العدد 69 - أردني
 

منصور المعلا

تلكؤ البنك الدولي على مدى 15 عاماً، في توفير السيولة اللأزمة لتنفيذ دراسة الجدوى الاقتصادية والأثر البيئي لمشروع ناقل البحرين، دفع الحكومة الأردنية إلى إعلان نيتها إقامة المشروع بشكل منفرد.

وزارة المياه انكبّت على دراسة الجدوى الاقتصادية والأثر البيئي للمشروع، بعد توقيع الاتفاقية ما بين الأردن والبنك في أواسط العام 1995، إلا أن الدراسة لم تنطلق إلا في أوائل حزيران/يونيو 2008، وفي ظل هذا البطء اضطرت الحكومة للتعجيل في عمليات إنشاء المشروع الذي لن يتم في حال بقي أسيراً لتعقيدات البنك، بحسب مصدر مسؤول في وزارة المياه فضّل عدم نشر اسمه.

يسهم مشروع ناقل البحرين في توفير الطاقة اللازمة لتبريد المفاعل النووي المزمع إنشاؤه بمقربة من البحر الميت، حيث سيتم الاستفادة من الطاقة الناتجة عن المشروع في تشغيل محطات التحلية، ووقف تدهور منسوب البحر الميت الذي ينخفض مترا واحدا سنويا، وسجل انحسارا من 395 مترا تحت سطح البحر إلى 422 مترا، في حين من المؤمل أن يرتفع المنسوب إلى حوالي 315 مترا إذا ما تدفقت إليه مياه البحر الأحمر.

ويوفر المشروع في حال تم إنجازه حملاً كهربائياً يسهم بتغطية ما نسبته 25 في المئة من الاحتياج الوطني للطاقة الكهربائية.

وزارة المياه بررت الانطلاق بمراحل المشروع بشكل منفرد، بقولها إن الدراسات المستقبلية في ظل شح الموارد المائية والزيادة السكانية، بينت أن الموازنة المائية في تناقص مستمر، وأن مشروع جر مياه الديسي ما هو إلا حل مؤقت، إذ لن يوفر سوى 25 في المئة من حاجة البلاد المائية، فيما يبقى الخيار الوحيد هو «ناقل البحرين»، على ما يروي المصدر.

كشف المصدر أن وزارة المياه والري انتهت من وضع التصورات الجديدة لمخططات المشروع، بعد أن أخذ الأردن الأحقية به من إسرائيل.

كان الجانب الإسرائيلي وضع مخططات لإنشاء المشروع بنقل مياه من البحر المتوسط، حيث تم قبول المشروع الأردني، لحاجة الأردن الماسة إلى المشروع.

الاندفاع لتنفيذ المشروع يعززه شعور الأردن، أن أمنه الوطني في مجال المياه، في حالة «خطر» إذا لم يتم تنفيذ المشروع خلال العقد المقبل.

وزارة المياه لن تهمل الدراسة الحالية التي يتم إجراؤها مع البنك الدولي، حيث سيتم الاعتماد عليها كوثيقة تبين الفوائد الاقتصادية للمشروع، والمخاطر التي تواجه بيئة البحر الميت، في حال استمر جفافه والمقدر بمتر واحد سنويا، وخطر زواله العام 2050.

أمين عام وزارة المياه ميسون الزعبي، بينت أن مصر ترى في المشروع الأردني «خطراً» وترفض تنفيذه، رغم أن الأردن شرح مراراً للجانب المصري أن المشروع «عبارة عن أنبوب لنقل المياه».

الزعبي كشفت أن وفداً مصرياً سيقوم قريبا بزيارة للأردن، للاطلاع على نتائج دراسة الجدوى الاقتصادية والأثر البيئي للمشروع، حيث ستقوم الوزارة بتجفيف المخاوف المصرية، من أثر المشروع على بيئة خليج طابا، وبيان أن المشروع سيكون أردنياً بالكامل وعلى الأراضي الأردنية.

بحسب الزعبي، فإن مخططات المشروع القديم، هي نفسها التي سيتم الاستفادة منها في توليد الطاقة والتحلية، والتي تم إنجازها بالتعاون مع شركة  استشارية أميركية، مبينة أن الأردن أدرك أن إمكانية تنفيذ المشروع بالتعاون مع البنك الدولي «صعبة جدا».

