العدد 69 - كتاب | ||||||||||||||
الرقم المطلق لقيمة مديونية الأردن الخارجية لم يتجه إلى الانخفاض طوال السنوات الماضية، ومنذ 1989 عندما وصل إلى (4908) مليون دينار، فيما استمر بعد ذلك في التصاعد ليبلغ (5253) مليون دينار في نهاية 2007. رقم المديونية هذا ارتفع رغم قيام الأردن سنوياً بسداد عبء خدمته بأقساط مدفوعة بلغ مجموعها (4682) مليوناً، إلى جانب دفع الفوائد المستحقة عليها بقيمة (2694) مليون دينار، وكان ذلك كفيلاً بإنهاء المديونية الخارجية كلياً، وهو ما لم يحدث نظراً لاستمرار اللجوء إلى الاقتراض مجدداً، وبقيمة تتجاوز ما يتم تسديده، وغالباً لأغراض أقل جدوى وفي مطارح خدمية وبشروط أشد. وخلال 2008 تراجع رقم المديونية الخارجية بمبلغ (1709) ملايين ليصل في نهاية شهر تشرين الأول إلى (3544) مليون نتيجة الشراء النقدي لمعظم مديونية الأردن التصديرية للولايات المتحدة، والمجموعة الأوروبية، وبثمن صعب أدى إلى تلاشي الجزء الأكبر من رصيد «صندوق عائدات التخاصية»، التي شكلت فائدة إيداعها أحد مصادر الإيراد للخزينة، وبما يقارب (35) مليون دينار سنوياً، في المتوسط، كما استلزم السداد بيع (3200) دونم من أفضل أراضي شاطئ العقبة الشمالي (أرض الميناء الحالي وما حولها) بقيمة 500 مليون دولار لجهة غير أردنية، وبما يزيد في جوهره عن ميزة خصم (11 في المئة) من رصيدها. وأيضاً، فإنّ الهبوط الرقمي لرصيد المديونية الخارجية رافقه ووازاه ارتفاع أكبر في رقم «المديونية الداخلية» ومن (3695) مليون دينار في نهاية 2007 إلى (5570) مليوناً في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2008، وبزيادة (1875) مليوناً، وبنسبة ارتفاع قياسية (51 في المئة)، فيما يلاحظ استمرار ارتفاعها من (995) مليوناً في 1989 إلى ما يقارب (6) أضعاف. وكمحصلة، فإنّ إجمالي مديونية الأردن (الدين العام)، تصاعدت من (8948) مليون دينار في نهاية 2007 إلى (9114) مليوناً في نهاية تشرين الأول/أكتوبر2008، وبما يؤكد مرة أخرى أن مسارعة الحكومة إلى شراء جانب كبير من المديونية الخارجية لم يؤد إلى تقليص قيمة وعبء خدمة الدين العام الكلي بل ما حدث هو العكس تماماً. وإذا كان من المتوقع أن انخفاض قيمة الفائدة المدفوعة عن المديونية الخارجية، فإن ذلك يجب أن لا يرد في معزل عن ذكر حقيقة اتجاه قيمة الفائدة المدفوعة عن المديونية الداخلية إلى الارتفاع أكثر لتصل في نهاية تشرين الأول/أكتوبر إلى (191) مليون دينار مقابل (170) مليوناً عن كامل 2007. ما سبق يشير إلى أن المديونية الداخلية لا تقل في مثالبها ومخاطرها عن تلك الناجمة عن المديونية الخارجية، بل يمكن القول إن الأولى تتضمن، في كثير من الحالات، سلبيات تتجاوز المرتبطة بالخارجية في أهداف الاستخدام وكمية الاقتراض، ومتطلبات السداد في المواعيد المقررة. ولسوء الحظ نقدر بأن رقم المديونية الكلي، الداخلي والخارجي، مرشح للارتفاع في 2009، وكما يمكن ملاحظة ذلك من قراءة وتحليل أرقام واتجاهات موازنة 2009، ولما يمكن أن يصدر من ملاحق لها، ومن عودة متزايدة لقروض خارجية جديدة. ما تقدم، يؤكد حاجة إدارة الأردن المالية إلى إجراء تغيير وتطوير جذري في إدارة مديونيته في توقيت اللجوء إليها خارجياً أو داخلياً، وفي تحديد مصادرها، وخيارات شروطها في الفائدة وفترات السماح، وتواريخ سدادها والأهم في مطارح وأغراض استخدامها في مشاريع تتسم بالقدرة على «ذاتية التسديد»، وتبني وسائل وأدوات شفافة مجدية لمراقبتها ومتابعتها، ورصد إخفاقاتها وتجاوزاتها دون تأخير، والبدء بسرعة، وبلا تردد، في وضع وتطبيق برنامج مجدول زمنياً وموضوعياً لاستمرار تخفيضها بشقيها الداخلي والخارجي ليس فقط بالنسبة إلى رقم الناتج المحلي الإجمالي بل أيضاً من حيث رقمها الكلي المطلق. |
|
|||||||||||||