العدد 67 - حتى باب الدار | ||||||||||||||
كنت ذات زمن حزبياً، وكنا في حزبنا نعتبر أقوال لينين حقائق نهائية لا تحتاج إلى برهان، بل هي التي كانت تشكل برهاناً على غيرها، وكنا إذا اختلفنا حول أمر، وقال أحدنا إن لينين قال كذا وكذا، فحينها يصمت الجميع، وينتهي النقاش لصالح من تتماثل وجهة نظره مع ما قاله لينين. وذات مرة انتسب إلى الحزب شخص تجاوز الخامسة والثلاثين من عمره، وكان مثل هذا العمر يعتبر عُمراً متقدماً من حيث صلاحيته للالتحاق بالأحزاب، إذ عادة ما كان الشبان حول العشرين من أعمارهم أي في مرحلة التكوين، هم الذين ينتسبون إلى الأحزاب. المهم، حدث ذات يوم أن اختلفت مع هذا الحزبي الكهل في بداية حياته الحزبية حول أمر سياسي، وقد كنتُ مسؤولَه الحزبي، فقلت له، إن لينين هو من قال كذا وكذا مما يؤيد موقفي، فأجابني على الفور: ليقل لينين ما يقول: فكل واحد حر برأيه!. أربكني جوابه كثيراً، وصمتّ دون جواب، وسارعت إلى إنهاء المشهد، وأقنعت نفسي بأن الرفيق «لم ينضج » بعد. وما هي إلا بضع سنوات حتى اكتشفنا أن موقف ذلك الرفيق على عفويته، ينطوي على بعد نظر أكثر مما كان لدينا نحن الحزبيين «الناضجين .» اليوم يبدو أن لكل جهة سياسية أو ثقافية «لينينها » - بلا تشابيه - الذي إذا نطق فلا راد لكلماته، وما زالوا قلة أولئك الذين يجرؤون على القول عند الاختلاف، إن كل واحد حر برأيه. |
|
|||||||||||||