العدد 68 - ثقافي
 

مراجعة: كالفن آلن*

نشر حسين غباش، سفير الإمارات العربية المتحدة إلى اليونسكو، هذا العمل أصلاً بالفرنسية العام 1998. وفي دراسته لعُمان في الفترة من منتصف القرن الثامن عشر وحتى القرن العشرين، يجادل غباش في أن تاريخها وثقافتها قد تبلورت بوصفها ديمقراطية إسلامية قائمة على مبادئ الشورى (الإمام المنتخب)، والسيادة كما عرفتها النظرية العبادية السياسية.

يتألف الكتاب من قسمين: «دولة الإمام من تأسيسها وحتى النظام الاستعماري البريطاني»، و«من التحدي الاستعماري إلى الاستجابة الإمامية».

يبدأ القسم الأول بنظرة شاملة على التاريخ العُماني من العصور القديمة، وحتى العقيدة العبادية وإمامية القرون الوسطى؛ حقبة السيطرة البرتغالية على الساحل، مع ذكر للتدخلات الهولندية والفرنسية في عُمان؛ والحقبة اليعربية بوصفها مثالاً للدولة العبادية في بداية العصور الحديثة؛ وتأسيس دولة البو سعيد وتحولها من نظام الدولة الإمامية إلى السلطنة. وينتهي هذا القسم بفصل عن «ساحل عُمان» (تقريباً دولة الإمارات العربية المتحدة)، الذي يركز على انفصالها عن عُمان في أواسط القرن الثامن عشر، إلى الحماية البريطانية العام 1981، مع خلاصة مختصرة جداً.

يبدأ القسم الثاني بمناقشة للملامح العامة للتاريخ العُماني الحديث، بفصول عن العلاقات العُمانية مع شرقي إفريقيا من العصور القديمة وحتى الإعلان البريطاني الفرنسي للعام 1862، الذي يعترف باستقلال السلطنات المنفصلة لمسقط وزنجبار، والأحداث المحيطة بالثورة وحكم الإمام عزان بن قيس البوسعيد، وحكم السلطان فيصل بن تركي (1888 – 1913)، وصراع عُمان بين الاستقلال والهيمنة العُمانية، والنهضة العبادية في القرن العشرين، وما تلا ذلك من تقسيم لعُمان إلى إمامية وسلطنة تحت السيطرة البريطانية في مسقط، و«ثورة 1955 – 1964» والأحداث المحيطة بإعادة توحيد عُمان على أيدي السلطان سعيد بن تيمور آل سعيد. وتتلو الفصل الثاني خلاصة عامة. وتقدم الملاحق قائمة بالأئمة وسادة/سلاطين البوسعيد، وتسلسلا لأشجار العائلة الأربع للبوسعيد وثبتا بالعبارات العربية.

ما يقدمه لنا غباش مسح عام، إلى حد ما، للتاريخ العُماني من العصور القديمة وحتى اعتلاء السلطان قابوس سدة الحكم العام 1970 مع تركيز على فترات مختصرة من الحكم الإمامي، وبخاصة منذ الفترة الحديثة الأولى. وبينها يخصص غباش وقتا مماثلا للتاريخ غير الإمامي والعلاقات الدولية، وهو منهج يعترف به في المقدمة العامة، حيث يعلن الكاتب نيته «دراسة ورسم صورة للتاريخ السياسي العُماني عموما» (ص 11). وتلقى الفترة التشكيلية لتطور النظرية السياسية العبادية والإمامة العُمانية تغطية مختصرة، حيث يعترف غباش بالأصول الخوارجية للنظرية السياسية العبادية، لكنه يركز أكثر على مثال الخلفاء الراشدين. ويبدأ نقاش «التقليد الديمقراطي الإسلامي» بوصف حكم الإمام سلطان بن مرشد اليعربي (1624 – 1649) (ص 55 – 62)، والأحداث التي وقعت خلال السنوات الخمسمئة التالية لآخر فترة مؤثرة من الحكم الإمامي. ثم تختفي الإمامية لمدة 200 سنة أخرى حتى قيام «الثورة» وفترة الحكم القصيرة للإمام عزان بن قيس البوسعيد (1868 – 1871)، (ص 122 – 35). والمثال الثالث (والأخير) للديمقراطية الإسلامية يأتي خلال الفترة الطويلة نسبيا بين العامين 1913 و 1965، أو الحكم الإمامي لسالم بن راشد الخروسي ومحمد بن عبد الله الخليلي، وغالب بن علي الحنائي، حيث كان وصف فترتي حكم الأول والأخير بأنهما «ثوريتان»، الأول بسبب نجاحه في إعادة تأسيس دولة إمامية مستقلة في الداخل العُماني، والأخير بسبب نضاله ضد السلطان سعيد بن تيمور البو سعيد وجهوده الناجحة في إعادة توحيد عُمان. ومن المدهش، في ظل النقاش بأن الديمقراطية الإسلامية هي مبدأ محدد للثقافة العُمانية، أن يؤكد غباش أن الحكم الإمامي «هو اليوم مؤسسة عفا عليها الزمن» ولم تعد «البديل التاريخي الذي كانت عليه يوما، وأن دورها السياسي لم يعد يفي باحتياجات المجتمع العُماني المعاصر» (ص 202).

