العدد 70 - الملف
 

منصور المعلا

ن التل المطل على سهل حوران أقيمت سبع «خرزات» حول آثار أرابيلا العتيقة، إحدى المدن العشر في عهد الرومان قبل 2000 عام.

«الخرزات السبع» هي فوهات آبار كانت تعود ملكيتها إلى عائلات «التل، خريس، حجازي، الدلقموني، حتاملة، ورشيدات، وعبندة»، بالإضافة إلى بركتين تقعان شرق وغرب المدينة، بحسب تقرير لبعثة مصرية أرسلت لإحصاء الآبار شرق الأردن العام 1831، وذلك تمهيدا لحملة إبراهيم باشا في بلاد الشام.

في البدء حرص سكان إربد على عدم التمدد على حساب سهل حوران الخصيب، أما اليوم فالسهل بات مرتعا للأحياء المكتظة بالبيوت السكنية والمدن الصناعية وجامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا.

وبحسب الكاتب زياد أبو غنيمة، فإن المدينة شهدت تحولين مهمين في تاريخها الحديث، كان أولهما انهيار الحكم الفيصلي في سورية 1920 حين عمد أهل المنطقة إلى إنشاء حكومة عجلون العربية، التحول الثاني كان العام 1948 مع قيام دولة إسرائيل وقدوم العديد من الفلسطينيين إلى المدينة التي غصت بيوتها ومدارسها بهم. بين التحولين انخرط أبناء المدينة وسائر شرق الأردن في تعبئة وحشد عسكري ولوجستي إسناداً للثوار في فلسطين، لاسيما هبه العام 1936 وقبلها العام 1929.

ويعد السرايا العثماني أقدم بناء حجري في إربد إذ يعود بناؤه إلى منتصف القرن التاسع عشر، كما توجد في المدينة أقدم مدرسة في شرق الأردن وهي «الصلاحية»، التي بناها مصطفى اليوسف التل جِد الشاعر مصطفى وهبي التل (عرار).

في ذاكرة ابن المدينة المؤرخ عبد الكريم الغرابية، علقت حكايات عن صخرة جلس ذات مساء مع جدته عليها ليرقبا دخاناً يتصاعد من «البابور» المتجه صوب مدينة دمشق عبر المفرق التي تبعد 30 كم عن إربد.

المدينة التي لم تنعم بنور الكهرباء حتى العام 1948 بسبب موقف أبنائها من مشروع روتنبرغ 1928، وهي شركة يهودية حصلت على امتياز تمديد الكهرباء إلى المدينة، حافظت على تنوعها الديني والعرقي، إذ لم تبخل على العرب: مسلمين ومسيحيين وعجماً وأكراداً في العيش في أكنافها.

الغرايبة يدلل على الروح المنفتحة للمدينة باستذكار أهم مدارس المدينة مدرسة «حسن كامل الصباح» منذ مطلع ثلاثينيات القرن العشرين وحتى اليوم.

وقد سميت المدرسة على اسم كامل الصباح العالم اللبناني، وهو المسلم الشيعي اللبناني، الذي قيل إنه اغتيل في الولايات المتحدة الأميركية بسبب خلفيته العلمية المتفوقة. حين وصل نبأ مقتله أبناء المدينة أقيمت له جنازة رمزية حسبما يستذكر الغرايبة.

المدينة لم تنحز إلى «حوارنيتها» على حساب الإمارة الجديدة، بل بقيت روحها منفتحة تستمع إلى خفق قلب مدينة عكا لدى ارتطام الموج في جدرانها إيذانا باقتراب المطر.

ويذكر أبو غنيمة أن عددا من أبناء المدينة فجروا في ثلاثينيات القرن الماضي خط أنابيب النفط التابع لشركة التابلاين الإنجليزية المار في الأراضي الأردنية والذي أقامه الإنجليز في الثلاثينيات لنقل نفط العراق من كركوك إلى ميناء حيفا الفلسطيني. التفجير، بحسب أبو غنيمة، تم في موقع قريب من بلدة الحصن في مدينة إربد، وكان التخطيط لعملية التفجير قد جرى في منزل علي خلقي الشرايري كما يذكر في مذكراته، حيث التقى مع عدد من رجالات الحركة الوطنية الأردنية في شمال الأردن.

أهالي إربد كانوا يمتهنون الزراعة لعمق تربة سهل حوران والذي «لا يمحل» بحسب الغرايبة، إلا أن قدوم بعض العائلات الشامية التي تعمل في التجارة مطلع القرن العشرين، وبعض العائلات من مدن رام الله ونابلس الذين يمتهنون فنون البناء، ساهم في إحداث نقلة نوعية في التركيبة الاقتصادية للمدينة على ما يستذكر المؤرخ أبو غنيمة.

عدد سكان المدينة حوالي مليون نسمة، والعدد بإضافة ضواحيها و القرى المجاورة يناهز المليون وربع المليون. وتقدر مساحة المدينة مع ضواحيها بنحو 160 كيلو مترا.

وتتبع مدينة إربد تاريخياً منطقة سهل حوران الممتدة من جنوب سورية إلى شمال الأردن، حيث يوجد في تلك المنطقة العديد من المناطق الأثرية مثل: أم قيس، وبيت راس، والحصن، وطبقة فحل، وتحيط بها السهول الزراعية الخصبة من جهاتها الشمالية والشرقية والجنوبية.

وتُشرف المرتفعات في إربد على سهل حوران وعلى شمال فلسطين. ويمكن رؤية المثلث الأردني السوري الفلسطيني بوضوح من شمال منطقة إربد وبالتحديد من أم قيس التي يمكن رؤية بحيرة طبريا من أي مكان مرتفعٍ فيها.

بدأت بخرزات سبع وتحولت عروساً للشمال
 
02-Apr-2009
 
العدد 70