العدد 68 - اعلامي | ||||||||||||||
جهاد عواد باستثناء «العرب اليوم» شنت ثلاث يوميات هي: «الرأي»، و«الدستور»، و«الغد»، في أعدادها الصادرة السبت 14 آذار /مارس الجاري، هجوماً عنيفاً على الصحفي المصري محمد حسنين هيكل، عقب حلقة بثتها فضائية «الجزيرة» مساء الخميس 12 آذار/مارس، ضمن برنامج، «مع هيكل تجربة حياة»، خصصها للحديث عن الأردن وقيادته في حلقة جاءت تحت عنوان «عقد نفسية قادت ملوك الأردن إلى إسرائيل». تحدث هيكل في الحلقة عن تحليل «نفسي لمكونات شخصية كل من الملك عبدالله الأول، والملك طلال التي صاغتها الأحداث السياسية، والعائلية التي عاصرها الملكان». الرد على هيكل بدا منظماً عبر الصحف الثلاث، وإن تم إنكار مثل هذا الأمر من هيئات تحرير إداراتها، التي اعتبرت أن «الحلقة المستفزة»، هي التي أدت لتلك الردود، وفق مدير تحرير يومية رفض الإدلاء باسمه. الردود على الكاتب المصري كانت «نقدية» دون الدخول في تفنيد المغالطات التاريخية التي تحدث عنها هيكل في حلقته التلفزيونية، وجمعها القسوة في الرد والشخصنة، باستثناء مقال محمد أبو رمّان، الذي طالب بأن يكون للأردن ماكنة إعلامية على شاكلة هيكل تقوم بتوضيح مواقف الأردن التاريخية والحاضرة، وخلت الردود من مناقشة الأفكار الواردة في الحلقة التلفزيونية والتي حملت «ظلماً وتجنياً» حسب الصحفي خالد محادين الذي عمل مستشاراً في الديوان الملكي في عهد الملك الراحل الحسين، ومديراً عاماً لوكالة الأنباء الأردنية، على مواقف الملك عبدالله الأول، والملك الحسين، ولذلك ربما خلت الردود من البحث في القضايا كافة التي تناولها هيكل في حلقته تفنيداً، دون أن تنزل لمستوى الشخصنة. الردود في غالبيتها بدت عاطفية، ولم تتقصِ ما قاله هيكل، في إطاره التاريخي، إذ لم تكن الصهيونية آنذاك بالحجم الذي هي عليه اليوم، ولم تكن الدولة العبرية قائمة. الملفت للنظر أن كل ما كتب باستثناء النائب خليل عطية، كُتب عبر كُتّاب صحفيين وليس عن طريق مؤرخين على دراية بتاريخ الأردن الحديث للرد على مغالطات وردت في الحلقة الاستفزازية. لوحظ أن يوميتي «الرأي»، و«الدستور» ردتا على هيكل من خلال زاوية «المحلل السياسي» التي تلجأ إليها الصحيفتان عندما تريدان توضيح موقف ما، أو الرد على مواضيع متعلقة بالدولة أو بأمور كبرى، كما تركت «الرأي»، لكُتّابها حق الرد على هيكل كل وفق رؤيته الخاصة، وأفسحت في المجال للنائب خليل عطية للكتابة على صدر الصفحة الأولى من الجزء الثاني لليوم التالي (الأحد). أما يومية «الغد» التي تغيب فيها زاوية «المحرر السياسي»، فإنها أوكلت مهمة الرد لاثنين من كُتّابها، بينما لم تظهر في يومية «العرب اليوم» حتى يوم الأحد أية ردود ذات صلة بالموضوع. مدير تحرير «العرب اليوم» الزميل فهد خيطان، يعلق عن ذلك بالقول: «جوهر المسألة أن من كان يجب أن يتصدى للرد هم المؤرخون وليس الصحفيين». ويتابع الخيطان: «لا يمكن أن تناقش وقائع تاريخية كان الملك المرحوم الحسين يتحدث بها بالتفصيل وتم نشرها عبر أكثر من مؤلف، الرد ليس في تفنيد لوقائع، وإنما كان يجب شرح ما كان يجري بالفعل في الاتصالات التي تم الإشارة إليها عبر الحلقة مع الإسرائيليين، وهذا يجب أن يدافع عنه المؤرخون وليس الصحفيين (...) في المحصلة هل قدّم الأردن تنازلات، الجواب قطعاً لا وإسرائيل عرضت عروضاً مغرية على الملك الراحل ورفضها جميعها». وحول ما تم نشره في يوميات يعلق خيطان قائلاً: «ما شهدناه عبارة عن «ردح إعلامي» وليس نقاشاً سياسياً عقلانياً وشهدت غياب للمؤرخين عن المشهد وغياب لرجال الدولة الذين عاصروا الملك في مراحل تاريخية». محلل «الرأي» السياسي كتب رداً على هيكل، موضوعاً مطولاً على صدر الجزء الثاني من الصحيفة وفي أعلى يسار الصفحة وبثلاثة أعمدة بعنوان «جناية هيكل وترهاته»، فيما تركت الأعمدة