في موضوعته وتنظيمه، يقترب هذا الكتاب من كتاب جون ولكنسون التقليد الإمامي في عُمان (منشورات جامعة كيمبردج). ويميل ولكنسون إلى أن يكون أكثر التزاما بالموضوع في مناقشته للأحداث حتى العام 1913، ويشدد على أهمية «القبيلة» على المثال السياسي العبادي بالنسبة للسياسة العُمانية؛ غباش أكثر التزاما بالتسلسل التاريخي في منهجه، ورغم أنه يعترف بأهمية القبيلة، فإنه يركز على المثال «الديمقراطي الإسلامي». ويتوازى الكتابان بالنسبة لأحداث القرن العشرين، من حيث تشخيصهما لأفعال الإمامين الخروسي والحنائي بوصفها «ثورات». لكن ولكنسون يقوم بعمل أفضل في ما يتعلق بأثر النفط على إعادة التوحيد، ويقدم غباش معلومات جديدة حول مناقشات الجامعة العربية والأمم المتحدة لـ«المسألة العُمانية». ويتفق الاثنان على أن التقليد الإمامي لم يعد قابلا للحياة، وفي رأي مراجع الكتاب أن ولكنسون كتب العمل الأفضل.

يمكن للمرء أن يجد دائما خطأ في المراجع، وأنا أحاول تجنب نصيحة أحد المشرفين على تخرجي بأنك إذا فعلت ذلك، فإنها سوف تكون «طلقة رخيصة». وعلى أي حال، فإن غباش يؤكد أن «متطلبات الموضوعية والمنهج قادتنا إلى خيار اللجوء إلى مراجع متنوعة، لم تكن في معظمها مستخدمة كثيرا أو حتى معروفة؛ بينها الإرشيفان البريطاني والفرنسي، اللذان يستخدم معظمهما للمرة الأولى» (ص 11). وهذا تصريح صارخ، لكنه عموماً غير صحيح، فهنالك بعض المراجع في الإرشيفين البريطاني والفرنسي لم تكن قد استخدمت من قبل، ومع أن غباش استخدم العديد من المراجع العبادية الخاصة بوزارة التراث الوطني العُمانية، فعلى المرء الرجوع إلى كتاب ولكنسون للحصول على قائمة أكبر من المراجع الأولية، من عُمان وشمال إفريقيا، التي ما تزال مخطوطات. ومع أن منشورات صدرت أخيراً، فإن الأبحاث التي اعتمد عليها الكتاب قد توقفت مع العام 1991 تقريباً، ولكن هنالك كتب مهمة أخرى نشرت قبل ذلك التاريخ، يبدو أنها لم تستخدم، وعلى رأسها كتاب باتريشيا ريسو عُمان ومسقط: تاريخ حديث مبكر (نيويورك، سانت مارتنز 1986، ويدور حول الفترة الأولى من حكم البوسعيد، وكتاب زامل الراشد العلاقات السعودية مع شرق الجزيرة العربية وعُمان، 1800 - 1870 (لندن: لوزاك وشركاه، 1981) وكتاب إدوارد هندرسون هذا التاريخ الغريب المليء بالأحداث (لندن: منشورات كوارتيت، 1988)، حول أحداث الخمسينيات.

أخيراً، فإن محرري غباش ومترجميه لم يخدموه جيدا، فهنالك العديد من عدم الاتساق في نقل الكلمات المترجمة، فمرداس بن عدي التميمي (ص 19) يصبح مرداس ابن عدايات التميمي (ص 27)؛ وكلمة ابن ترجمت في صورة عشوائية تقريبا (انظر صفحة 27، حيث إن ابن وبن والحرف بي، مستخدمة كلها في الصفحة نفسها)، وفي حالة كاتب اليوميات السعودي ابن بشر، فإنه يصبح (بن بشر) (ص 83)؛ - وعمرو بن العاص يصبح طوال الكتاب عمر؛ والانتخابات التي استقطبت نزاعاً شديداً لأحمد بن سعيد البوسعيد تصبح أكثر تعقيدا حين يصبح أحد المنتخبين؛ حبيب بن سالم الأم بوسعيد، البوسعيد (ص 69)، كما أن خطأ في الترجمة سيقود إلى الاعتقاد أن المنتخب والإمام من القبيلة نفسها. وتحول المترجمة تيرتون «قوة مسقط وعُمان الميدانية» إلى «قوة تضاريس مسقط وعُمان» (ص 181). وأنا لا أعني البحث عن الأخطاء، فهذه ليست القائمة الكاملة بها، لكن أخطاء مثل هذه تربك القارئ حقاً، وبخاصة غير الملمين بالعربية أو التاريخ العربي الإسلامي لعُمان.

وعموماً، فإن غباش قدّم لنا مسحاً عاماً مفيداً للتاريخ السياسي لعُمان يركز على التقليد العبادي.

*عميد كلية الفنون والعلوم، جامعة شيناندوا، وينتشستر، فيرجينيا.

بالتعاون مع:

المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط

International Journal of Middle East Studies

مسح مفيد لتاريخ عُمان السياسي
 
19-Mar-2009
 
العدد 68