العدد 70 - اقتصادي | ||||||||||||||
محمد علاونة عاكست البنوك إجراءات البنك المركزي التي تمثلت بخفض أسعار الفائدة الرئيسية على أدوات السياسة النقدية بمقدار 50 نقطة أساسية، لترفع اتجاه الفوائد بشكل تصاعدي ومنذ منتصف العام 2008، ما أثّر سلبا في حجم التسهيلات الممنوحة، ووضع البنوك تحت وطأة انخفاض الأرباح، بحسب الخبير الاقتصادي خالد الوزني. على إثر الأزمة المالية العالمية، اتخذ البنك المركزي، إجراءات لتشجيع البنوك على منح الائتمان، من خلال تخفيض نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي نقطةً مئوية واحدة، لتبلغ 9 في المئة، في 25 تشرين الثاني/أكتوبر الفائت، وتخفيضها مرة ثانية بنقطة مئوية واحدة في 12 آذار/مارس الجاري، لتصبح 8 في المئة، لكن البنوك لم تستجب، وبقيت ترفع أسعار الفوائد لديها حتى لأفضل العملاء، بحسب بيانات «المركزي». «المركزي» قام بإجراء آخر، هو التوقف عن إصدار شهادات الإيداع منذ نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2008، وتخفيض هيكل أسعار الفائدة نقطتين مئويتين ونصف النقطة، من 6 في المئة إلى 3.5 في المئة. الخبير الاقتصادي محمد البشير اتفق مع ما ذهب إليه الوزني، بقوله: «البنوك لن تجني سوى الخسائر جراء تشددها»، ويضيف: «هنالك غموض يكتنف آلية منح التسهيلات، وتحديدا للأفراد»، الذين يعدّهم البشير أولوية في تحريك الأسواق، والاقتصاد الكلي بشكل عام. أرقام البنك المركزي تشير إلى أن الانخفاض في «رصيد» التسهيلات الائتمانية بلغ خلال الشهرين الأولين من العام الجاري، 255.5 مليون دينار، أو ما نسبته 1.9 في المئة، مقارنة مع ارتفاع بلغ 299 مليون دينار، أو ما نسبته 2.6 في المئة، خلال الفترة نفسها من العام 2008. مصرفي بارز، طلب عدم نشر اسمه، كشف عن عزم البنوك الاستمرار في تحوطها تجاه منح التسهيلات حتى ظهور مؤشرات أولية لأعمالها للربع الأول من العام الجاري. يقول: «تقوم غالبية البنوك حاليا بمراجعة حساباتها عن العام الفائت 2008، والربع الأول من العام الجاري، لتقرر ما ستفعله تجاه الفوائد وحجم التسهيلات». المصرفي الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة أحد البنوك المحلية، لا يخفي الضغوط التي تتعرض لها البنوك جراء انخفاض حجم التسهيلات الممنوحة، وتوجهها حاليا إلى إعادة النظر بنسبة المخاطرة لديها، والتي يرى أنها «طبيعية» حتى الآن. محافظ البنك المركزي أمية طوقان، دعا خلال لقائه رئيس وأعضاء جمعية البنوك الشهر الجاري، إلى إعادة النظر بمعدل المخاطرة الذي تعتمده البنوك حاليا. مؤشر الفوائد يبين أن البنوك منذ أيار/مايو 2008 قفزت بأسعار الفوائد على القروض الشخصية من 8.87 في المئة إلى 9.36 في المئة لشهر كانون الثاني/ يناير 2009. تلك الزيادة جاءت بعد توسع غير مسبوق لتلك البنوك في منحها التسهيلات الائتمانية بأنواعها كافة منذ بداية العام الفائت وحتى الفترة المذكورة، وهو ما كشفه التقرير الأخير الصادر عن البنك المركزي والذي أفاد أن البنوك «توسعت في نشاطها الإقراضي خلال منتصف العام 2008 ليصل رصيدها إلى مستوى يفوق الاثني عشر بليون دينار. ويبلغ رصيدها كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة نفسها نحو 100.6 في المئة». «المركزي» في تقريره، ردَّ جانباً من الزيادة في التسهيلات آنذاك، إلى زيادة السيولة في المنطقة، نتيجة ارتفاع أسعار النفط، وارتفاع التدفقات الاستثمارية إلى الأردن، وهو سبب انتفى حاليا مع تراجع أسعار النفط إلى ما دون 50 دولارا، بعد أن سجل أعلى مستوياته عند 140 دولارا للبرميل في العام 2008. في الوقت الذي تعمل فيه التسهيلات على تمويل القطاعات الاقتصادية لتسريع الاستثمار والنمو الاقتصادي، فإنها، بحسب «المركزي»، «تخفي وراءها العديد من المخاطر. فالمبالغة في منح التسهيلات قد تغذّي الضغوط التضخمية في الاقتصاد الكلي، وترفع من احتمالية التعرض لمخاطر الائتمان، التي تنعكس ليس فقط على مؤسسات الجهاز المصرفي، وإنما على القطاعات المقترضة من الجهاز المصرفي، بخاصة في ضوء «عدم توفر بيانات كاملة لتقييم مخاطر المقترضين». نسبة هامش الفائدة من إجمالي الدخل لدى البنوك (Interest Margin/gross income) التي تقيس مدى مساهمة صافي أرباح البنك من الفوائد في إجمالي دخله، مرجحة للانخفاض، بحسب الوزني. هذه النسبة بلغت في نهاية النصف الأول من العام 2008 نحو 66.5 في المئة، وهو تقريباً ما كانت عليه في نهاية العام 2007 ، وكانت تلك النسبة سجلت أدنى مستوى خلال العام 2005، حيث بلغت آنذاك 56.4 في المئة. «المركزي» يفيد أن هذا الانخفاض نتج عن النمو الكبير الذي شهدته السوق المالية خلال العام 2005، مما أدى إلى ارتفاع القيمة السوقية لاستثمارات البنوك في الأسهم، وإقبال البنوك على زيادة استثماراتها في السوق المالية لتعظيم أرباحها، وهذا بدوره أدى إلى انخفاض مساهمة أرباح البنوك من الفوائد لصالح أرباحها من الاستثمار في الأوراق المالية بخاصة الأسهم. تراجُع سوق الأسهم بأكثر من 24 في المئة خلال العام 2008، وهبوط التسهيلات، سيساهم في انخفاض مساهمة أرباح البنوك من الفوائد، بحسب الوزني. الخبير الاقتصادي هاني الخليلي ذهب إلى تأثيرات أخرى غير تلك المتعلّقة بالأفراد، تتمثل في القطاع الخاص، بخاصة التجارة التي كثيرا ما حازت على النصيب الأكبر، ما يزيد، بحسب الخليلي، حالة الركود التي تعيشها الأسواق وصولا إلى «انكماش حاد». توزيع التسهيلات الائتمانية وفقا للنشاط الاقتصادي خلال الشهرين الأولين من العام الجاري، يبين انخفاض التسهيلات المقدمة لقطاع التجارة بمقدار 19.1 مليون دينار عن مستوياتها في نهاية العام 2008. |
|
|||||||||||||