العدد 68 - حريات
 

ميسون برهومة

كتب وأوراق وملفات ودفاتر ملاحظات، تتراكم على طاولات ومكاتب طلبة الجامعات، مصدرها رفوف دور النشر والمكتبات التي تنشط في التجارة بأوراق العلم، ويلاحظ أن معظم الكتب والمراجع وأوراق العمل التي يحددها أساتذة الجامعات، يكون كل منها محتكراً على مكتبات بعينها، كأماكن «بيع متخصصة»، فإذا تمرد أحد الطلبة ولم يشتر أوراق المادة، فإن عليه انتظار التقريع من أستاذه، وأن يتحسب لعلامته ونجاحه.

قد يكون في الاطلاع على أكثر من مرجع، ما يغني المعرفة العلمية لدى الطالب، لكن الهدف الأساسي لهذا الأسلوب الذي يتبعه «بعض» الأساتذة، هو الربح التجاري الذي يتنافى في جوهره مع الغاية المعرفية.

يشكو الطلاب من أن هذا الأسلوب لا يتيح لهم الحرية في اختيار مراجع المواد التي يدرسونها، وأنه يجبرهم على تعاطي مراجع محددة ، وكذلك على التعامل مع محل تجاري بعينه.

محمد فضل، طالب في مستوى السنة الثانية بقسم الرياضيات في الجامعة الأردنية، يؤكد أن أستاذ إحدى المواد يكرر أوراق العمل والأسئلة التدريبية التي يمكن اختصارها بمرجع واحد، كون المسائل كلها واحدة، ويقول: «بالنسبة لي لا أشتري هذه المواد ولا أصورها، لأن الطالب يمكن أن يدرسها من خلال مواده الأخرى، فهي مجرد تكرار».

محمد عجالين، طالب في مستوى السنة الثالثة تخصص علم المجال بجامعة مؤتة، يقول إن أستاذ إحدى المواد يقسم المادة على مدار الأسبوع، بحيث يكون لكل محاضرة مرجع، ويضيف: «نحن في النهاية لا ندرسه كله بل أجزاءاً منه، وأحيانا يكون كل موضوع من مرجع مختلف. وبصراحة كلها تكرار لما أخذناه في السنوات السابقة، والدكتور لا يقتنع بذلك بل يصر على أن الجميع يجب أن يشتري أوراق المادة».

سناء عبد الخالق، طالبة في مستوى السنة الثانية بقسم التاريخ في الجامعة الأردنية، ترى أن مراجع مادة التاريخ محددة ومعروفة، غير أن الأساتذة «يكررون المراجع ويكون علينا الحصول عليها من المكاتب ودور النشر.. كل هذا لا داعي له ويكفي أن نقرأ من كتب المكتبة من دون حاجة لشراء الكتب والتقارير بهذا الشكل».

في جامعة البلقاء التطبيقية، الأمر مشابه. هذا ما تشير إليه منى الشيخ، طالبة في مستوى السنة الثالثة تخصص محاسبة، موضحة: «أفضّل أن يعطينا أساتذة المواد موادهم المطلوبة من خلال المحاضرات، لا من خلال المراجع التي لا تنتهي وأوراق العمل الكثيرة التي يطلبونها دائماً، لأن ذلك مكلف ومشتت أيضاً».

أحمد المازن، طالب في الجامعة نفسها، تخصص السنة الثالثة، يؤكد ما ذهبت إليه زميلته: «المراجع التي يطلبها الأساتذة مكررة، والمؤسف أننا أحيانا نشتري مرجعاً ثم يغيره الأستاذ بحجة أنه لا يحتوي المادة المطلوبة كاملة».

الطالبة في جامعة اليرموك، قسم الكيمياء أسماء خوري، تلقي الضوء على أبعاد جديدة: «الكتب والمراجع المطلوبة عديدة ومكلفة، وأحياناً كثيرة يحددها الأستاذ بمكتبة معينة تكون له أو بينها وبينه صفقة، لذلك يدقق الأستاذ على التحضير والمشاركة، ولا نستطيع أن نحصل على هذه المراجع من الطلبة السابقين، لأن الأستاذ يحرص على تغييرها من مرة لأخرى، تخيلوا أنني درست إحدى المواد مرتين، وفي كل مرة كانت المراجع مختلفة».

قد يكون أصحاب المكتبات ودور النشر التي عادة ما تحيط بالجامعات، معذورين، فهم إنما يطمحون للربح المالي. تقول عالية سليمان، موظفة في إحدى المكتبات عند باب جامعة مؤتة: «نحن هنا في المكتبة نصور الورق والمناهج الجامعية العامة، وكثيراً ما يجري اتفاق بين المدرّس والمكتبة بحيث لا يتوافر المرجع سوى في مكتبة واحدة». أما من أين يأتي الأستاذ بتلك المراجع، فتقول إن أكثر المراجع تكون مجمّعة من عدة مصادر.

هل ما يجري مبرر بالنسبة لها؟ تقول عالية إن «صاحب المكتبة يحتاج الربح، والطالب يمكن له أن يتزود بالمادة من أصدقائه والطلاب السابقين، بصراحة أجد بعض المواد مكررة ولكن يوضع على غلاف الكتاب اسم مختلف، وأحيانا نجد أن الدكتور يغير المراجع وأوراق العمل من فصل لآخر».

صاحب المكتبة يربح لأنه تاجر، والأستاذ يزيد دخله، ولعله يحتاج ذلك، فيما يدفع الطلبة الثمن من مستواهم التعليمي، قبل أن يدفعوه من أموال معيليهم.

التجارة بمراجع تدريس مكررة: أساتذة يتفقون مع مكتبات وطلبة “يدفعون”
 
19-Mar-2009
 
العدد 68