العدد 67 - كتاب | ||||||||||||||
نجحت وزارة التنمية السياسية منذ إنشائها إبان حكومة فيصل الفايز في تصعيد سياسيين بعضهم ذوي خلفيات حزبية، إلى سدة وزارة قَلَّ نظيرها في دول العالم، مثل: محمد داوودية، ومحمد العوران، وكمال ناصر، والوزير الحالي موسى المعايطة. وقد تمكنت الحكومات عبر هذا الاختيار، من تنظيم حملة علاقات عامة والتجسير مع الأحزاب والنقابات والتيارات السياسية في البلاد، اعتماداً على شخص الوزير وعلاقاته الواسعة مع المجتمع السياسي. وقد نجح الوزراء في مهماتهم هذه، ونسجوا علاقات طيبة مع ناشطين وإعلاميين. ولعل الوزارة الناشئة نجحت فوق ذلك، في الأرشفة للحياة السياسية: الحزبية والتشريعية والنقابية، وما يتصل بها من قوانين وإجراءات، ومن مؤلفات ومساهمات شتى لمنابر ومحافل فكرية أردنية وخارج البلاد. تتوافر هناك أيضاً للوزير، وكما هو بادٍ، فرصة تقديم مقترحات واستشارات وملاحظات، تتعلق بتنظيم الحياة السياسية. على أنه يصعب القول بنجاح الوزارة في أداء مهمات تتعدى ما تتقدم، ولأسباب لا تتعلق بشخص الوزير، بل بالمهمات الفعلية المنوطة بالوزارة. فمن المعلوم أن وزارة الداخلية هي التي تجيز إنشاء الأحزاب، وهي الجهة التي تقوم عند الاقتضاء بحلها، وهي التي ترخص أو لا ترخص لها إقامة تجمعات عامة في المناسبات. ووزارة الداخلية هي الطرف الأساسي في وضع التشريعات الناظمة للعمل السياسي. ومع إنشاء وزارة التنمية السياسية قبل نحو خمس سنوات، فإن هذا الواقع لم يطرأ عليه تغيير يذكر، باستثناء وضع الوزير في صورة السياسات والإجراءات التي تعتمدها وتنفذها وزارة الداخلية، وبدليل أن اعتراض وزير سابق للتنمية السياسية )محمد العوران( على القانون الأخير للأحزاب، لم يمنع اعتماد حكومة معروف البخيت لهذا القانون. أمام ذلك، فإنه يحسن أن يطابق الاسم المسمى، وأن تتحول التنمية السياسية من وزارة، إلى هيئة أو مركز، كما هو حال المركز الوطني لحقوق الإنسان مثلاً. لقد ارتؤي إنشاء هذا المركز بدلاً من استحداث وزارة بهذا الاسم، علماً بأن دولاً عربية تتوافر على وزارة لحقوق الإنسان. وبدلاً من انشغال الوزير بمهمات إدارية وبروتوكولية منها حضور اجتماعات مجلس الوزراء وجلسات مجلس النواب، فإن بوسع رئيس مركز التنمية السياسية الانصراف لمتابعة الحياة السياسية عن كثب، وتسجيل ملاحظاته ومقترحاته وانتقاداته للأحزاب، كما للسلطة التنفيذية، ووضع تقارير دورية، والتمتع خلال ذلك بهامش واسع من الاستقلالية يتيح له النهوض بدوره بأكبر قدر من الموضوعية. فمن طبيعة الأشياء ومنطق الأمور، أن يتخذ المراقب موقعه في الخارج، أما أن يحسب على أهل صناعة القرار «في الداخل ،» فيما دوره لا يتعدى عملياً المتابعة الملاحظة، فذلك من باب الخلط وتسمية الأمور بغير أسمائها. |
|
|||||||||||||