العدد 71 - أردني | ||||||||||||||
نور العمد صرامة «المادة 11» من قانون العمل لا تثني أصحاب العمل عن ارتكاب أخطاء وتجاوزات بحق عاملين وافدين ومحليين لديهم، عبر التحايل على القانون بطرق غير قانونية. آخر القضايا التي تكشفت أخيراً، تتعلق بضبط مصنع يشغّل 76 عاملة منزل على نحو غير مشروع. وكشف تحقيق لوزارة العمل أن تلك العاملات تعرضن للخداع وهربن من منازل مستخدميهن بحثا عن أجور أعلى. وسائل الإعلام تنشر منذ فترة أنباء متواترة عن هروب عاملة وافدة من منزل مستخدمها، أو إقدام أخرى على الانتحار، ما يعكس حجم معاناة عاملات من جنسيات فلبينية وسريلانكية وإندونيسية، بتعرّضهن لظلم وانتهاك لحقوقهن الإنسانية، بحسب محامين ونشطاء في حقوق الإنسان. رئيسة جميعة أصدقاء العاملات، عايدة أبو راس، تقول إنه «من المحتمل أن تتعرض الخادمة لانتهاك أبسط حقوقها الإنسانية، عبر سوء المعاملة والتأخر في دفع راتبها». بهروبها من منزل مخدومها، تظن غريبة الديار أنها قادرة على الخلاص من معاملة سيئة أو تحايُل على دفع أجورها. لكنها تقع في شرْكٍ أشد وطأة، إما بمكوثها داخل سفارتها لحين تأمين عودتها إلى بلادها، أو تعرضها لضربٍ مبرح في مكتب الاستقدام الذي رتّب تعاقدها. في موازاة ذلك، ظهرت جماعات لمساعدة عاملات لا يرغبن بالعمل في منازل مخدوميهن، على الهرب، وتشغليهن بالمياومة في مجالات مختلفة، وبرواتب تكاد لا تكفي قوت يومهن، وذلك في مخالفة صريحة للقانون. هذه الجماعات، كما أشيع في وسائل إعلام محلية، تعمل عن طريق إغراء العاملة بالمال، لإقناعها بالهرب من بيت مستخدمها. ويجري ترتيب عملية الهروب بوساطة فتيات من جنسية العاملة ذاتها، إذ يتم الاتفاق في ما بينهن على آلية الهرب. أم علاء تشتكي من أن «تسوري»، السيرلانكية العاملة لديها منذ ثلاث سنوات، «اختفت فجأة دون سابق إنذار، تاركة خلفها رسالة تؤكد أنها انطلقت صوب فرصة أخرى». أبو سليم مر بالتجربة نفسها حين هجرت عاملة فلبينية منزله، للمرة الثانية خلال ستة أشهر. في الحالتين كانت الفتاتان تعامَلان معاملة حسنة وتتلقيان أجورهما في موعدها. أمين عام وزارة العمل حمادة أبو نجمة، ينفي فرضية وجود «عصابات منظمة» تسهل هروب عاملات المنازل. تقرير وزارة العمل رصد أخيرا فرار 76 عاملة منزل ضُبطن لاحقا في مصنع أدوية في منطقة سحاب الصناعية. وأكد أبو نجمة لـ«ے» أنه «بعد التحرّي والتقصّي تبيّن أن هروب عاملة المنزل يتم من خلال معارفها من بنات بلدها وليس من خلال عصابة». تنص المادة11 من قانون العمل على أنه «لا يجوز لغير مديريات التشغيل العامة ومكاتب التشغيل الخاصة المرخصة القيام بأعمال الوساطة لتشغيل أو تسهيل تشغيل العمال داخل المملكة وخارجها. ويحق للوزير إغلاق المحل المخالف لأحكام هذه المادة وإحالة صاحبه إلى المحكمة». أبو نجمة، يبين أن حملات التفتيش التي تنفذها الوزارة بالتعاون مع مديرية الأمن العام، تكشف «مخالفات داخل هذه المصانع وأماكن أخرى تستقطب عاملات وافدات». وتُجري الوزارة «الإجراءات المناسبة لتأمين سفر الفتيات، فضلا عن إجراء مشاورات للوقوف على جدوى إغلاق المصنع»، بحسب أبو نجمة الذي يوضح أن «الأمر تكرّر سابقا. ولكن ليس بهذا العدد الكبير من العاملات». نقابة مكاتب استخدام واستقدام العاملات، تؤكد أنها بصدد «رفع دعوى لمقاضاة أصحاب المصنع الذي ضبطته وزارة العمل أخيرا»، بحسب نقيبها أحمد الهباهية. يقول الهباهبة إن «هروب العاملات المستقدمات إلى منازل يؤثر في أصحاب المكاتب وعلى الكفيل (المستقدم). فهناك تكاليف تتراوح بين 1500 و2400 ديناراً تذهب لصالح الشخص الذي حرّضها على الهرب». «إذا تهرّب المستقدم من دفع التكاليف المالية لأن العاملة لم تعد في منزله، سيتحمل صاحب المكتب التكاليف بالكامل»، بحسب الهباهبة الذي يشتكي من «عدم وجود أي جهة تعوض عن هذه التكاليف المدفوعة». واستغرب الهباهبة اتهام بعضهم لأصحاب المكاتب بتهريب العاملات، مؤكدا لـ«ے» أن صاحب المكتب «هو المتضرر الأول، سواء بالتكاليف المادية التي يدفعها أو بالسمعة السيئة لمكتبه». ويطالب بـ«إيقاع عقوبة صارمة بحق المسؤولين عن عملية تهريب العاملات، لمخالفتهم قانون العمل واعتدائهم على أموال الآخرين، وحقوقهم». من جانبها، أرجعت أبو راس أسباب فرار عاملات المنازل، واتجاههن للعمل داخل المصانع إلى «إساءة بعض أصحاب المنازل لهن أو عدم دفع رواتبهن». أما الشق الآخر فيتمثل في «اعتقاد العاملة أن العمل داخل المصانع أو بالمياومة يدر عليها مدخولا أعلى». بحسب أبو راس، تعكف جميعة أصدقاء العاملات حاليا على بناء «قاعدة بيانات لرصد أعداد العاملات الهاربات»، بمشاركة وزارة العمل والمركز الوطني لحقوق الإنسان وعدد من السفارات. تستبعد أبو راس أن يعود السبب إلى «وجود محرّضين على هروب العاملات». وتخلص إلى أن عاملة المنزل «قد تكون يائسة وتسمع من صديقاتها عن فرص عمل في مصنع فتجد في الهروب حلا بديلا لتغيير وضعها». |
|
|||||||||||||