العدد 70 - أردني | ||||||||||||||
السجل - خاص لم يستمع المفكر الفلسطيني الراحل هشام شرابي للحلقات التي تبثها قناة الجزيرة للكاتب والصحفي محمد حسنين هيكل بعنوان «مع هيكل»، ولم يدخل معه في جدال حول مزاعمه الخاصة بالملك الراحل الحسين. ولكنه مع ذلك رد على هيكل في مقالة له نشرها في صحيفة السفير اللبنانية في 22/10/1996، وأعيد نشرها في كتاب جمع فيه المفكر الراحل نصوصا كان قد كتبها في الفترة بين 1970 و2000، حمل عنوان «نصوص ومقالات في القضية الفلسطينية 1970 - 2000». وقد بدت المقالة التي حملت ، عنوانا موحيا هو «التاريخ ليس حكاية للتسلية»، وكأنها كتبت اليوم. في ما يلي مقتطفات من مقالة شرابي. التاريخ ليس حكاية للتسلية في كتابه الطريف «أوسلو» قبلها وبعدها»، المسلسل حلقات في عدد من الصحف العربية، يروي الأستاذ محمد حسنين هيكل، رئيس تحرير «الأهرام» سابقاً، قصصاً دبلوماسيه مثيرة وممتعة عن أحداث الحقبة الأخيرة من تاريخنا القريب المفجع. من بين هذه القصص يروى الأستاذ هيكل قصة حول اجتماع يقول إنه دار بين «أبو جهاد» (خليل الوزير) وأستاذ أميركي يهودي اسمه ستيفن كوهين. ويذكر الأستاذ هيكل أن «أبو جهاد عقد هذا الاجتماع «بتوصيه من الدكتور هشام شرابي، الأستاذ في جامعة جورج تاون، الذي كان يتصل بوزارة الخارجية الأميركية على أساس أنه مستشار خاص لـ (أبو جهاد)». وما يستخلصه القارئ من هذه القصة أن «أبو جهاد» وأنا كنا نجري اتصالات باليهود قبل أوسلو بسنوات، فنكون بذلك من بين الذين لعبوا دورا في رواية الاتصالات السرية مع اليهود التي يدور حولها كتاب الأستاذ هيكل. للتوضيح، أول ما أود قوله هو أنني لا أعرف من هو ستيفن كوهين، وأني لم أقابله يوما ولم أقدم إليه «توصية» من أي نوع من الأنواع أو بأي شكل من الأشكال. وإني أيضا لم أكن يوما «مستشاراً خاصاً» لـ«أبو جهاد»، ولم أكن على اتصال بوزارة الخارجية الأميركية بصفتي مستشارا خاصا لـ«أبو جهاد». لقد دخلت وزارة الخارجية في واشنطن ثلاث مرات، في كل منها على رأس وفد من الأميركيين العرب لاطلاع وزير الخارجية الأميركية على وجهه نظر الجالية الأميركية العربية بصدد السياسة الأميركية إزاء القضية الفلسطينية. وكنا بعد كل لقاء نعقد مؤتمراً صحفياً عند مدخل وزارة الخارجية نعبر فيه عن موقفنا تجاه السياسة الأميركية المنحازة لإسرائيل. تساؤلي واستغرابي، هو: كيف يدّون الأستاذ هيكل هذه القصة من دون أن يحقق في مصدرها ومن دون أن يتساءل عن مدى صحتها. لماذا لم يتصل بي، وهناك معرفة شخصية بيننا، فقد تقابلنا مرارا في العشرين سنة الأخيرة: سنة 1974 في لندن في المؤتمر السنوي لمركز الدراسات الاستراتيجية، وفي شيكاغو في السنة اللاحقة في المؤتمر السنوي لجمعية الخريجين الجامعيين الأميركيين العرب، وفي القاهرة مرتين، سنة 1984 عند انعقاد الاجتماع الأول لمجلس أمناء المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، وعند زيارتي له في منزله سنة 1985، برفقة صديقي سعد الدين إبراهيم. كان بإمكانه أن يرفع التلفون ويتصل بي. كان بقدرته أن يحصل على عنواني ورقم تلفوني من سعد الدين إبراهيم. لو فعل ذلك لكنت بينت له ليس فقط أن القصة مغرضة ولا صحة لها، بل وأكثر من ذلك، لكنت حدثته عن «أبو جهاد» وعرّفته على ما يمثله أبو جهاد في تاريخ الثورة الفلسطينية. ليس التاريخ حكاية نسردها للتسلية، بل هو وقائع وأحداث علينا أن نحقق بها ونعي دلالتها ومعانيها. إذا انتفى التمييز بين الواقع والخيال وتساوي الصح والخطأ لا يعود بإمكاننا التفرقة بين الحق والباطل، وبالتالي لا يعود بإمكاننا معرفة التاريخ ومعرفة أنفسنا. لذلك فإنه من واجبنا كباحثين وكتاب وأكاديميين أن نكون على مستوى المسؤولية الفكرية في تناول أحداث الماضي القريب والبعيد، وأن نقدم القدوة العلمية لجيلنا الطالع بمرجعية الحقيقة التاريخية وثوابتها الفكرية والأخلاقية. |
|
|||||||||||||