني”.

منصور يرفض القول إن العقم الذي أصاب النخب السياسية مرده اليأس الذي تملك المواطنين، مبينا أن المسيرات والتبرعات التي تقدم بها المجتمع الأردني إبان العدوان على غزة دليل على أن المجتمع الأردني مجتمع حي.

النائب في البرلمان الحادي عشر ذيب مرجي الذي كان قريباً من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في انتخابات 1989، بين لـ“السجل” أن برلمان 1989 كان “يضم نخبة من السياسيين الحزبيين والقوميين والناصريين والبعثيين ويساريين وشيوعيين”.

وكان الحزبيون هم: “بسام حدادين (جبهة ديمقراطية)، عيسى مدانات (شيوعي)، ومرجي (جبهة شعبية)، وكان القوميون هم” محمد فارس الطراونة، حسين مجلي، فارس النابلسي، فخري قعوار”.

مرجي بين أن برامج كل تلك الأحزاب باتت مع مطلع التسعينيات من القرن الماضي “خارج سياق التاريخ”، مؤكدا أن معظم الحزبيين لم يعودا إلى الترشح في انتخابات العام 1993 باستثناء “بسام حدادين، حسين مجلي، وحسني الشياب” وذلك لأن قانون الصوت الواحد ساهم في تغلغل العشائرية وأفقد الأحزاب قدرتها على المنافسة.

سياسيو مرحلة ما بعد الهبّة: نُخبٌ في مهبّ الريح
 
09-Apr-2009
 
العدد 71