العدد 68 - اقتصادي
 

محمد كامل

في ظل الأزمة المالية العالمية، وشح سيولة في الأسواق، عادت صناعة التأجير التمويلي في الأردن للواجهة من جديد، بعد أن عانت شركات منذ العام 2002 مع صدور أول قانون للتأجير التمويلي المؤقت في الأردن، في طرح الفكرة وإيصالها للمنتفعين، بحسب مسؤولة التسويق في الشركة المتكاملة للتأجير التمويلي نيريمان نبر. دراسة حديثة لمؤسسة التمويل الدولية (IFC)، أظهرت أن سوق التأجير التمويلي في الأردن ما زال يواجه العديد من العقبات التي تَحُول دون تقدّمه، رغم التطورات التي أحرزها خلال الأعوام الثلاثة الماضية. الدراسة التي أعلنتها المؤسسة العام 2008 ، أظهرت أن قطاع التأجير التمويلي في البلاد، وللسنة الثالثة على التوالي، حقق نموا سريعا، إذ تضاعف حجم عمليات التأجير السنوية ما بين العامين 2005 و 2006 ليبلغ نحو 159 مليون دينار، فيما بلغ حجم محفظة التأجير التراكمية القائمة 229 مليون دينار.

عقد التأجير التمويلي (Leasing Contract) من أهم ما ابتدعه الفكر التمويلي الحديث، وقد بدأت قصته عندما اقتضت حاجة أحد أصحاب المصانع الأميركية الصغيرة إلى زيادة حجم استثماراته، وزيادة إنتاج مواد غذائية لتلبية طلبات التصدير المتزايدة، وتبين له أن مصنعه قد لا يلبي الطلبات المعروضة إلا إذا تم شراء معدات إنتاجية جديدة، وكونه لا يمتلك التمويل الكافي لشرائها، فقد قاده تفكيره إلى إقناع نخبة من رجال الأعمال لتأسيس شركة لتمويل شراء المعدات وتأجيرها، وقد أُسست أول شركة للتأجير التمويلي في أميركا العام 1952 ، وهي شركة (United Sates Leasing (.Corporation الشركة الأميركية، كما يشير مراقب الشركات السابق محمود عبابنة، أخذت على عاتقها شراء آلات الإنتاج تمهيداً لتأجيرها، ومنح المستأجر خيار شرائها في نهاية مدة عقد التأجير.

عبابنة الذي أعد دراسة تفصيلية عن التأجير التمويلي في الأردن، يقول: «بدأت الفكرة بالانتشار في فرنسا العام 1957 وفي بريطانيا العام 1960 ، وفي الدول العربية أخذ المغرب بهذا التنظيم العام 1965 ، تلته مصر العام 1984 ، وصدر أول قانون للتأجير التمويلي المؤقت في الأردن العام 2002 ، وهو القانون رقم (16) لسنة .»2002 نبر ترى أن الشركات المسجلة والبالغ عددها 33 شركة، حاولت منذ العام 2002 ، تنظيم محاضرات متخصصة لهذه الغاية، وواجهت صعوبات لدى المستفيدين، ثم قامت الشركات التي تعمل فعليا في هذا المجال، وعددها 22 ، بحسب نبر، بتحضير نفسها ما بين العامين 2004 و 2005 ، لدخول السوق بقوة العام 2006 ، وقد شكّلت الأزمة المالية العالمية دعما غير متوقَّع لتلك الشركات. بعد صدور قانون التأجير التمويلي في الأردن، بدأت البنوك تباعا في تأسيس شركات لهذه الغاية، وأنشأت أخرى دوائر متخصصة لتنافس تلك الشركات في صناعةٍ قد تنمو بشكل مطرد، وتؤثر في عمل تلك البنوك، بحسب مسؤول في بنك محلي. المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه، بسبب حساسية موقعه الوظيفي، يقول: «البنوك أبدت مخاوف من منافسة تلك الشركات لأعمالها، بخاصة ما يتعلق بالتسهيلات .» بنك الإسكان للتجارة والتمويل، أسس الشركة المتخصصة للتأجير التمويلي العام 2005 ، برأسمال 20 مليون دينار. وفي العام 2007 أعلن بنك الأردن عن تأسيس دائرة التأجير التمويلي، وذلك لتنويع خيارات التمويل المتاحة، ولتلبية احتياجات شريحة واسعة من العملاء والمتعاملين ممن لا يميلون للتعامل بطرق التمويل التقليدية، كما أفاد البنك. بيد أن نبر ترى أن عمل عمليات التأجير التمويلي لدى البنوك يختلف عمّا تقدمه الشركات. تقول: «البنوك تخضع لقانون البنك المركزي، بينما الشركات الخاصة يحكمها قانونها الخاص، وهو يتمتع بمرونة تزيد على تلك التي لدى البنوك .»

عبابنة الذي عمل في ديوان التشريع والرأي، وناقش بنود قانون التأجير التمويلي، يؤكد أهمية هذا القانون وسيلة من وسائل الاستثمار الحديثة، وما يحققه من دعم للاقتصاد الوطني والتنمية، وتحريك قطاع رأس المال، وتوفير الحاجة لصغار المستثمرين.

نبر ترى أن هذه الأداة التمويلية فتحت آفاقاً جديدة، بخاصة للمؤسسات متوسطة وصغيرة الحجم لتمويل احتياجاتها من الأصول الثابتة، مثل الآلات ووسائل النقل والعقارات، حيث إن التأجير التمويلي يعتمد، بشكل أساسي، على تشغيل الأصل المؤجر لسداد أقساط التأجير، واستخدام الأصل كضمان يفيد القطاعات كافة، المؤسسات والشركات المتوسطة وصغيرة الحجم، والأفراد. مؤسسة التمويل الدولية، وقّعت مع وزارة التخطيط العام 2005 اتفاقية لتطوير قوانين عملية التأجير التمويلي، في محاولة لتضييق الفجوة بين القانون والقوانين الفرعية، إضافة إلى مراجعة خطوات تسجيل عملية التأجير، وتمكين الرهن العقاري من أن يطبَّق على الممتلكات المتنقلة، وبالتالي توفير فرص أكبر للحصول على تمويل. وفق المعطيات الصادرة عن وزارة التخطيط، سينفِّذ برنامج تنمية التأجير في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التابع للمؤسسة، حزمة من النشاطات لزيادة وعي المواطنين بأداة التمويل الجديدة، وقد ساهم هذا البرنامج، بحسب نبر، في زيادة حجم التمويل على مدار الأعوام الأربعة الأخيرة.

برنامج تنمية التأجير في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة التمويل الدولية، جزء من استراتيجية برنامج شراكة المشاريع الخاصة لدعم الأسواق المالية المحلية، الذي يعنى بتقديم المساعدة الفنية لتنمية القطاع الخاص في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كانت مؤسسة التمويل الدولية استثمرت ما يقارب 1.1 مليار دولار أميركي في 198 شركة تأجيرية في 48 دولة، إضافة إلى 8.4 مليون دولار في تأجير خدمات فنية محددة

من ضمنها تأسيس التشريعات التأجيرية أو تحسينها، بحسب وزارة التخطيط.

شركات واجهت صعوبات في شرح أدواتها التمويلية الأزمة المالية تعيد التأجير التمويلي للواجهة
 
19-Mar-2009
 
العدد 68