العدد 10 - اقتصادي | ||||||||||||||
جمانة سليمان
اختطت لجنة «النيابي» المالية والاقتصادية مساراً مختلفاً في مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2008 إذ عقد أعضاؤها 42 جلسة مكثفة تخلّلها استمزاج لأطياف المجتمع الأردني لا سيما خبراء اقتصاد، ممثلين عن القطاع الخاص، نقابات وأحزاب. هذه الأنشطة الاستثنائية، استهلكت ثلاثة أسابيع حتى الآن، ما أثار امتعاض وزير المالية حمد الكساسبة الذي رأى في طول مدة النقاش محاولة لتأجيل إقرار مشروع القانون. وشدّد على أن تأخير إقرار الموازنة سيدخل الحكومة في إشكالية البحث عن مصادر لتمويل بند دعم المحروقات الذي لم يخصص لها مبالغ هذا العام. تقول الحكومة إن إبقاء الدعم يكبدها زهاء 80 مليون دينار شهرياً. يذكر أن كل دولار إضافي عن التسعيرة المعتمدة في الموازنة السابقة 60 دولاراً كانت تكلف الخزينة 30 مليون دولار. رئيس اللجنة النائب خليل عطية أكد من جانبه أن اللجنة- التي تضم 11 عضواً- لا «تتلكأ» وهي تضاعف جهودها واجتماعاتها للإسراع في انجاز الموازنة. يتوقع عطيّة الانتهاء من تقرير اللجنة أواخر الأسبوع الحالي، قبل أن يشرع المجلس بمناقشتها أواخر الشهر الحالي. ويؤكد بأن إقرار الموازنة “مرهون بإنصاف الناس ومنحهم تعويضاً عادلاً عن الارتفاعات في الأسعار”. ويقر عطيّة بأن اللجنة تدرك حدود دورها التشريعي، لافتاً إلى أنها ملتزمة بعدم الطلب من الحكومة زيادة المخصصات في أي بند. وتنتظر اللجنة المالية والاقتصادية من الحكومة تقديم كشف يتضمن تخفيض 15 بالمئة من النفقات الرأسمالية في مشروع قانون الموازنة العامة، التي تتجاوز المليار دينار، بحسب عطية. يقول وزير الدولة لشؤون الإعلام ناصر جودة إن الخزينة خصصت 500 مليون دينار لشبكة الأمان الاجتماعي، من بينها 301 لزيادة رواتب وأجور زهاء 350 ألف موظف مدني وعسكري ومتقاعد. اجتماعات اللجنة لا تعني تأخير إقرار الموازنة العامة، بحسب عضو اللجنة المالية والاقتصادية النائب علي الضلاعين، لافتاً إلى أن لجاناً في مجالس سابقة كانت تصرف فترات أطول وصلت أحياناً إلى أكثر من شهرين. مسعى اللجنة لتقليص النفقات يتمثل بتخفيض العجز والمقدر بعد المنح في موازنة 2008 ب 724 مليون دينار، ما نسبته 5.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 616 مليون دينار أو ما نسبته 5.4 بالمئة من الناتج في العام 2007 وفقاً لأرقام إعادة التقدير، فيما يتوقع هبوط هذه النسبة في العام 2009 إلى 4.8 بالمئة من الناتج ثم إلى 3.9 بالمئة في 2010. أما العجز المالي قبل المنح الخارجية، فقدّر بحوالي 1.164 مليار دينار أو ما نسبته 9.1 بالمئة من الناتج مقارنة بـ962 مليون دينار أو ما نسبته 8.5 بالمئة من الناتج في العام 2007. في حين قدر لهذا العجز أن يتراجع نسبة للناتج ليصل إلى 7.3 بالمئة في 2009 و 6.2 بالمئة في 2010. الضلاعين، يقول إن اللجنة عملت على الاستماع إلى الوزراء ومديري المؤسسات الحكومية، بالإضافة لشركائهم في القطاع الخاص لبحث جميع التحديات والتعاون في رسم السياسات المستقبلية. ويؤكد أن” هموم الوطن والمواطن كانت مدار بحث خلال جلسات اللجنة” في ظل سعي الحكومة إلى تحرير قطاع