العدد 70 - اقتصادي | ||||||||||||||
محمد علاونة ضعف التجارة البينية العربية، والتي لا تتجاوز 100 بليون دولار بين الدول العربية، وتزيد على تريليون دولار مع العالم، 70 في المئة منها نفطية، بحسب أرقام صادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، يستدعي عقد قمم اقتصادية تتبنى قرارات تقرّب بين الدول العربية اقتصاديا، لمعالجة قضايا محورية أهمها الاستثمارات البينية وخلق فرص عمل، ومكافحة البطالة. قمة الكويت الاقتصادية، انعقدت بعد أكثر من ربع قرن من قمة عمّان (1980)، ورغم ذلك، يرى بعضهم أنها وئدت قبل أن تولد، حيث ألقت الانقسامات العربية الحادة بثقلها على القمة، بسبب الحرب على غزة، بحسب رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستثمر (جمعية محلية)، أكرم كرمول. «الأزمة المالية العالمية تستدعي التعامل مع القضايا الاقتصادية العربية بجدية، في ظل تداعيات مرتقبة تتعلق بتوقعات زيادة معدلات البطالة مع حالة انكماش مقبلة»، يقول كرمول، مضيفاً أن الدول الخليجية تستخدم أكثر من 80 في المئة من إجمالي العمالة لديها من العمال والموظفين الأجانب، ما يدفعه إلى الاقتراح بـ«إجراء مزيد من التشاور ما بين الدول العربية لتحديد حاجاتها من العمالة، وبالتالي تعزيز العمالة العربية البينية». وهو يرى في هذه الخطوة لبِنَة في مشروع التضامن الاقتصادي العربي. رغم انعقاد اجتماعات اقتصادية موازية للقمم العربية، مثل اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ورغم مناقشة قضايا مهمة، إلا أن الموضوع السياسي غالبا ما يطغى على القمة، ويبدو تنفيذ المقترحات الاقتصادية صعبا في ظل وجود استحقاقات سياسية. قمة الكويت التي عُقدت في كانون الثاني/يناير 2009 كان مقدَّرا لها ألاّ تكون سياسية، بيد أن الحرب على غزة وما تلاها من إعلان لوقف إطلاق النار، كان ما زال غير مؤكد آنذاك، بات بندا رئيسيا على جدول أعمال القادة العرب الذين فشلوا في التوافق على عقد قمة طارئة مخصصة للحرب في القطاع. الخبير الاقتصادي غسان معمر، يرى أنه ليس هناك إجراءات عملية لتنفيذ مشاريع طُرحت على قمم عديدة، مثل التجارة البينية، ومشاريع نقل، وسكك حديدية. يقول: «تلك مقترحات تستنسخ نفسها في كل قمة، ولا تجد على أرض الواقع حيزا للتنفيذ». الربط بين الدول العربية من خلال سكك حديدية وشبكة طرقات، كان أبرز ما بحثته قمة الكويت، لكن المجتمعين، ومنهم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، أقروا بوجود قيود في ما يتعلق بالربط بين الدول العربية بالسكك الحديدية، واكتفى موسى بالدعوة إلى «ضرورة البحث في هذا الموضوع، وأن تزول هذه القيود والمعوقات خلال السنوات المقبلة». انعقاد قمة الكويت جاء بعد أيام من انعقاد قمة خليجية طارئة في الرياض حول غزة، وقمة في الدوحة جمعت دولا عربية وإسلامية خارج إطار الجامعة العربية، حول المسألة نفسها، علما أن قمة الدوحة لم تحظَ بدعم السعودية ومصر اللتين فضّلتا بحث موضوع غزة خلال قمة الكويت. رغم عدم وجود إحصاءات دقيقة لحجم الاستثمارات العربية في الدول الأجنبية، إلا أن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية يشير إلى أن حجم الاستثمارات العربية في الدول العربية الأخرى أقل من 20 في المئة من حجم الاستثمارات العربية في الولايات المتحدة. كرمول يقدّر حجم هذه الاستثمارات بنحو تريليون دولار تتوزع ما بين استثمارات مباشرة وأخرى غير مباشرة في الأسهم والسندات والودائع المصرفية، وهي في مجملها تتعرض حالياً لخسائر بسبب قيام معظم البنوك الأوروبية بخفض أسعار الفائدة على الودائع، واتخاذ إجراءات لتجميد بعض أموال المؤسسات العربية بالخارج، وهو ما يتطلب «إجراءات عاجلة لجذب الاستثمارات العربية، والتعامل مع هذه القضية بمنهج إدارة الأزمة»، بحسب كرمول. البيانات الصادرة عن الجامعة العربية تكشف أن معدل البطالة في الدول العربية يبلغ نحو 14 في المئة العام 2007، بوجود 18 مليون عربي على الأقل من دون عمل. كما أن معدلات البطالة في دول عربية فقيرة تتجاوز كثيراً هذه النسبة. وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي، أقر الأسبوع الجاري، ببطء آلية العمل بقرارات قمة الكويت الاقتصادية. الشمالي قال للصحفيين عقب اختتام الاجتماع التشاوري الوزاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، الذي انعقد قبل القمة العربية الحادية والعشرين: «أمام ذلك البطء شكلنا فريقا سيجتمع في حزيران/ يونيو المقبل، لصياغة برامج مختلفة عن الصياغة الحالية، لدفع تطبيق تلك الآليات إلى الأمام». وهو ما بينه معمر بالقول: «تلك القرارات تحتاج إلى آليات لتنفيذها حتى تعود بالنفع على المواطن العربي»، ويضيف: «لا بد من تكثيف الجهود التي تعزز الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطن العربي، وتحقيق أهدافه وطموحاته». قمة الكويت اكتفت بتشكيل لجنة من مسؤولين كبار تنعقد كل ثلاثة أشهر لتتابع القرارات التي تم التوصل إليها. الفوارق الاقتصادية بين الدول العربية واسعة، بخاصة بين الدول العربية الغنية بالنفط التي جمعت عائدات نفطية تجاوزت تريليوني دولار على مدى السنوات الست الماضية، والدول العربية الفقيرة التي لا تمتلك موارد حقيقية. يعيش في الدول العربية الاثنتين والعشرين نحو 330 مليون نسمة، وتمثل الفئة العمرية بين 15 و65 عاما نسبة 61 في المئة من السكان، بحسب الجامعة العربية. كرمول يقترح إعادة ضخ أموال عربية خليجية في الأردن لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية، لتكون، بحسب ما يرى: «تعويضا لعمالة أردنية مدربة قد تعود من الخارج، وإن كانت حاليا غير كبيرة، لكنها ستكون قريبا بالآلاف». ويرى في تلك الخطوة بديلا لقرارات اقتصادية عربية مشتركة صدرت في قمم سابقة ولم تنفَّذ حتى الآن. وهو ما ذهب إليه معمر بالقول: «الوضع الاقتصادي العالمي الحالي يستدعي وقفة عربية مشتركة جادة، كون القمم السابقة لم تتح وقتاً لمناقشة الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية في العمق، أو تصل لنتيجة مطلوبة..»، ويتابع: «ما دامت السياسة موجودة مع الاقتصاد في قمة واحدة، فإن السياسة تأخذ أولوية، ولا يمكن أن نعول على قمم اقتصادية سابقة أو أخرى مقبلة، ما دام الوضع السياسي غير مستقر، بسبب الصراع العربي الإسرائيلي واحتلال العراق». |
|
|||||||||||||