الثلاث الأولى من الجزء الأول في الصحيفة، لمقالتين الأولى بتوقيع خالد محادين، بعنوان «التاريخ هو ما يكتبه المنصفون»، فيما كتب عبد الله أبو رمّان مقالة أخرى، بعنوان «عندما يلعب الكوميديان دور المؤرخ». المقالات الثلاث في «الرأي» ذهبت المذهب عينه، عبر اتهام هيكل بـ«الكذب الفاضح» و«التطاول على الدور الأردني ونظامه». محلل «الرأي» السياسي قال: «مرة أخرى يعود محمد حسنين هيكل إلى الأضواء، بعد أن انحسرت عنه وغاب عن السمع والبصر، فاكتشف أن أحداً لم يعد بحاجة إلى خدماته، وهي في واقع الحال ليست خدمات بل أكاذيب وافتراءات، دأب هذا الصحفي الذي ظن أنه كبير وأنه لامع». أما خالد محادين، والذي حرك ضده مجلس النواب، قضية جزائية بتهمة «سب وشتم وتحقير المجلس» فكتب: «... الشتم لا يحتاج إلى موهبة ولا إلى أية درجة من العبقرية ولهذا يتفوق فيه الهامشيون وغير العاملين وغير المهتمين بصدى ما يقولون، وهؤلاء هم المقيمون في أبعد منطقة نزولاً من أي شعب أو أية مدينة أو أي بلد». المقالة الثالثة في «الرأي»، كتبها عبدالله أبو رمّان، وجاء فيها: «يصرّ محمّد حسنين هيكل، في كلّ مناسبة، أن يظهر على هيئة المؤرخ أو الشاهد على التاريخ (...) وممارسة الدور القديم، في القيام بخدمات أخرى، مدفوعة الثمن مسبقاً، بالاستفادة من موهبته الاستعراضيّة!». حلقة هيكل تناولت تاريخ الملك عبدالله المؤسس، والقول إنه كان أول العرب الداعين إلى حل المشكلة بين العرب واليهود سلمياً العام 1946، ثم الداعين إلى القبول بقرار تقسيم فلسطين بين الجانبين. وتناول كذلك علاقة الضد مع كل من مصر والعراق، والسعودية، والقول إن الملك طلال ورث «قلق أبيه»، وأن هذه الخلفيات ورثها الملك الحسين بن طلال عن أبيه وجده. صحيفة «الدستور»، ردت على هيكل عبر «المحرر السياسي»: فيها ومن خلال صفحتها الأولى بمقالة على يسار الصفحة بعمودين بعنوان: «هيكل ومسلسل الأكاذيب» جاء فيها: «بعد ان أكل على كل الموائد وشرب كل الكؤوس وقبل كل الأيدي عاد.. ويا ليت العود كان أحمد (...) إنه زمن الطحالب الذي يتطاول فيه الأقزام على العمالقة، فها هو هيكل يخرج من جحره ليقدم بهلوانية جديدة ثمناً لما قبضه من دولارات لتصفية حسابات على مواقف وطنية وقومية». أوكلت «الغد» لاثنين من كُتّابها مهمة الرد على هيكل، فكتب محمد أبو رمّان في الصفحة الأخيرة من الجزء الأول، مقالة بعنوان: «مع هيكل ملحوظات رئيسية»، قال فيها: «عاد الصحفي والإعلامي المعروف محمد حسنين هيكل أول من أمس ليدشّن هجوماً جديداً على الأردن، وعلى الحكم، ويكيل الاتهامات في سياق سياسي مفهوم تماماً يخدم أجندة تظهر بوضوح توجهاً إقليمياً لتكسير الدور الأردني في المنطقة وإضعافه». عزا أبو رمّان كثرة الهجوم الإعلامي على الأردن لأمور ذات صلة بالسياسة الإعلامية للدولة فقال: «متى يتنبه المسؤولون إلى أهمية الصورة الإعلامية في السياسات الخارجية، وإلى أهمية المساهمة في بناء قامات إعلامية مثقفة وخبيرة وكفؤة، وتمكينها من المعلومات والبيانات المتاحة، فتمتلك المكانة التي يحتلها هيكل وغيره في الإعلام العربي؟ ليست المرة الأولى التي يهاجم الأردن إعلامياً بقسوة، لكنّنا نمارس دوماً «الرياضات الكلامية» نفسها وسياسة الفزعات، لأننا ما نزال نتخبط في بناء إعلام مهني مستقل يمتلك المصداقية المهنية، والسياسية المطلوبة». وأفردت الصحيفة لمهند مبيضين مكاناً في صفحتها الأخيرة في زاوية يكتبها عادة الكاتب جميل النمري. مبيضين كتب مقالة بعنوان: «مع هيكل.. مهارة القفز»، قال فيها: «... الفارق بين كلام هيكل وكلام التاريخ هو في التعليل والتفسير والنقد التاريخي الذي يمارسه المؤرخون، ولا يمارسه كاتب صحفي يجني كسباً أو ينفذ أجندة غيره. وليت هيكلاً يجني الكسب، فحسب، ولا يستمرئ مهارة القفز على التاريخ». |
|
|||||||||||||