العدد 2 - أردني
 

تعودت الحكومات المتعاقبة على اعتبار الانتخابات طبختها المفضلة، تدرك أسرارها وخلطتها السحرية كمدخلات وعمليات ومخرجات.

وهي تشهر بوجه المطالبين بإعادة النظر في "قانون الانتخابات المؤقت الحالي ساري المفعول" من المحتجين والمعارضين له بالمثل القائل:"كثرة الطباخين بتحرق الطبخة". وتدعوهم للتنحي جانباً والتزام الصمت.

الخشية أن الحكومة تصغي لنفسها فقط، فلا تسمع أصوات المطالبين من الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني والمستقلين، ومن المهتمين بالشـأن العام وأصحاب الرأي، بتغيير "قانون الصوت الواحد" بعد أن ثبت فشله في إنتاج نواب ونائبات يمثلون واقع المجتمع، ويدافعون عن قضاياه ويطرحون حلولاً لمعالجة مشاكله المعيشية مثل: الفقر، والبطالة، وجنون ارتفاع الأسعار. إن مؤسسات المجتمع الأهلي مرآة عاكسة لحالة المجتمع بما فيه من مزايا وعيوب وهي فشلت طيلة أكثر من عقد في تأسيس تحالف/تشبيك/تضامن/ تنسيق وتعاون يجمعها معاً حتى تكون قادرة على الدفاع عن حقها بالعمل بحرية، وتنفيذ خططها، وبرامجها بأهداف متفق عليها، وبوسائل قادرة على تحقيقها ضمن زمن محدد، وبمؤشرات نجاح لا تخطئها العين، وهي فشلت أيضاً في نقد ذاتها ومراجعة قراءة خططها السنوية التي تضعها على الورق ولا تمل من تكرار التنظير لها بكلام لا تدعمه الأفعال على الأرض باستثناء منظمات ومؤسسات تمثل قصص نجاح يزكيها فعل إنجازاتها التي تتكلم نيابة عنها. ما دلالة فشل المجتمع المدني في التأثير على قانون الانتخابات المؤقت بالرغم من مرور عقد ونصف العقد على صدوره، كما عجزت عن التوصل لقرار قانوني يتيح لها حق مراقبة الانتخابات بكل مسمياتها وأنواعها، فهي شريكة أصيلة، وهذا حقها ومن صلب واجبات المواطنة، حتى تستحق ثقة الشعب ودعمه حيث وجدت لتنافس على خدمته بالتعاون مع القطاعات الرسمية والخاصة كشريك ثالث.

هناك نموذجان أولهما للمركز الوطني لحقوق الإنسان، والثاني لمؤسسة مجتمع مدني. بداية أمامنا موقف المركز الوطني الذي صدر يوم الخميس 2007/11/8 ليعلن فيه رفضه "بأن يكون جزءاً من ترتيب الحكومة لمراقبة الانتخابات" والذي نعتز بمهنيته ومنهج عمله العلمي. وكان قد اقترح على الحكومة في وقت سابق ومناسب برنامج عمل يتشكل بموجبه فريق وطني مستقل لتدريب وإعداد وتأهيل ما يقارب الألفين، ومن جميع المحافظات حسب المعايير الدولية لمراقبة الانتخابات، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع ذات العلاقة، وبالتنسيق مع اللجنة العليا للإشراف على الانتخابات حتى جاء الرد من الحكومة بإمكانية الموافقة على قبول مائة وخمسين مراقباً يُسمح لهم فقط بمتابعة الانتخابات ومراقبتها من خارج قاعات الاقتراع!.

والنموذج الثاني، بيان لجمعية وطنية تحمل اسم الحرية والنهج الديمقراطي منذ عقد ونصف العقد جاء فيه :"نشكر ونناشد ونأمل من الحكومة حرصها على تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في متابعة إجراءات وسير العملية الانتخابية".

فهل ترى الحكومة في مؤسسات المجتمع المدني مجرد ديكور للزينة، لأنها بلا أسنان للمقاومة السلمية تحت مظلة سيادة القانون، وهل المطلوب ارباك مؤسسات المجتمع الأهلي والتشكيك في مصداقيتها، لكن لمصلحة مَنْ؟.

حتى لا نخسر المستقبل، علينا إعادة قراءة سبب فشل برامج الإصلاح والتغيير والتنمية البشرية والأجندات الوطنية، والعمل على استقلال القضاء ليمارس ولايته على الانتخابات من الألف إلى الياء، ومحاولة مراجعة كل جمعية ومنظمة لجدوى المراقبة من الخارج.

الحكومة تحتكر ملعب الانتخابات – محمد الحسنات
 
15-Nov-2007
 
العدد 2