العدد 71 - أردني | ||||||||||||||
سوسن زايدة أثارت عبارة تضمنها أحد ملصقات حملة وزارة الصحة لمكافحة الإيدز في الجامعات الأردنية احتجاجاً تحول إلى ضجة إعلامية، تسببت في سحب الملصقات لإعادة النظر بها. أستاذ أخلاقيات الإعلام وحرية التعبير في جامعة اليرموك، عزام عنانزة، وصف العبارة في مقالة نشرها موقع «عمون»، بأنها «وقحة وفاضحة تخجل كثيراً من الناس»، وأنها «مصممة بطريقة ترمي إلى نشر ثقافة الدعارة والعلاقات الجنسية غير الشرعية». العبارة تقول: «هل مارست الجنس يوماً بأحد أنواعه الثلاثة: الفموي، الشرجي، المهبلي بطرق غير مشروعة؟». عنانزة طالبَ بـ«محاسبة المسؤولين عن توزيع الملصقات في الجامعات الأردنية، إضافة إلى تشكيل لجنة من شخصيات وطنية لدراسة القضية». لكن «التوعية بمرض الإيدز تحتاج إلى جرأة»، يقول مساعد الأمين العام لشؤون الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة، عادل البلبيسي، مضيفا أن «التوعوية مرتبطة بمرض ينتقل عبر الاتصال الجنسي، فما المفردات التي يمكن استخدامها؟». «إذا استمر الحديث عن الموضوع بشكل مبطن وغير مباشر لن تصل الرسالة التوعوية. الاعتراض كان على مفردات اعتبرت غير مألوفة مع أنها تصف ممارسات موجودة»، يقول البلبيسي. قرار وزارة الصحة بإطلاق الحملة واعتماد الملصقات بمضمونها الحالي، استند إلى عدد من المعطيات يوضحها مدير البرنامج الوطني الأردني لمكافحة الإيدز في وزارة الصحة، بسام حجاوي. بحسب دراسات البنك الدولي، فإن نسبة الإيدز في الأردن حاليا منخفضة نسبيا، واحد بالألف. لكنها مرشحة للزيادة إلى 3,7 بالمئة في العام 2015. تبين إحصائيات وزارة الصحة أن 85 في المئة من حالات الإيدز في الأردن انتقلت عن طريق الاتصال الجنسي، وبخاصة عن طريق الشرج، في حين أفادت دراسة صادرة عن إحدى الجامعات أن الاتصال الجنسي غير المشروع في الجامعات يشكل نسبة 17 في المئة من مجموعه في الأردن، وفقا لحجاوي. «بذلك تبين لنا أن طلاب الجامعات هم من الفئات المعرضة للإصابة أكثر من غيرها»، يقول حجاوي، ويعتبر أن الحملة، رغم قصرها، كانت ناجحة جدا. «قبل الحملة اتصل بي ثلاثة طلاب خلال العام 2008 بأكمله، في حين اتصل بنا 197 طالبا و57 جاءوا لفحص الدم في أقل من شهرين منذ بدء الحملة. في وقت أن التثقيف فيه بالأمراض المنقولة جنسيا عموما ضعيف لدينا». لم تتفرد وزارة الصحة بقرار تنفيذ الحملة في الجامعات الأردنية. «فالقرار جاء بعد مشاورات، موافقات وكتب مع وزارة التعليم العالي ورؤساء الجامعات الأربعين الخاصة والعامة»، يؤكد حجاوي. كما سبقت الحملة دراسة تجريبية نفذتها وزارة الصحة على 1200 طالب في جامعة اليرموك. «ورئاسة الجامعة وافقت على الحملة، والآن هذه الجملة أثارت أستاذ إعلام من المفترض أن يدعمني»، يقول حجاوي. موقف أستاذ الإعلام العنانزة جاء معارضا بشدة، واعتبر أن «أهالي الطالبات لو علموا بأمر الملصقات لكان من الممكن أن يمنعنهن من الحضور للجامعة. ولأننا لا نريد التسبب بالفوضى، فإننا ندعو إلى معالجة علمية وحكيمة للموضوع دون إثارة فوضى وبلبلة». اعترض العنانزة على مضمون الملصق، لأنه يركز على أعراض المشكلة وليس على الأسباب الحقيقية لها. «نحن بحاجة لمعالجة مشاكل الشذوذ والزنا والعلاقات الجنسية غير المشروعة من جذورها». وكوسيلة علاج بديلة، اقترح العنانزة «إطلاق العنان لأئمة المساجد وعلماء الاجتماع في