العدد 67 - حتى باب الدار | ||||||||||||||
بعد أن لمع الضوء الأخضر للإشارة الضوئية عند أحد التقاطعات الرئيسية في عمان الغربية، انطلقت السيارات بسرعة وعلى أربعة مسارب، وفي اللحظة نفسها، كان عدد من الشبان الذين يرحلون يومياً من شرق عمان باتجاه مواقع عملهم في غربها، يحاولون قطع الشارع أمام السيارات المندفعة. لتحقيق ذلك كانوا يقومون بتلك الحركة الشعبية المعروفة في مثل هذه الحالة، حيث كانوا يتقدمون خطوة أو خطوتين ويدرسون إمكانية العبور بأمان، ثم يتراجعون بخفة وسرعة إلى مواقعهم السابقة، ويكررون الأمر مرة أخرى محاولين إيهام سائقي تلك السيارات أنهم هذه المرة مصممون على العبور، وأنهم سيفْدون ذلك بأجسادهم، وفي الأثناء قد يتجاوزون مسرباً لكنهم يضطرون بمواجهة استمرار اندفاع السيارات إلى التراجع مهرولين عائدين إلى موقعهم السابق. وكالعادة فإنهم، في كثير من الأحيان، لا يتمكنون من قطع الشارع إلا بعد انتهاء مرور السيارات كافة، لكن المحاولات لا تتوقف ويشعر أصحابها أنها ضرورية، على الأقل فهم يعتبرونها شكلاً يسيطاً متدني المستوى من أشكال ممارسة الصراع الطبقي بين العاملين القادمين من الشرق وأصحاب السيارات في الغرب. ذات مرة كانت إحدى الشابات اليافعات من بين سائقي السيارات المندفعة، وكانت هي وسيارتها تبدوان في غاية التأفف، وفيما كان الشبان يقومون بمحاولاتهم المعتادة للعبور، تفاجأت الشابة بهم، فأمطرتهم بشتائم لم يسمعوها بالطبع ،لكنهم ببساطة، ونظراً لخبرتهم في هذا المجال يستطيعون معرفة محتواها، فما كان من أحد الشبان إلا أن رد بإشارة يدوية متداولة. لاحظت الشابة الأمر، وغضبت، وهو ما يعني أنها قد تكون من أصول طبقية وثقافية قريبة من تلك التي للشبان، فأوقفت سيارتها وترجلت منها، ولكنها عندما رأت الشاب متماسكاً في مواجهتها محاطاً بأصحابه، عادت إلى سيارتها وانطلقت منسحبة. حينها علّق أحدهم موجهاً الكلام إلى الشاب وهو يضحك: إنها اكتفت بأن أخذت نمرتك. ضحكوا معاً، لكنها فرصة لتقديم اقتراح «برغبة »: لماذا فعلاً لا يتم ترقيم المواطنين القادمين من الشرق وإعطائهم نمراً، بحيث يتمكن المتأففون من علية القوم، من أخذ نمرة من لا يعجبهم والإبلاغ عنه. |
|
|||||||||||||