الطاقة». خبراء قانونيون يرون أن الدستور يتيح للجنة المالية والاقتصادية تخفيض النفقات الواردة ضمن مشروع قانون الموازنة، لكنه لا يسمح لها بزيادة النفقات. وفي هذا الاتجاه جاءت دعوات اللجنة لتخفيض النفقات في الموازنة، لتقليص الإنفاق وتطبيق سياسة شد البطون على الوزارات والدوائر الرسمية في هذه المرحلة الحرجة، بحسب أحد أعضائها، بعد أن كشفت المناقشات عن رصد مخصصات لبعض الوزارات لم يتم إنفاقها على مشاريعها، مثل تخصيص 10 ملايين دينار لوزارة العدل في موازنة 2007. بطء تحرك الحكومات السابقة للإنفاق على المشاريع كانت إحدى الانتقادات التي وجهها جلالة الملك عبد الله الثاني إلى الحكومات السابقة برغم توافر التمويل. معدل حجم النفقات الرأسمالية بلغ حتى الربع الثالث من 2007 نحو 40 بالمئة من إجمالي مخصصات هذه النفقات التي تبلغ بحوالي 944 مليون دينار التي “ينعكس إنفاقها مباشرة على مستوى معيشة المواطن وتحسين نوعية الخدمات التي يتلقاها الافراد”، بحسب الخبير الاقتصادي هاني الخليلي. وبحسب تقرير رسمي” لم يتجاوز حجم ما أنفقته الحكومة من بند النفقات الرأسمالية خلال هذه الفترة 400 مليون دينار من إجمالي المخصص”. وارتفع حجم النفقات الرأسمالية في قانون الموازنة العامة 2007 بشكل ملحوظ حيث قاربت المليار بزيادة تصل قيمتها نحو 176 مليون دينار عن 2006. وجاء في التقرير أن النفقات الرأسمالية تتوزع على النحو التالي 841 مليون دينار لمشاريع الوزارات والمؤسسات الحكومية إلى جانب تخصيص مبلغ 103 ملايين دينار للمساهمة بمشاريع المؤسسات. انخفاض حجم الإنفاق، برأي الخليلي، يعود إلى “بطء الإنجاز في المشاريع من قبل المقاولين والتأخر في طرح العطاءات من قبل بعض الوزارات والمؤسسات” الأمر الذي يضعف الإنفاق. وقدر حجم المبالغ غير المنفقة بحوالي 600 مليون دينار، خصصت لمشاريع رأسمالية تهدف إلى دفع عجلة النمو وتحسين الظروف المعيشية للأفراد. وينص قانون الموازنة على أنه يجوز نقل المخصصات من برنامج إلى برنامج آخر أو من مادة إلى مادة أخرى أو من بند إلى بند آخر في الفصل نفسه، بموافقة مدير عام دائرة الموازنة العامة، ويستثنى من هذه الموافقة مجلس الأمة ووزارة الدفاع والخدمات الطبية الملكية والأمن العام والدفاع المدني لقاءات اللجنة التي بدأت قبل ثلاثة أسابيع، انطلقت باستضافة وزير المالية حمد الكساسبة، ومحافظ البنك المركزي أميّة طوقان، والمحافظ السابق محمد سعيد النابلسي، وسيطر على مناقشات الجلسة قضية ربط الدينار بالدولار، وتأثيرها على الوضع الاقتصادي في المملكة. وتوصلت اللجنة إلى قناعة، بحسب مصادر نيابية، إلى ضرورة “اتخاذ إجراءات وقرارات من قبل إدارة المركزي لوقف الآثار السلبية التي يتعرض لها الاقتصاد في ظل هبوط الدولار المستمر أمام العملات الرئيسية. غير أن مصادر نيابية قالت لـ”السّجل” أن اللجنة لن تصدر توصية فيما يتعلق بموضوع الدينار، بناء على تفاهمات مع محافظ المركزي. وهاجم نواب من اللجنة المالية والاقتصادية، رئيس هيئة الأوراق المالية، الدكتور بسام الساكت، متهمين إياه بالعجز عن استقطاب صناديق استثمارية كبرى للعمل في البورصة، مؤكدين أن كثيراً منها طلب الاستثمار إلا