العدد 67 - اعلامي | ||||||||||||||
جهاد عواد عاد الحديث عن مشروع تقسيم المملكة إلى ثلاثة أقاليم لواجهة الصحافة خلال الأسبوع الماضي، بالتزامن مع تركيز الملك عبد الله الثاني أثناء لقاءاته بسياسيين وإعلاميين في الديوان الملكي عليها. وكانت فكرة الأقاليم خبت خلال الشهور الماضية إلا ما ندر، وكاد المواطن ينسى أن لجنة ملكية أنهت وضع تصوراتها للأقاليم ورفعتها للمقام الملكي، قبل نحو عامين من الآن. الملك أعاد في لقائه بسياسيين وإعلاميين، التأكيد على أهمية وضرورة إنجاز المشروع قبل نهاية العام الجاري، الأمر الذي دفع إعلاميين لإلقاء الكرة في مرمى الحكومة حيناً، ومرمى مجلس النواب حيناً آخر. الحكومة بدت أكثر جدية في التعامل مع موضوع الأقاليم من ذي قبل، وتم ملامسة المسألة من خلال تشكيلها لجاناً وزارية لهذا الغرض. أما المجلس النيابي، فاكتفى بإبداء موقف قوامه أنه لم يتلق من الحكومة، أية مشاريع قوانين خاصة في هذا الجانب، فيما صدرت في الوقت ذاته تصريحات نيابية تفيد بترحيب المجلس النيابي بالمشروع المقترح.. ما بين التركيز الملكي الواضح على الأقاليم، واستعداد الحكومة للتعامل معها كأحد المراحل والاستحقاقات المقبلة، يظهر على السطح تباين في مفهوم الأقاليم، وتضارب بين تلك التي أوصت بها اللجنة الملكية عبر اجتماعات استمرت اكثر من عام، وبين ما قدمته وزارة الداخلية من أفكار مقترحة. المسودة الأولى تتمثل في التوصيات التي قدمتها اللجنة الملكية للأقاليم التي تكونت من قيادات سياسية بارزة، فيما قدمت المسودة الثانية لمشروع قانون الأقاليم وزارة الداخلية، وأعدتها قيادات إدارية في الدولة، و «ما زالت تقبع في ديوان التشريع منذ العام ،»2004 وفقاً لوزير الداخلية الأسبق سمير الحباشنة. الفارق بين المقترحين كبير، ففي حين تركز توصيات لجنة الأقاليم الملكية على ثلاثة أقاليم مركزية، يتكون كل إقليم من أربع محافظات رئيسة، باستثناء أمانة العاصمة، فإنّ مسودة «الداخلية » تصر على المحافظة باعتبارها الوحدة الإدارية المركزية، مع التوصية بمنحها صلاحيات إدارية ومالية أوسع، وتفعيل دور المجلس التنفيذي في إعداد الموازنة الخاصة بالمحافظة، وكذلك دور المجلس الاستشاري. كان خطاب العرش الذي وجهه الملك في افتتاح مجلس الأمة في 5 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ركز على صياغة تشريع لتطبيق فكرة الأقاليم، أو دراسة التوصيات التي وضعتها لجنة الأقاليم ووضع تشريع مناسب للحالة الأردنية الراهنة، وطالب الملك حينها السلطة التشريعية بإعادة دراسة توصيات لجنة الأقاليم وإخراجها إلى حيز الوجود. اليوميات تعاملت مع الحراك الملكي الجديد باتجاه تفعيل موضوع الأقاليم، لكن وفق رؤى خاصة بها، فاختلفت ما بين الدفاع عن مفهوم الأقاليم وفق رؤية اللجنة الملكية، وبين من يعتقد أن رؤية وزارة الداخلية كانت أكثر واقعية وأقرب تطبيقاً، وفق ما كانت تذهب إليه يومية «العرب اليوم »، قبل التصريحات الملكية. لم يكن تناول موضوع الأقاليم وليد الساعة في اليوميات، إذ كتبت رنا الصباغ، مقالةً في «العرب اليوم » يوم 2005 / 12 / 18 تحدثت فيها عن تباين آراء المسؤولين حول المشروع، وعن المزايا التي يعرضها البعض والمخاوف التي يطرحها البعض الآخر بسبب المطامع والأهداف الإسرائيلية. وعاد النقاش من جديد حول المشروع مطلع العام الماضي (2008) فقد كتب فهد الخيطان يوم 2008 / 1/ 7 مقالة حذّر فيها من تحويل المشروع من ترتيبات إدارية، إلى ترتيبات أوسع من ذلك «تقوّض الدولة وتحول الأردن إلى مجرد مجال حيوي للعدو الإسرائيلي سواء لجهة شبك إسرائيل بالشرق العربي كله من خلال الأردن، أو لجهة تمرير شكل من التوطين الناعم عبر ربط إقليم الوسط مع الضفة الغربية .» وكتب الخيطان مقالة أخرى يوم 11 / 20 من العام الماضي بعنوان: «مشروع بديل في مواجهة الأقاليم »، أبدى فيه ميلاً لمقترح وزارة الداخلية إذ قال: «توصيات لجنة الأقاليم قوبلت بمعارضة واسعة في الأوساط السياسية والشعبية، وعندما كتبت في هذه الزاوية منتقداً التوصيات لم يبادر احد للدفاع عنها، لا بل إن جميع الردود التي تلقيناها كانت تصب في خانة المعارضة .» دافع الكاتب عن مشروع الداخلية: «الأهم من ذلك أن المشروع البديل يغلق الباب في وجه التفسيرات والتأويلات السياسية