العدد 69 - بورتريه | ||||||||||||||
خالد أبو الخير «ثقافتنا سلبية للأسف، نرى دائما النصف الفارغ من الكأس، وننهمك في معارك جانبية. نشتم ونجلد بعضنا بعضاً، لكنا حين نشارك في مؤتمرات خارجية، نتصدى للدفاع عن أنفسنا، لكنه دفاع متأخر.. فالآخرون لا يقتنعون بمبرراتنا، لأنهم يعرفون ويقرأون ويتابعون ما نرتكبه بحق أنفسنا». ولدت نانسي باكير، في غلالات فجر عمّاني موغل في رقته، لأسرة مثقفة، دأبت على حث أبنائها للاتجاه للتخصصات العلمية. والدها نورز باكير، أنهى دراسته الثانوية والأكاديمية من جامعة الأزهر، وشهد ثورة 23 يوليو، قبل أن يقفل عائداً إلى عمان، ليعمل موظفاً في التربية، ومن ثم الإحصاءات العامة، مزاملاً وصفي التل، وصلاح أبو زيد. «وفاة الشهيد وصفي التل وقبله عبد الناصر أثرت على والدي فبكاهما، ورحل في العام 1972، وكان آخر عمل له في ديوان الموظفين «الخدمة المدنية» حالياً». تميّز والدها بالصدق، والأمانة، والمثابرة، والإخلاص، والحسم، والحزم، والصرامة، وبالمقابل كانت والدتها «كتلة من الحنان والحب والعاطفة وروح الفكاهة». توفيت إبان كانت تحضر حفل افتتاح القمة العربية في الخرطوم 2006. «للآن أتوتر وأتوجس كلما انعقدت قمة». أمضت المرحلة الابتدائية في مدرسة راهبات الوردية «الراهبات كن صارمات جداً وعطوفات في الآن نفسه، يحاولن أن يربيننا قبل أن يعلمننا، تصديقاً لمفهوم التربية والتعليم». تميّزت إبان دراستها باجتهادها، ما عدا اللغة الفرنسية، التي حاولت حين كبرت أن تتعلمها دون أن تصيب كبير نجاح، وبذا إنحازت دون تخطيط للغة شكسبير. من زميلاتها رغدة ورفعة الزعبي، اللتان انتقلتا معها إلى مدرسة جبل عمان، حيث التقت بمنتهى الجيوسي، المعلمة التي تركت أثراً في نفسها، لأنها كانت تدخل الصف وهي تلقي الشعر، فحببتها بالشعر والأدب، والمعري وامرئ القيس، والمتنبي. الذي كثيراً ما تردد قوله: ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام محطتها الثانوية كانت في مدرسة الملك زين الشرف، التي عرفت بتفوق طالباتها، ومن معلماتها «نهى كلبونة، وشهرزاد هاكوز، وليلى الناظر، وخولة الأشهب والمديرة جليلة عبد القادر». أنهت التوجيهي العام 1970، وشدت الرحال إلى «نانشك» في الاتحاد السوفييتي دارسة للآداب وفقه اللغات، وتعلقت بالأدب البريطاني والفرنسي والأميركي، وعشقت كتابات الشاعر الروسي ميخائيل ليرمنتوف، الذي ترك رواية واحدة هي «رجل لهذا الزمان». حازت الماجستير في الآداب العام 1975، التي عودلت في الأردن بالدبلوم العالي، وعيّنت نهاية العام في ديوان الموظفين. لم تنقض سوى شهور حتى عيّنت مديرة للبعثات في الديوان. وانتقلت في العام 1977 للعمل على تأسيس المجلس القومي للتخطيط (وزارة التخطيط حالياً)، حيث تسلّمت جانب البعثات والخبراء. تزوجت في العام 1977، زواجاً مخلوطاً «تقليدياً على زمالة»، ولها من الأولاد بنت وولد، سوسن، وفارس. في العام 1982 كلّفت من رئاسة الوزراء بالانتقال إلى مجلس التعليم العالي قيد التأسيس آنذاك، فأمضت الفترة 1982 - 1985 حتى تأسست وزارة التعليم العالي بتحويل المجلس إلى وزارة، وبقيت فيها حتى العام 1988. عهد إليها في العام 1988 بالعمل على تأسيس المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، بعد أن حازت خبرة «تأسيسية» واسعة. في العام 1998 عيّنت في منصب أمين عام وزارة التنمية الإدارية، لتكون أول امرأة تعيَّن في هذا المنصب. ونقلت في العام 1999 إلى رئاسة الوزراء مستشارة لشؤون حقوق الإنسان، حتى العام 2004. وعملت مع ثلاثة رؤساء حكومات : عبدالرؤوف الروابدة، وعلي أبو الراغب، وفيصل الفايز. «استمتعت جداً بالعمل مع دولة أبو الراغب، وفترة عملي معه الأطول، درج على إرسال معظم التقارير والاحتجاجات لي، كان مهتماً بهذا الموضوع، وعندما رشحت للعمل في الجامعة العربية وجدت منه كل الدعم». حلّت في القاهرة التي تعشقها، أميناً مساعداً لجامعة الدول العربية للقطاع الاجتماعي. «عملي هناك كان متعة حقيقية واكتسبت خبرة لن تتكرر».