العدد 70 - حريات | ||||||||||||||
بثينة جويحات 32672، هو عدد الأطفال بين سن 16- 18 سنة، الذين يعملون في حِرَف تشكل خطراً على حياتهم وسلوكهم، كالميكانيك والنجارة، بحسب رصد أجراه المركز الوطني لحقوق الإنسان العام 2008، على ما شرح لـ«ے»، مسؤول ملف عمالة الأطفال في المركز، طارق المجالي. هؤلاء الأطفال، يكونون عرضة لانتهاكات غير إنسانية، كالاعتداءات الجنسية من أصحاب العمل أو العاملين الذين يكبرونهم سنّاً، ونيل أجر يقل عن الحد الأدنى للأجور المحدد قانونياً، والعمل لساعات طويلة، وعدم وجود أية تأمينات صحية أو مالية لهم. المشكلة الأكبر، بحسب الباحثة الاجتماعية شذا مقدادي، أن هؤلاء الأطفال يكونون في البيئات التي يعملون فيها، عرضة للانحراف بسبب الضغوط النفسية والاستغلال والقسوة والعنف الذي يتعرضون له،ما يؤثر بشكل سلبي في عاطفتهم وسلوكهم، لهذا يستسلم معظمهم للعادات غير الحميدة، كالتدخين والقمار وتعاطي المخدرات، بخاصة حين يتوافر المال في أيديهم. على أن التشريعات المتعلقة بحقوق الطفل، بحسب ما يوضح المحامي زهير سليمان، تمنع عمل من لم يكمل السادسة عشرة من عمره، كما تمنع عمل الطفل الذي لم يكمل السابعة عشرة، في الأشغال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة. ے، التقت أطفالاً يعملون في محطات بنزين، وبناشر، وبيع الخضار، وغيرها، وحاورت بعضهم برغم رغبة أكثر هؤلاء الأطفال تجنب الحديث والتهرّب من الإجابة عن الأسئلة. عبد الحميد (13 سنة)، يعمل في محل لتصليح بناشر السيارات وغيار الزيت عند الدوار الثامن، منذ أن وقع الطلاق بين والديه، كي يمنع أمه من العمل «في بيوت الناس»، ويحول دون أن يعتبره أقرانه «ابن خادمة»، على حد قوله. عبد الحميد يقضي في العمل تسع ساعات يومياً، ويتقاضى 140 ديناراً شهرياً. أما وفاء يعقوب (16 عاماً) فكانت تعمل لدى إحدى العائلات الثرية، وهناك تتعرض للعنف من قبل ربة البيت، سواء بسبب كسر صحن أو عدم إتمام عمل، أو من غير مناسبة. وفاء، التي مارست عملها على امتداد ثلاث سنوات، لم تكن ترى أهلها إلا في الأعياد، حين تسافر العائلة التي تعمل لديها إلى الخارج. تقول وفاء إن ربة البيت سمعتها مرة تشكو إلى أهلها ما تتعرض له من عنف، فما كان منها إلا أن ضربتها أمامهم، وطردتها من البيت من دون أن تعطيها بقية أجرتها. محمود يوسف (16 عاماً)، يعمل في محل لخياطة الثياب النسائية، بعد أن ترك المدرسة لمساعدة والده في نفقات البيت. يعمل محمود تسع ساعات يومياً من دون استراحة، تشمل الجلوس إلى ماكنة الخياطة، وتنظيف المحل، ومتابعة الزبائن أثناء غياب صاحب المخيطة، كل هذا مقابل 150 ديناراً. أستاذ علم الاجتماع في كلية المجتمع العربي، شكري قيتوقة، يعزو عمالة الأطفال إلى المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها المجتمع العربي، وأدت إلى انخفاض مستوى المعيشة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، ثم زيادة نسبة الأسر المضطرة إلى تشغيل أطفالها لتوفير لقمة العيش، بخاصة حين تترافق تلك الظروف مع تدني مستوى تعليم الأبوين وقلة وعيهم بحقوق وحاجات الطفل، إلى جانب وجود العنف الأسري والمدرسي الذي يؤدي إلى تسرب الأطفال من المدرسة. قيتوقة يشدد على ضرورة التنبّه للبعد الأخلاقي لعمالة هؤلاء الأطفال، كونه «يؤدي إلى خلق جيل يحمل مشاكل نفسية واجتماعية كثيرة، ما يشكل في المستقبل أزمة حقيقية للمجتمع». الحيلولة دون وقوع هذه الأزمة، تستلزم تضافر جهود الجهات الرسمية والأهلية والجمعيات الخيرية، فضلاً عن العائلات نفسها، بحسب ما تقترح شذا مقدادي، كي «يكبر الطفل في ظروف صحية سليمة وتتأمن له الشروط الملائمة والمناسبة ليحيا مراحل الطفولة والشباب بما فيها من سعادة ومرح وثقافة وتعليم»، مهما كان ذلك صعباً. للغرض نفسه، يعكف المركز الوطني لحقوق الإنسان، بحسب طارق المجالي، على إعداد تقرير حول الانتهاكات التي يتعرض لها الطفل العامل، بهدف «تسليط الضوء على واقع عمل الأطفال في المملكة، ثم الاتجاه إلى عقد ندوات ومحاضرات متخصصة لطلبة الجامعات والمحامين والقضاة وأصحاب ورش العمل، لتوعيتهم بضرورة المساهمة في الحد من هذه الظاهرة»، فيما يتلقى المركز الشكاوى المتعلقة بعمالة الأطفال، ويعمل على متابعتها. لا تبدو محاولات الحد من عمالة الأطفال جادة وكافية، دليل ذلك أن الظاهرة باقية على حالها منذ سنوات، ما يعني أن الأمر يستحق التفكير بحلول شاملة وجذرية. |
|
|||||||||||||