العدد 10 - اعلامي | ||||||||||||||
السّجل - خاص
شهدت الساحة الإعلامية الفرنسية في الأسبوع الماضي حدثين بارزين وحراكاً إعلامياً ، أولهما دعوة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى وقف بث قناة فرانس 24 الناطقة بالإنجليزية والعربية والفرنسية، واستبدالها بشبكة إعلامية ناطقة بالفرنسية. وثانيهما الصعوبات المالية المتزايدة والفراغ إلاداري الذي تشهده صحيفة «لوموند» الفرنسية بسبب الاستقالة الجماعية لمجلس إدارتها. الرئيس الفرنسي يرى بأنه «نظرا لأن القناة (فرانس 24) تعتمد على أموال دافعي الضرائب، فإنني غير مستعد للسماح ببث قناة لا تتحدث باللغة الفرنسية». ولفت أن قناة جديدة تحمل اسم “فرانس موند” ستنشأ في أقرب وقت ممكن لتحل محل قناة “فرانس 24”، إذ أن من المقرر أن تؤول الموارد المالية المخصصة لـ “فرانس 24” و“تلفزيون تي في 5” و “إذاعة فرنسا الدولية” إلى القناة الجديدة التي ستتولى تقديم الأخبار إلى المشاهدين في العالم من منظور فرنسي. يقول ساركوزي الذي يتحدر من مهاجر روماني: «إن تفاصيل الهيئة الجديدة تظل مفتوحة للنقاش»، لافتاً مع ذلك إلى أن «قناة عامة (أي فرانس موند) لن تستخدم إلا الفرنسية في خطابها». يُذكر أن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، دشن قناة “فرانس 24” في ديسمبر/ كانون الأول 2006. وهي تبث باللغات الفرنسية والإنجليزية والعربية إلى العالم. وتهدف القناة إلى كسر سيطرة «بي بي سي وورللد» و «سي إن إن» على المشهد الإعلامي في العالم. وقد أثار توجه الرئيس ساركوزي بلبلة واسعة في صفوف العاملين في القناة وبدأوا تحركا لضمان حقوقهم . في موازاة ذلك، بدت ظواهر أزمات حادة تلوح في الأفق في صحيفة (لوموند الفرنسية) بين المدافعين عن استقلاليتها والولاءات السياسية المالية، وذلك في أعقاب تقديم كل من رئيس مجلس الإدارة بيير جانتيه ونائبه برونو باتينو ومدير الصحيفة ايريك فورتورينو (تراجع عنها فيما بعد) استقالتهم الشهر الماضي إثر خلاف مع «شركة المحررين» التي رفضت مصادقة حسابات العام الفائت وإقرار موازنة العام الحالي الخاصة بفرع الصحيفة الإلكتروني وكذلك الاستراتيجية الخاصة باستقلاله، فيما أشار المستقيلون إلى وجود «تحدٍ» من المحررين يجعل مهمة المديرين مستحيلة. يشار إلى أن الفرع الإلكتروني أو التفاعلي للصحيفة يتمتع بفريق تحرير خاص به، وأن حصة المحررين فيه لا تتجاوز 22 بالمئة بينما مجموعة «لاجاردير» الفرنسية تمتلك نسبة 34 بالمئة من هذا الفرع، فيما تبلغ حصتها في رأسمال مجموعة «لوموند» 17 بالمئة. صحيفة «اللوموند» أسسها الصحفي هوبير بوف ميري عام 1944 برأسمال 200 ألف فرنك فرنسي موزعة على 200 سهم تقاسمها عدد من الصحفيين. ثم استحدثت «شركة المحررين» عام 1951 التي وسعت دائرة الملكية إلى الصحفيين كافة ثم سائر الموظفين، ما أعطى العاملين في الصحيفة دورا مركزيا في إدارتها، إلا أن الصعوبات المالية المتتالية منذ بداية الثمانينيات أدت إلى فتح الرأسمال على عدة مستثمرين خارجيين حصل كل منهم على نسبة الأقلية وبقيت «شركة المحررين» المستثمر الداخلي مالكة لنسبة 43 بالمئة من أسهم لوموند التي تحولت مع الوقت إلى مجموعة لديها العديد من الفروع والمساهمات. وكان جان ماري كولومباني الذي ترأس المجموعة منذ 1994 وحتى العام الفائت قاد سياسة توسع وتنوع أسفرت عن امتلاك «لوموند» للعديد من المطبوعات مثل «تيليراما» و«كورييه انترناسيونال» وغيرها. لكن تحقيق طموح التوسع تم عبر الاقتراض والديون التي بلغت 150 مليون يورو في حين سجلت عمليات التشغيل عجزاً هيكلياً في حدود 12 مليون سنويا. وتثير أزمة لوموند شهية المستثمرين الخارجيين وفي مقدمتهم مجموعة “بريزا” الأسبانية المساهمة بنسبة 15 بالمئة في مجموعة لوموند والمالكة لعدد من وسائل الإعلام الأسبانية- أهمها صحيفة “الباييس”، كذلك مجموعة «لاجاردير» التي تمتد نشاطاتها من الاتصال إلى الطيران مرورا بالإعلام والتي يعد مالكها آرنو لاجاردير صديقا شخصيا للرئيس الفرنسي. ويبلغ عدد العاملين في «لوموند» 1600 مستخدم وتبلغ ديونها بعد بيع جزء من مساهماتها في حدود 90 مليون يورو. وهي تسجل خسائر تشغيلية للسنة السادسة على التوالي بسبب ضعف مواردها الإعلانية وتكلفة التوزيع الباهظة في فرنسا، علما أن عدد نسخ الصحيفة انخفض من 400 ألف نسخة عام 1999 إلى 312 ألفا عام 2006. ولا ينتظر أن تسهم الأزمة الحالية في تحسين توزيع الصحيفة الفرنسية الأكثر شهرة في الخارج، خاصة وأنها فقدت نسبة من قرائها منذ عام 2003 وهؤلاء يوجهون انتقادات بشأن حياديتها. وسارت الصحيفة منذ تأسيسها وفق توجه تحريري أميل إلى يسار الوسط، وأدى فتحها أبواب حرية التعبير إلى جذب كبار الصحفيين مثل أندرية فونتين. |
|
|||||||||||||