انصب عملها على التعامل مع قطاعات التعليم والصحة وحقوق الإنسان، والشباب والرياضة، والمرأة والطفولة، الأسرة، المجتمع والثقافة في 22 دولة عربية. وأضيف إليها القطاع الاقتصادي. أي كل شيء عدا السياسة. يروي دبلوماسي عمل في الجامعة العربية أن باكير تميزت بنشاطها واجتهادها في مجالات عملها، وكثيراً ما داعبها عمرو موسى قائلاً: «انت بتتكلميش في السياسة ليه؟» فتجيبه: «خليت السياسة لك». بمنصبها كأمين عام مساعد للجامعة العربية للشؤون الاجتماعية، أكدت أهمية «مواجهة التحديات التي تواجه تطوير التعليم في الدول العربية»، موضحة أن تطوير التعليم «عملية مجتمعية شاملة ومركبة تقع مسؤولياتها على كل الأطراف الفاعلة من قوى اجتماعية وسياسية ومؤسسات حكومية ومنظمات مجتمع مدني وقطاع خاص». اتصل بها نادر الذهبي نهاية 2007 طالباً منها المشاركة في حكومته، وزيرة للثقافة، «تكليفاً وتشريفاً». «تجربتي في الثقافة كانت ممتعة، والعمل أقل وينصب على شؤون محدودة مقابل عملي السابق الضخم، وسخّرت خبراتي الإدارية في أن أقوم بواجبي». اتهمها مسؤول في حزب قومي «بأنها لا تمت للثقافة بصلة»، فيما يقول مناوئوها إنها «عجولة، لا تحتمل النقد وسريعة الغضب». يرى موظف كبير في وزارة الثقافة أنها «أخفقت» في إدارة الوزارة، رادّاً ذلك إلى «قراراتها المرتجلة التي كلفت فيها إداريين غير مثقفين، بعضهم يعوزه الخبرة، لتسيير أمور الوزارة»، في غمرة انطلاقة كبيرة بدأها الوزير السابق عادل الطويسي، كانت تتطلب «كفاءات حقيقية» على حد تعبيره. شُنّت حملة إعلامية عليها عقب التقاط صورة لها مع الفنان التركي كيفانش تاتليتوج، الذي قام بدور مهند في المسلسل الشهير، عندما التقته في منزل السفير التركي بعمان في حفل دبلوماسي. واحدة من الانتقادات القوية كانت من النائب حياة المسيمي حين قالت: «صورة وزيرة الثقافة مع ممثل يثير مسلسله انتقادات وجدلاً كبيراً خطأ وبالتالي جاءت محاسبة المجتمع لها قاسية بحجم الانتقادات الموجهة للمسلسل وللفنان». «تألمت جداً لما قيل، وقلت في حوار مع الدستور، لن أقبل الإهانة بأي ثمن، فمن الطبيعي أن أشارك في حفلات كل السفارات، وأتصور مع المسؤولين والفنانين، فأنا وزيرة ثقافة ولست وزيرة داخلية أو أوقاف». وتستذكر أن علاقات ربطتها في القاهرة مع فنانين من أمثال: حسين فهمي، ويسرا، وعادل إمام، وحسن يوسف وزوجته شمس البارودي، وكثيراً ما تصوّرت معهم. الحملة اتهمتها أيضاً بأنها تصورت مع مهند ولم تتصور مع فنانين أردنيين، رغم أن صورها مع عمر العبداللات، ومتعب الصقار، وروحي الصفدي، ومجد القصص ماثلة للعيان. يصفها مقرب منها بأنها «كتلة من النشاط والعمل والمثابرة، وفية، ومخلصة لعلاقاتها، ومن تثق به». حين انتقلت في التعديل الأخير إلى وزارة تطوير القطاع العام، بدرت عنها بادرة لطيفة، عندما وجهت رسالة تقدير إلى موظفي وزارة الثقافة الذين عملت معهم. تعمل في منصبها الحالي على التحديث الإداري، وتبسيط الإجراءات، وإعادة الهيكلة، وتمكين الموارد البشرية، والتأهيل، والتدريب للموظفين، وهي المفاهيم نفسها التي عملت عليها في وزارة التنمية الإدارية منذ عشر سنوات مضت. تمضي أجمل أوقاتها مع أبنائها، وحين تخلو لنفسها يروقها سماع فيروز، وأحياناً «نانسي عجرم» التي تحب شقاوتها، وتذكر أنها التقتها ذات سفر في مطار القاهرة مع رجل أعمالها جيجي لامارا، وتحدثت إليها وتصورت معها أيضاً.. |
|
|||||||||||||