المشروع الجديد يتكون من أنبوب بطول 180 كم، يمتد من خليج العقبة إلى البحر الميت، ويوفر ما يقارب ملياري متر مكعب من المياه سنويا، ومن ثم سيتم إنشاء أنبوب آخر لضخ المياه إلى عمّان بعد تحليتها، وبكلفة إجمالية تصل إلى 10 مليارات دولار.

إلا أن أمين عام سلطة وادي الأردن موسى الجمعاني نفى أن يكون لديه أي علم بالمشروع الجديد، مبيناً أنه يجتمع شهرياً مع اللجنة التوجيهية لـ«ناقل البحرين»، التي يشترك فيها كل من الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل والبنك الدولي.

الجمعاني أوضح أن الدراسات التي يجريها البنك الدولي بينت إمكانية مد أنبوب ناقل، أو بناء قناة إسمنتية بعد رفع المياه إلى ارتفاع زائد 150 مترا.

إلا أن الزعبي عادت وأكدت أن الأردن يسعى إلى إنجاز مشروعة الخاص لتنفيذ ناقل البحرين بعد 7 سنوات من الآن.

في السياق نفسه، تعكف لجنة فنية حكومية على إعداد مشروع قانون خاص لقناة البحرين، بحسب مصدر حكومي فضل عدم نشر اسمه.

وأضاف المصدر أن الحكومة ارتأت وضع قانون خاص لقناة البحرين بعدما أثبتت البدائل المتاحة عدم جدوى ذلك، حيث كان هناك خياران: إما ضمها لقانون منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، أو لقانون سلطة وادي الأردن.

ويغطي المشروع احتياجات المملكة من المياه بنحو 570 مليون متر مكعب من المياه العذبة سنوياً، إضافة إلى 300 مليون متر مكعب لأغراض الري.

ويتكون المشروع من أنبوبين ضخمين قطرهما نحو 4 أمتار، يتم بوساطتهما سحب مياه من البحر الأحمر بمسافة 12 كيلومترا، لترفع بالضخ إلى منطقة مرتفعة بحدود 150 مترا عن سطح البحر، ومن ثم تتم إسالة المياه من هذا الارتفاع إلى منطقة البحر الميت ليصبح الفرق نحو 500 متر.

ولم يلق المشروع الأردني معارضة من الجانب الإسرائيلي، كما أبدت الشركة الأميركية «هرزا» المشرفة عليه، حماسة للفكرة، وبخاصة أن الأردن بحاجة ماسة إليه لإنقاذ موازنته المائية التي تعدّ الأفقر في الإقليم.

تنفيذ المشروع سيتم بالتشارك مع القطاع الخاص، من خلال ائتلاف بين الأطراف المشاركة وشركات المقاولات والشركات الموردة للأنابيب، إضافة إلى مشاركة الأطراف المساهمة في عملية إدارة المشروع، والشركات الاستثمارية الراغبة في تنفيذ مشاريع في منطقة وادي الأردن الذي سيتم تحويله الى منطقة تنموية.

غير أن وزيراً سابقا للمياه فضل عدم كشف هويته، بين لـ«السجل» أن إعلان وزارة المياه نيتها إجراء المشروع بعيداً عن البنك الدولي، سيعرض الدراسة الحالية التي يتم إجراؤها بالتوافق مع الأطراف المشاطئة للبحر الميت، إلى «الخطر».

وأوضحت مصادر في وزارة المياه أن خرائط المشروع الجديد، تتضمن مشاريع استثمارية سياحية وزراعية، إضافة إلى توفير كميات هائلة من المياه التي ستسهم في تبريد المفاعل النووي المزمع إنشاؤه على مقربة من البحر الميت لإنتاج الطاقة اللازمة لتحلية المياه، بحيث تكون المياه المحلاّة من المشروع متوافرة بالكامل للجانب الأردني. ولم تستبعد المصادر بيع جزء من هذه المياه إلى الجانب الإسرائيلي إذا ما رغب في ذلك.

وزارة المياه تؤكد وسلطة وادي الأردن تنفي الاستغناء عن “البنك الدولي” لإنقاذ الأمن المائي الوطني
 
26-Mar-2009
 
العدد 69