العدد 70 - ثقافي
 

محمد جميل خضر

الصدر العاري، والزنود المفتولة بالعضلات الرجولية القوية، الموشومة بكلمات شعبية توحي بالسطوة والبطش، والكوفية الملفوفة بطريقة مدروسة حول الكتفين، تلك هي مفردات صورة الشخصية التلفزيونية «أبو عنتر» التي يعرفها الجمهور العربي جيداً، وتُذكّره بخصوصية سبعينيات القرن الماضي في المشهد الدرامي التلفزيوني العربي.

الشخصية التي تجسد فتوات الأحياء الشعبية الشامية، قدّمها باقتدار وزهو كبيرين: الفنان السوري ناجي جبر الذي ترجل أخيراً، وودّع الحياة في دمشق قبل أيام، تاركاً صورة شخصيته الفذة محفورة في وجدان الناس، بخاصة أبناء الجيل الذي عايش زمن شخصيات لا تُنسى مثل «غوار الطوشة» و«حسني البرزان» و«أبو صياح» و»فطوم حيص بيص» و«ياسين بقوش» و«أبو رياح» و«أبو قاسم» و«أبو كلبشة»، وبقية الشخصيات التي قدمتها الدراما السورية في لحظة تفوق تاريخية نادرة، وما زالت حتى يومنا هذا تفرض حضوراً ما في المشهد الممتد من المحيط إلى الخليج.

حتى عندما فكّر فنان مثل دريد لحام، أن يخرج من حصار شخصيته الأهم على الشاشة الصغيرة (غوار الطوشة)، وحاول مرة أن يجسد شخصية «الدغري»، ومرة شخصية «أبو الهنا»، فإن صعوبات حقيقية واجهته، لكي يمحو من ذاكرة الناس شخصية «غوار الطوشة».

شخصية «أبو عنتر» يمكن الحديث عنها في هذا السياق نفسه، بخاصة أنه كان الرفيق المخلص واليد الضاربة لشخصية «غوار الطوشة» في مسلسلين كبيرين قدمتهما الدراما السورية: «صحّ النوم» و«مقالب غوار».

وإذ تنعى الأوساط الثقافية والفنية والاجتماعية الفنان جبر عن عمر يناهز 64 عاما إثر إصابته بمرض عضال، فكما لو أنها تضع نقطة في آخر سطر زمن درامي عربي كان جبر أحد نجومه ورموزه. فقبله مات نهاد قلعي (حسني البرزان)، ومات معظم الذين كانوا معاً في زمن «صح النوم» و«مقالب غوار». وحتى الباقون منهم (مثل: رفيق السبيعي، ودريد لحام) أطال الله عمرهما، فقد طلقوا الشخصيات التي ارتبطوا تاريخياً بها منذ زمن بعيد.

عاد ناجي جبر إلى جرمانا شرقي ريف دمشق، ولكن هذه المرة ضيفاً على مقبرتها، وقلوب أهلها الذين لن ينسوه.

من أعماله إضافة لما تقدم، مسلسل «حمام الهنا»، وفيلم «غرام في أسطنبول».

ينحدر جبر من عائلة فنية عريقة، فشقيقه الفنان الراحل محمود جبر (كان لفترة عضواً ناشطاً في مجلس الشعب السوري)، كما أن أخاه الأصغر سمير، فنان مسرحي. والراحل هو عمّ الفنانتين ليلى ومرح جبر.

“أبو عنتر” يترجل وصورة فتوَّتِه باقية في القلوب
 
02-Apr-2009
 
العدد 70