العدد 69 - الملف | ||||||||||||||
سعد حتر
تحالفات قطر الخارجية وتناقضات تقاطعاتها (إسرائيل-حماس، أميركا-إيران) تلقي بظلالها على أجواء وفي المحصلة، قرارات القمة الدورية التاسعة التي ستستضيفها هذه الدولة الخليجية بعد أيام. على أن علاقة هذه الدولة الخليجية بإسرائيل تنفرد بإثارة العديد من التساؤلات، حيال مرامي دولة تحتضن قادة حماس في الخارج، وتطلق أعلى أصوات الإدانة ضد الدولة اليهودية. وصل الاحتجاج القطري ذروته في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي، حين دعت إلى قمّة طارئة - لم يكتمل نصابها بفعل معارضة مصر والسعودية - وذلك ردا على الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزّة الخاضع لسيطرة حماس منذ ثلاث سنوات. على رأس جدول أعمال ذلك اللقاء - الذي حضره زعماء غير عرب في مقدمتهم الرئيسان الإيراني أحمدي نجاد، والفنزويلي هوغو شافيز- برزت محاولة تعليق مبادرة السلام، المرتكزة إلى مقايضة الأرض العربية المحتلة منذ 42 عاما بالسلام مع إسرائيل. إجهاض المبادرة يخدم اليمين الإسرائيلي المتطرف، وفي البال إقدام رئيس الوزراء الأسبق آريئيل شارون، على اجتياح جنين عقب إعلانها في قمة بيروت 2002، قبل أن يعاد إحياؤها في الرياض 2005. الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر الدولة الخليجية الوحيدة المرتبطة بعلاقات تجارية وتمثيلية معلنة مع إسرائيل، أعلن آنذاك أنه سيطلب منها إغلاق مكتبها التجاري في الدوحة وسحب موظفيها منه إلى أن «يتحسن الوضع». الدوحة أعلنت بعدئذ عن إغلاق المكتب، لكن بعيداً عن أنظار المراسلين وكاميرات وسائل الإعلام، بمن في ذلك مراسلو «الجزيرة» وكاميراتها. تل أبيب كانت هددت باتخاذ اجراءات ضد مكتب القناة القطرية، لكن لم يرشح شيء عن هذه الإجراءات. يرى الكاتب الإسرائيلي جاكي حقّي في تحليل لصحيفة «معاريف» أن قطر أقامت علاقات مع إسرائيل «لسببين؛ جذب اهتمام الأميركيين أكثر وأيضاً كجزء من سياسة القصر المتصلة بجمع أوراق تأثير في لعبة التوازنات الإقليمية». بعد أيام من زيارة وزيرة الخارجية ليفني إلى الدوحة ربيع العام الماضي وتجوالها في محطة الجزيرة، أطلقت السلطات الأميركية سراح مصور هذه المحطة سامي الحاج من معتقل غوانتانامو بعد أربع سنوات من الاحتجاز. حقّي يلاحظ أن «تحالف قطر مع سورية وبناءها علاقات جيدة مع إيران الآن «سبقه علاقات وطيدة مع عراق صدام حسين» قبل أن يطيح به الأميركيون في ربيع 2003. في المقابل، يتمسك القطريون بعلاقات تحالف مع الولايات المتحدة وانفراد في علاقة تجارية مع إسرائيل. مع ذلك يرى كاتب معاريف أن تلك العلاقة «لم تكن على مستوى رفيع» منذ بدأتها حكومة شيمون بيريز العام 1996. سبق لقطر أن أعلنت عن إغلاق مكتبها التجاري مؤقتا في تشرين الأول/أكتوبر 2000، بعد شهر من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية. لكنّها سمحت للبعثة الإسرائيلية بالبقاء رسمياً في الدوحة، «بشرط انخفاض مستوى التمثيل»، حسبما يستذكر كاتب معاريف. كان القطريون يعاملون ممثلي «البعثة التجارية» بازدواجية. «فأحياناً كانت الحكومة تدعوهم إلى مناسبات رسمية، وترفض في أحيان أخرى دعوتهم بدعوى أنهم ليسوا ضمن سفارة بل بعثة تجارية». يرى الكاتب الإسرائيلي أن «الجزيرة» تشارك الحكومة القطرية في «لعبة الأوراق الإقليمية»، فهي «تواصل الهجوم على السياسات الأميركية، لكنها قلما تنتقد سورية». يعتقد حقّي أنه كان من الأفضل لإسرائيل «قطع علاقاتها مع قطر وأن لا تظهر كشريك من الدرجة الثانية لها وعلى الساحة العربية». ويشرح بأن إسرائيل «لم تستفد كثيراً من افتتاح مكتب لا يفعل شيئاً سوى قراءة الصحف والوجود هناك». تعود أسس العلاقات المعلنة بين البلدين إلى قمّة عمان الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي سعت لقطف ثمار السلام، بعد عامين من إبرام معاهدة سلام بين إسرائيل والأردن - لتصبح الثانية بعد مصر على هذا المضمار. تصرف قطر آنذاك آثار انتقادات وزير الخارجية المصري عمرو موسى، حاليا أمين عام الجامعة العربية، الذي استهجن «هرولة» بعض الدول العربية لبناء علاقات مع إسرائيل قبل اكتمال حلقة السلام الشامل بمشاركة سورية ولبنان. مذ ذاك تبادل البلدان الزيارات ودعمت إسرائيل مسعى قطر في الحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن. تفرع عن العلاقات السياسية والتجارية تواصل مجتمعي داخل إسرائيل، لاسيما تجمعات الفلسطينيين الذين يقدر عددهم بمليون و250 ألف نسمة. فقبل أشهر، تبرعت قطر بستة ملايين دولار لبناء مجمع رياضي في بلدة سخنين ذات الأغلبية العربية في إسرائيل. في مقالة تحت عنوان «قطر تتحدى أميركا بحماس» نشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الموالي لإسرائيل، يدعو الكاتبان سايمون هندرسون، وماثيو ليفيت، إدارة باراك أوباما للاهتمام بقطر، مقر أهم مركز للقيادة العسكرية الأميركية وكبرى القواعد الجوية في المنطقة. ويرى الكاتبان أن غموض علاقات قطر الخارجية واحتضانها قادة الحركة الإسلامية الفلسطينية الموالية لإيران، يعرقلان السياسات الأميركية حيال إيران، وعملية السلام في المنطقة، ما يشكل تحديّاً للولايات المتحدة وسياساتها في المنطقة. يلفت هندرسون وليفيت إلى أن افتتاح مكتب للتمثيل التجاري إسرائيلي في الدوحة، التي زارتها العام الماضي وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني ساهم في تعزيز العلاقات الأميركية - القطرية. في الأثناء، تواصل قطر اللعب على التناقضات بين استضافتها كبرى القواعد الأميركية في المنطقة، ومدها الجسور مع إسرائيل، وبين انضمامها إلى معسكر «الرفض والممانعة» إلى جانب إيران وسورية، ومن بعدهما حزب الله في لبنان وحماس في غزة. |
|
|||||||||||||