العدد 67 - أردني | ||||||||||||||
السجل - خاص ما زال الغموض يلفّ مصير مشروع المطار الزراعي في وادي الأردن، بعد تصاعد احتجاجات مزارعين ومختصين، على موقع المشروع، أُعلن على إثرها تأجيل البدء بتنفيذه. تكلفة تنفيذ المشروع تُراوح ما بين 30 و 50 مليون دينار أردني، بحسب وزير النقل سهل المجالي، الذي دافع عن الموقع المقترح، وقال خلال اجتماعه مع اللجنة الزراعية النيابية: «هذه التكلفة مرشحة للزيادة بقيمة 20 مليون، حال تغيير موقع المطار .» كما دافع وزراء: المياه والري رائد أبو السعود، والأشغال العامة علاء البطاينة، والزراعة سعيد المصري، عن إنشاء المطار في الموقع نفسه. المصري أكد أن المشروع يأتي ضمن الرؤية الملكية لحفز القطاع الزراعي على الإنتاج المعدّ للتصدير، وتمكين الأردن من استعادة وضعه في أسواق أوروبا الشرقية والدول الأخرى. وتوقّع وزير الأشغال علاء البطاينة أن يسهم المطار في «زيادة حجم التصدير من ألف طن العام 2008 إلى 220 ألف طن إلى أوروبا خلال السنة الأولى من إنشائه .» المستثمر عبد الغني حجازي وصف هذا الافتراض بـ الخيالي »، لأن «إنتاج بيوت غور الأردن من الخضار 140 طنا سنويا فقط .» وبيّن حجازي في دراسة أعدّها حول المشروع، أن «تكلفة نقل الصادرات الزراعية من الشونة الجنوبية إلى مطار الملكة علياء في )برادات(، لا تزيد على 10 دنانير للطن، أي أقل من 1.8 في المئة من تكلفة نقل الطن جوا إلى الأسواق الأوروبية ) 550 دينارا للطن(، وتمثل حوالي 0.55 في المئة من معدل ما دفعه المستورد الأوروبي للطن الزراعي من مزارع الأغوار .» الكاتب الاقتصادي فهد الفانك كتب في إحدى مقالاته في «الرأي « :» القطاع الخاص لا يأمل بتحقيق أرباح من عملية نقل الخضار إلى أوروبا جوّاً، فالتكلفة عالية، والمردود المالي منخفض »، بخاصة وأنه بالإمكان «تصدير الخضار إلى أوروبا من مطار الملكة علياء الدولي دون تكلفة إضافية، باستغلال حيز الشحن الفارغ في الطائرات المتوجهة إلى أوروبا .» يتابع الفانك: «المطار، وشركات طيران الشحن الزراعي، سيحتاجان دعماً سنوياً بعشرات الملايين من الدنانير على حساب الخزينة .» الحديث حول زيادة التصدير، لا يتوافق مع احتجاج المزارعين والنواب، القائل إن «تنفيذ المشروع في الموقع المقترح سيدمر 3600 دونم مخصصة للزراعة الحولية (الحوض 28 المصنف ضمن الأراضي الزراعية) .» هذا ما يؤكده رئيس لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب وصفي الرواشدة، الذي أضاف أن هناك مساحة من الأرض مماثلة للمساحة الأولى، «ستُستخدم كمنطقة أمان لإقلاع وهبوط الطائرات ». وهو يرى أن «المطار ليس أولوية .» عضو لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب حازم الناصر وصف اختيار الموقع بـ"غير المعقول"»، مؤكداً أنه «لا يحقق الغاية ». إلى ذلك جادل الناصر بأن «تلك البقعة خصبة ومخدومة بشبكات طرق، وقنوات ري مياه من سد الملك طلال ومزروعة بأشجار نخيل وخضراوات .» خالد العدوان، كان بين مزارعي الغور الذين نقلوا احتجاجهم إلى مجلس النواب، في حراك حثيث، ليس «لوقف المشروع، وإنما لتنفيذه بما يخدم أهدافه .» يقول العدوان: «هناك مناطق بديلة يمكن للحكومة أن تقيم المطار عليها، بعيدا عن الأراضي الزراعية الخصبة .» النائب حازم الناصر اقترح أحد هذه «المواقع البديلة »، ويبعد عن الموقع الحالي 7 كم (بين الطريق المؤدية إلى جسر الملك عبد الله والشاطئ الشمالي للبحر الميت). وقد شُكّلت لجنة تضم وزارة المياه والإشغال والزراعة وسلطة الطيران المدني لزيارة الموقع البديل ودراسته. هذا الموقع «مملوك بالكامل لسلطة وادي الأردن، في أرض غير زراعية مناسبة لإنشاء المطار بمدرج واحد، سيستقبل طائرات سياحية وركاب صغيرة ستحوّل إلى طائرات شحن »، بحسب الناصر. ضابط متقاعد في سلاح الجو فضّل عدم نشر اسمه، يؤكد أن «مشروع المطار غير مجدٍ اقتصادياً، وغير عملي نظراً لضيق المنطقة، فالمطار يحتاج إلى مساحات شاسعة.. ولا بد من التضحية بأراضٍ زراعية، الأمر الذي يعد غير منطقي، بخاصة أن الزمن الذي يفصل الأغوار عن مطار الملكة علياء لا يتجاوز الساعة .» في ظل الواقع الزراعي في منطقة وادي الأردن، وشحّ كميات الخضار الجاهزة للتصدير، يعدّ مشروع المطار «مشروعا كبيرا، ولكن غير مجدٍ »، بحسب تعبير المستثمر في القطاع الزراعي مازن الحمارنة. يستدرك الحمارنة بالقول إن «هذا المشروع سيسهم في تحفيز المزارعين على زراعة كميات كبيرة، وتحسين نوعية الإنتاج إذا كان هناك مجال للتصدير .» محلل اقتصادي مطّلع على هذا الملف، يتساءل عن جدوى مثل هذا المشروع في منطقة كادت الحكومة تحظر الزراعة الصيفية فيها، لولا موجة الأمطار الأخيرة، التي أنقذت ما تبقى من موسم. يؤكد مصدر حكومي رفض نشر اسمه، على أن «اليابان كانت اقترحت تمويل المشروع ضمن مبادرة المشاركة في إحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في أريحا التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية لدعم المزارعين الفلسطينيين، لكن إسرائيل رفضت المشروع خوفاً على أمنها، اقترحت بناءه في غور الأردن لإمكانية تصدير المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى الخليج .» يضيف المصدر: «وادي الأردن السلّة الغذائية للبلاد، مبتلى بمشاريع تنموية متعثرة، إما بسبب الروتين الحكومي، أو شحّ التمويل، أو ظروف سياسية معقّدة تلف الإقليم .» يشار إلى أن هناك أربعَ مطارات عسكرية، وثلاثاً مدنية، في الأردن، وهو رقم جيد بحسب المعايير الدولية، في بلد متوسط المساحة كالأردن الذي تبلغ مساحته 89.287 كم. |
|
|||||||||||||