توعية أخلاقية قائمة على أساس أخلاقياتنا وعاداتنا وتقاليدنا، وليس على أساس المنشورات القادمة من دول غربية مقابل بعض الدنانير من مؤسسات مشبوهة». «في عهد الأحكام العرفية لم يكن لدينا إيدز، هذا جاء مع الانفتاح والديمقراطية»، يقول العنانزة. الكاتب محمد أبو رمان في صحيفة «الغد» له وجهة نظر مختلفة. فموقف العنانزة برأيه «يعكس الحساسية المفرطة من قبل المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية في التعامل مع قضايا واقعية، والسكوت على قضايا اجتماعية، إلى أن تصبح معضلات حقيقية تهدد الأمن الاجتماعي والصحي داخل المجتمعات». «إذا كان هنالك مؤامرة مفترضة فليست من منظمات غير حكومية تقف وراء البوستر، كما يلمح العنانزة، بل في إصرارنا على الاختباء وراء جمل خشبية، وعدم التعامل مع قضايا ومشكلات واقعية وملحة!»، يقول أبو رمان. كانت وزارة الصحة نفذت برنامجها التثقيفي والتوعوي بمرض الإيدز، بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية ذات الصلة، بما فيها منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة،. عميد كلية الإعلام في جامعة اليرموك، عزت حجاب، يرى أن «هناك تضخيماً إعلامياً كبيراً جدا لوجهة نظر شخص واحد ،وأن الموضوع أخذ أكبر من حجمه وأصبح مثل كرة الثلج». ويبين أنه «من حق العنانزة أن يعبر عن رأيه والوزارة ارتأت أن تعيد النظر بالملصقات، لكن الإعلام يتبع الحدث المثير الذي يثير جدلاً لدى القراء». لم يقتصر تناقل الحدث على وسائل إعلام محلية، فبعد أن سحبت الوزارة كافة ملصقات الحملة من الجامعات، توجه فريق فضائية «العربية» لتغطية الموضوع في جامعة اليرموك، ومقابلة العنانزة الذي أخرج ملصقا كان قد احتفظ به، وأعاد تعليقه على حائط في أحد ممرات كلية الإعلام وأوقف طلاباً بجانبه، ليصنع مشهدا أمام شاشة الكاميرا، فتدخل عميد الكلية عزت حجاب، وطلب من العنانزة وقف التصوير. «رفضت خلق واقع غير موجود واعتبرت ذلك مخلا بأخلاقيات المهنة وتزوير للواقع والحقيقة، الوزارة سحبت الملصقات في اليوم التالي لبدء الجدل في بعض وسائل الإعلام، فما الداعي لاستمرار مهاجمة الحملة»، يقول حجاب. وفي وقت حملت فيه بعض وسائل الإعلام على حملة وزارة الصحة، انتقد إعلاميون مثل الكاتب نزيه في صحيفة «الرأي» ورئيس تحرير «الغد» موسى برهومة، الوزارة لسحبها الملصقات والخضوع لرأي «قلة محافظة من الناس». هذه التجاذبات بين التأييد والمعارضة في وسائل الإعلام، يرى البلبيسي أنها ساعدت الحملة على الانتشار. «نحن لم نوقف الحملة وإنما سحبنا الملصقات لإعادة النظر بها، قد نغير من محتوى الملصق ونعيد نشره في الجامعات». ويبرر البلبيسي قرار الوزارة بأنها لم ترغب «بتبديد الإنجازات التي حققها البرنامج في مد وجزر مع وسائل الإعلام التي نتوقع تعاونها معنا في الحملة». يشار إلى أن العبارة المثيرة للجدل لم تكن الوحيدة التي تضمنتها الملصقات، فكانت شاملة لكل طرق انتقال مرض الإيدز، من مثل «هل تعرف ما هو الإيدز، وما أعراضه وكيف ينتقل وكيف تحمي نفسك منه، هل لديك شك بإصابتك بأحد الأمراض المنقولة جنسيا مثل الزهري أو الإيدز أو السيلان، هل سبق وتعرضت لنقل الدم، هل دفعك حب الفضول لتعاطي المخدرات، هل استخدمت فرشاة أسنان غير فرشاتك، هل تريد إجراء فحص الإيدز بسرية وخصوصية ومجانا، هل تعلم أين تذهب لفحص الإيدز، اتصل بالرقم...». |
|
|||||||||||||