العدد 67 - اقتصادي
 

محمد علاونة

كشفت دراسة أعدتها وزارة الصناعة والتجارة، جوانب سلبية في إقامة المناطق الصناعية المؤهلة، وبينت تواضع الاستفادة من استثماراتها.

وردّت الدراسة ذلك، لأسباب، منها أن مستلزمات الإنتاج الوسيطة للصناعات في هذه المناطق مستوردة، وأن أرباح المصانع فيها تُحوَّل للخارج، وأن 50 في المئة من الأيدي العاملة فيها من العمالة الوافدة، فضلاً عن أن هذه المدن تُفقد خزينة الدولة جزءاً من إيراداتها، نتيجة ما تتمتع به الصناعات فيها من إعفاءات جمركية وضريبية. المناطق الصناعية المؤهلة، فكرة أميركية بدأت منتصف تسعينيات القرن الفائت، واستهدفت السوق الأميركية، وهي تحتاج الآن إلى إعادة تقييم، لأن هذه السوق تعاني من شح في السيولة، نتيجة الأزمة المالية العالمية، والتراجع المستمر في صادرات تلك المناطق خلال السنوات الأخيرة.

الخبير الاقتصادي إبراهيم سيف، يقول: «إن المبررات التي أنشئت من أجلها المناطق المؤهلة تلاشت بعد إلغاء الولايات المتحدة الأميركية نظام الكوتا، ما سمح للآسيويين توسيع منافستهم في السوق الأميركية بعد حصة جيدة حصلوا عليها أيضاً في المناطق الصناعية الأردنية، كون معظم الاستثمارات فيها تعود لهم .»

ويرى الخبير الاقتصادي أحمد النمّري، «أن الجدوى الاقتصادية لإنشاء تلك المناطق لم تُدرس بعناية، كونها تستهدف منتجاً واحداً وسوقاً واحدة، وهو ما يتعارض والفائدة المرجوّة لأي اقتصاد .» النمري، ذهب إلى أبعد من تجاهل دعم تلك المناطق أو إعادة إحيائها، داعياً الحكومة إلى عدم ضخ أموال تدعمها. يقول: «تصفيتها تدريجياً ستوفر على خزينة الدولية ملايين الدنانير .» إعادة النظر في تلك الاتفاقيات تبدو أمراً صعبَ التحقّق، لأن الفكرة انطلقت أصًل لأسباب سياسية، تمثلت في توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة و «الكيان الصهيوني ،» لذا، فإن إعادة تقييم عمل تلك المناطق أمر ضروري قبل الأزمة المالية العالمية، بحسب الخبير الاقتصادي إبراهيم علوش.

علوش، الذي أعد دراسة وافية عن عدم وجود جدوى اقتصادية من إنشاء تلك المناطق، يقول: «ما دام القرار السياسي مرتبطاً بتحالف مع الولايات المتحدة الأميركية، فإن تلك المناطق ستبقى وستستنزف إيرادات الدولة، لأن عمال تلك المناطق غير أردنيين، واستثماراتها غير أردنية .»

يصف النمّري المناطق الصناعية بأنها في مرحلة احتضار، ويتفق مع علوش بأنها يمكن أن تشكّل أداة سياسية للضغط على الأردن. يقول: «بإمكان الولايات المتحدة وقف مستورداتها في أي وقت .» زاد من الضغوط على عمل المناطق الصناعية

المؤهلة، توقيعُ مصر لاتفاقية مشابهة في العام 2004 ، تتيح للمنتجات المصرية المصنّعة في هذه المناطق دخول السوق الأميركية من دون رسوم جمركية، شريطة أن يكون 11.7 في المئة من مكوناتها مصنوعاً في إسرائيل، ما رفع من منافسة البضائع المصرية للأردنية، بحسب سيف الذي

يقول: «اتفاقية التجارة الحرة التي وقعها الأردن مع الولايات المتحدة العام 2000 خلقت إزدواجية بما يتعلق بالإعفاءات، بمعنى أن إعفاءات الاتفاقية حلت محل الامتيازات التي أنشئت من أجلها المناطق الصناعية المؤهلة .» بيانات صادرة عن وزارة العمل تؤيد التراجع في أداء تلك المناطق، وتشير إلى أنه في شهر كانون الثاني/يناير الفائت فقط، أُغلقت 3 مصانع في المناطق الست المؤهلة في المملكة، فبقي منها 86 بعد أن كانت 89 مصنعاً، هي التي كانت تبقّت من 97 مصنعاً كانت قائمة في مطلع العام .2008

إغلاق هذه المصانع أبوابها أسفر عن تسريح أكثر من 3 آلاف عامل وعاملة، منهم نحو ألف من الأردنيين، وأكثر من ألفين من الوافدين.

في الماضي، كانت المناطق الصناعية المؤهلة تتعرض للنقد، لاعتمادها المكثف على العمالة المستوردة، ولانخفاض القيمة المضافة في إنتاجها، فضلاً عن أن أرباحها ومعظم أجور عمالها تُحوَّل للخارج. مؤسسة تشجيع الاستثمار روّجت لتلك المناطق لدى إنشائها، بقولها: إنها كانت مسؤولة عن صادرات أردنية تزيد قيمتها على 410 ملايين دولار إلى الولايات المتحدة، في حين أنها كانت 9 ملايين دولار فقط العام 1999 . وفي العام 2003 ، وصلت صادرات المناطق الصناعية المؤهلة إلى 563.93 مليون دولار، بحسب أرقام المؤسسة. كما تشير بيانات التجارة الخارجية إلى انخفاض صادرات المملكة من هذه المناطق، بنسبة 20 في المئة، لتصل إلى 940 بليون دولار خلال العام 2008 ، بعد أن سجلت 1.13 بليون دولار العام 2007 . بلغ عدد العاملين في المناطق الصناعية المؤهلة 43 ألف عامل في العام 2008 ، منهم 10.500 ألف عامل أردني ، مقابل 49.800 الف عامل في العام 2007 ، منهم 12.500 ألف عامل أردني.

في ظل الأزمة المالية العالمية المناطق المؤهلة: تجربة تحتاج إعادة تقييم
 
12-Mar-2009
 
العدد 67