العدد 68 - كاتب / قارئ
 

تعقيباً على ما جاء في التحقيق المطوّل الذي نشرته «السجل» (العدد 67)، بقلم عطاف الروضان، حول واقع المرأة في الأردن، أود أن أتوقف عند موضوع بالغ الأهمية تعاني منه فئة كبيرة من النساء في الأردن، هي فئة السيدات العاملات.

ما زلنا نبحث عن الحقيقة وراء استمرار معاناة النساء، وتعرضهن للقمع وسلب الحقوق التي كفلتها الأديان، وأضاعتها الثقافات الرجعية البالية التي يؤمن بها أناس عاديون أحياناً، ومتنفذون وصناع قرار أحياناً أخرى.

مثال ذلك حرمان المرأة العاملة من الاستفادة من راتب زوجها التقاعدي بعد وفاته، في صورة فاقعة تكشف عن ظلم وتمييز لا تقوى المرأة على التخلص منهما، نظراً لتضافر قيود اجتماعية وقانونية لا أساس لها.

التبرير لهذا المنع: أن المرأة العاملة لها راتب خاص بها، وفي حال كانت قيمته أكثر من حصتها من راتب زوجها المتوفي، فإنها تختار الراتب الأعلى. التبرير وإن كان شكلياً مقنع، لكنه عملياً أبعد ما يكون عن ذلك، ويدفعنا نحن النساء اللواتي أفنينا أعمارنا مقسمة بين واجبات البيت والعمل، إلى طرح سؤال مؤرق ومقلق لا يحس به إلا من عايشه: ألا يكفي المرأة أنها فقدت شريكاً ومعيلاً، وأصبحت بعد وفاته أرملة، تقع على عاتقها مسؤولية كاملة عن كل شيء في حياتها وحياة أولادها؟!

أمَا تعبت المرأة وكافحت حتى حصلت على راتبها الخاص، وكدّت سنيناً طويلة، قضتها في الخدمة العامة، للحصول على دخل خاص بها. ناهيك عن خدمة الزوج والأولاد والبيت، والتضحية بأوقاتها واحتياجاتها الخاصة في سبيل إرضاء الجميع إلا نفسها؟.

راتب الزوج بعد وفاته أصبح بمثابة الإرث الشرعي للزوجة، فلمَ لا تستحقه؟!.

أقول لمن تقع على عاتقهم مسؤولية التشريع، وبخاصة السيدات النواب، ومن يتصدون للنهوض بواقع المرأة وإشراكها بالتنمية: لو كان الزوج ما زال على قيد الحياة حتى مئة عام، هل يُمنع من الراتب؟ ويقال إن هناك جمعاً بين راتبين له ولزوجته. طبعاً لا، وستبقى مسؤوليته في أن يدعم زوجته، ويساهم وينفق على بيته وأولاده.

فلماذا تُحرم المرأة من هذا الحق بعد وفاة زوجها؟ لا نستبعد في المستقبل أن يخرج «متفذلك» جديد، ويقول: من ترث من أبيها لا ترث من زوجها!.

أين حقوق المرأة، وأين جهود حمايتها من التعنيف، وحرمانها من فرصة العيش بكرامة، بدل تركها تعاني شظف العيش؟! فمستوى الرواتب التقاعدية الآن لا يكفي للتصدي للارتفاع الحاد في تكاليف المعيشة.

صحيح أن هناك جهوداً من مؤسسات أهلية، بخاصة من اللجنة الوطنية لشؤون المرأة في هذا الإطار، لكن هذه الجهود، ما زالت تنتظر مبادرة تشريعية وحكومية للإفراج عن نتائجها.

والسؤال الكبير: لماذا ما زلنا نحتفل بيوم المرأة العالمي، والنساء في بلدي يعانين صنوف التمييز وانتهاك الحقوق كافة؟!

رباب العبادي

تمييز آخر ضد المرأة
 
19-Mar-2009
 
العدد 68