أن بيروقراطية الهيئة أضاعت فرصاً كبيرة على المملكة، ودفعت بإدارات الصناديق إلى الاستثمار في أسواق المال البحرينية، والقطرية والإماراتية. وكذلك، انتقد بعض أعضاء اللجنة عدم إتباع سياسة الباب المفتوح رغم كون منصبه يحتاج إلى مثل تلك السياسة للقيام بالدور المنوط به، حتى إن أحد النواب قال له” مقابلة رئيس الوزراء أسهل من مقابلة رئيس هيئة الأوراق المالية”،في حين أشار الساكت إلى ارتفاع مؤشر البورصة 36 بالمئة العام الماضي. ومن بين التوصيات المهمة ربط اللجنة المالية والاقتصادية الموافقة على مشروع قانون الموازنة، بالتزام مؤسسة الضمان الاجتماعي زيادة رواتب متقاعديها بالتزامن مع زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين في القطاع العام. مدير عام الضمان، الدكتور عمر الرزاز، كشف خلال اللقاء عن مضمون القانون المعدل للضمان، الذي تعتزم الحكومة تقديمه إلى مجلس النواب خلال دورته العادية، ويقول الرزاز: «لسنا بصدد إلغاء التقاعد المبكر، لكن ما سيتم هو التقنين، لكثرة الحالات». ويوضح أن «كل أنظمة التقاعد في العالم تحتوي على ذلك»، إذ جاءت فكرة التقاعد المبكر من بريطانيا استجابة لعمال المناجم هناك، مشيراً إلى أن نسبة التقاعد المبكر في الضمان من إجمالي المتقاعدين تصل إلى 67 بالمئة مما يرهق أموال الضمان. وحول استفسارات أعضاء اللجنة عن مستقبل الضمان والمخاوف من عجزه عن سداد التزاماته قال «نحن نحقق فوائض مالية حالياً من الاشتراكات تحول إلى الوحدة الاستثمارية، لكن الدراسات الإكتوراية تظهر تغيّراً في شكل الهرم الديمغرافي في العام 2050، مما سيولد تحديات كبيرة تؤثر على حقوق الأجيال القادمة في هذه المؤسسة». آخر دراسة اكتوارية أجراها الضمان بالتعاون مع منظمة العمل الدولية بيّنت أن إيرادات الضمان في العام 2017 ستصل إلى نقطة التعادل مع الرواتب التقاعدية، ما يعني عدم تحويل أموال إلى الوحدة الاستثمارية، في حين أن إيرادات الضمان في 2028 لن تكفي للرواتب التقاعدية، ما يقود استخدام عوائد الاستثمار من أجل تغطية العجز. يقول الرزاز في 2038 يبدأ التأثير السلبي بالظهور لا سيما وأن المؤسسة ستتجه إلى استغلال رأسمالها عبر تسييل الأصول من أجل تغطية الرواتب التقاعدية. ويتضمن القانون المعدل وضع سقف للرواتب التقاعدية في الضمان، بحسب الرزاز وسيتم «تخيير من تتجاوز رواتبهم السقوف أن يحصلوا على المبالغ الإضافية التي دفعوها من اشتراكاتهم أو استثماراها لهم في صندوق خاص بعوائد سنوية». ويقول: «يوفر القانون المعدل تأميناً ضد البطالة»، بحيث يدفع المؤمن عليه اشتراكاً شهرياً، ويصار إلى تجميعه في صندوق خاص عبر حساب لكل مشترك، يستطيع الاستفادة منه في حال تعرض للفصل التعسفي ليتقاضى راتباً لمدة 6 أشهر، أما المشتركون غير المستفيدين طوال فترة اشتراكهم، فيتقاضون كامل مبالغهم عند انتهاء خدمتهم في مؤسساتهم. كذلك، يشتمل القانون المعدل للضمان على تأمين للأمومة، الذي يعول عليه القائمون في الضمان لرفع نسبة عمل المرأة في القطاع الخاص التي لا تزيد على 12 بالمئة من إجمالي العاملين في القطاع، بينما تصل في القطاع العام إلى 37 بالمئة بحسب الرزاز. |
|
|||||||||||||