التي فتحت توصيات الأقاليم شهية الكثيرين منذ الآن لطرحها، لأنها توصيات ذات مغزى سياسي وليس تنموياً أو إدارياً كما يقال ». وذهب للاقتراح على الحكومة «بتبني المشروع البديل وطرح مسودة القانون الجديد للنقاش العام لبناء توافق وطني حوله، قبل إحالته إلى مجلس الأمة العام المقبل .» بعد التصريحات الملكية المتوالية حول الموضوع خلال لقاءات الملك مع سياسيين ونواب وأعيان ووزراء وإعلاميين نهاية الشهر الماضي وبداية آذار/مارس الجاري، عادت الصحافة لتسليط الضوء من جديد عليه، فخصصت «الرأي » جزءاً من افتتاحيتها يوم 3/3 للحديث حوله، فقالت: «تشديد جلالة الملك خلال الحوار على أهمية إنجاز مشروع الأقاليم، يكتسب أهمية إضافية في ظل ما أوضحه جلالته من أهداف نبيلة وبعيدة المدى لهذا المشروع الحيوي والمهم،الرامي في الأساس إلى تحقيق اللامركزية وفي الآن ذاته تحقيق الإدارة الفضلى للموارد وإشراك الأردنيين كافة بشكل أكثر فاعلية في إدارة شؤونهم، ما يعني أننا أمام مشروع طموح بعيد المدى والأهداف الطموحة. » وكتب طارق مصاروة في «الرأي » يوم 4/3 فقال: «الآن نحن أمام مشروع الأقاليم : 3 أقاليم وأربع محافظات في كل إقليم بدل المحافظة الواحدة وجلالة الملك هو صاحب المبادرة، ولا يدري أحد، بعد تشكيل اللجنة التي أنيطت بها المهمة، لماذا يبقى كل شيء في ديوان التشريع منذ العام 2004 ؟؟ فمشاركة أوسع دائرة شعبية ممكنة في القرار لا يمكن أن يبقى ضمن المحددات القديمة القائمة، فلا المجلس النيابي مع كل الاحترام، ولا الأحزاب التي بقيت تعيش أيام الخمسينيات من القرن الماضي، ولا الحكومات وتغييرها وتعديلاتها كافية للإحاطة بالجهد الإصلاحي السياسي والاجتماعي والاقتصادي. فلا بد في بلد مستقر كالأردن أن يحمل أفراد همَّ مجتمع يغلي بالقدرات والطموح كالمجتمع الأردني، فقد انتهت مرحلة الأمن الشرطي، ومرحلة التهديد الخارجي لنظامنا السياسي، ومرحلة التفجير الداخلي الانقلابي .» ويوم 3/ 3 خصصت «الدستور » افتتاحيتها للحديث عن الأقاليم، وركزت الصحيفة على كلام الملك حول الموضوع، فقالت: «دعا جلالته إلى ضرورة إنجاز مشروع الأقاليم، الذي يستهدف تحقيق اللامركزية، والإدارة الفضلى للموارد، وإشراك المواطنين بشكل أكثر فاعلية في إدارة شؤونهم، وإقامة المشاريع التي تراعي خصوصية كل محافظة، ما يسهم في الحد من الفقر والبطالة ورفع سوية الخدمات والتخفيف من معاناة المواطنين .» بالتزامن مع «الرأي »، و «الدستور »، كتب 3 من كُتّاب يومية «الغد » هم: جميل النمري، ومحمد أبو رمّان، وسميح المعايطة، حول الموضوع ذاته، ما بدا أن هناك دفعاً إعلامياً بهذا الاتجاه. يومية «العرب اليوم » التي بدت أنها أكثر ميلاً لمشروع وزارة الداخلية باتجاه الأقاليم منها لتوصيات اللجنة الملكية، لم يعلق أي من كتابها عليه بعد التأشيرات الملكية المتواصلة حوله. كُتّاب «الغد » الثلاثة رأوا أن الملك يريد فكرة تنفيذ الأقاليم دون إبطاء من الحكومة، وطالبوا حكومة نادر الذهبي العمل بسرعة على تنفيذ الإرادة الملكية السامية دون تعويق. كتب محمد أبو رمّان في «الغد « » إذا تجاوزنا، مبدئياً، المسودة التي قدمتها وزارة الداخلية العام 2004 ، لتنفيذ المشروع، وهي مودعة لدى ديوان التشريع، فإنّ توصيات اللجنة الملكية التي شكلت خصوصاً لهذه الغاية، وهي الأقرب للتطبيق، تمثل منعطفاً وتحولاً كبيراً في المسار السياسي العام في البلاد .» الكاتب في الصحيفة ذاتها سميح المعايطة يرى أن الأقاليم ضحية سياسية، فيقول: «قبل أن ندخل في تفاصيل فكرة الأقاليم، لا بد أن أشير إلى أن هذه الفكرة وحتى توصيات اللجنة تم التعامل معها في إطار سياسي وتم تجنيدها في معركة الاستقطاب السياسي باعتبارها فكرة فلان أو علان،، وكتب جميل النمري في «الغد » أيضاً بعنوان «الملك يريدها من دون إبطاء، فماذا عن الحكومة؟ »، ذهب في مقاله مذهب زميليه. وهكذا بدت ثلاث يوميات خلال الأسبوع الماضي تدفع نحو تنفيذ الرؤية الملكية باتجاه الأقاليم، باعتبارها بداية انفراج سياسي وتنموي وديمقراطي قادم، فيما اكتفت «العرب اليوم » بمراقبة تطورات الحدث، وجس النبض لمعرفة أين سيصل المشروع، وماذا ستقدم الحكومة في هذا الجانب، لا سيما أن البعض يحملها مسؤولية التباطؤ في تنفيذ الرؤى الملكية. |
|
|||||||||||||