العدد 67 - أردني
 

مسؤول سابق في الديوان الملكي يعيد جذور المشروع إلى زيارة قام بها الملك عبدالله الثاني العام 2002 إلى شنغهاي، إحدى حواضر الصين التنموية. هناك، أعجب جلالته بدور المحافظ التنموي والاستقلالية الإدارية، فطلب محاكاة تلك التجربة أردنياً بعد أن جال في محافظات المملكة الاثنتي عشرة.

من جانبه وزير الداخلية الأسبق الحباشنة، يرجع فكرة المشروع إلى زيارة ميدانية قام بها الملك قبل خمس سنوات إلى محافظة عجلون، حيث انبثقت فكرة توزيع صلاحيات الحكومة المركزية. بعد ذلك طلب عبد الله الثاني من وزير الداخلية نسج تشريع لتطبيق اللامركزية، فجهزت

الوزارة مشروع قانون، اعتمدت فيه المحافظة خلية تنموية واستبعدت الإقليم. جاء ذلك، بحسب الحباشنة، بعد الاستئناس بآراء عدة شخصيات

سياسية من بينها عبد السلام المجالي وزيد الرفاعي، الذي ترأس لاحقاً لجنة الأقاليم الملكية إلى جانب رئيس الوزراء الأسبق فايز الطراونة، ونائب رئيس مجلس النواب ممدوح العبادي. وجال أيضاً 70 محافظاً في عدة دول- ألمانيا، وفرنسا، والنمسا، ومصر، لدراسة نماذج إدارة الحكم المحلي في تلك الدول واستنساخ الأفضل منها.

يرى الحباشنة أن قسمة الأقاليم «غير قابلة للتطبيق بسبب اتساع رقعة بعض مناطق الأردن الجغرافية وضعف التجانس الديمغرافي »، كما

أن نظام التشكيلات الإدارية الذي وضع العام 1966 اعتبر المحافظة وحدة إدارية. يجادل الحباشنة بأن فصل العاصمة عن سائر الأقاليم، على غرار واشنطن- دي سي مثلاً، لا يمكن تطبيقه في الأردن، لأن العاصمة الأميركية تشكّل أقل من واحد بالألف من الولايات المتحدة بخلاف عمّان التي تشكل نصف المملكة.

بموجب مشروع القانون الذي عُرض على ديوان التشريع تبقى «الرقابة، تقييم الأداء، المحاسبة ومكافحة الفساد في يد الحكومة المركزية »، بينما تنهض المجالس المحلية بخطط التنمية ورسم أولويات محاصصة الموازنة والتنفيذ. الحباشنة، يؤكد أنه فوجئ بعد وضع مشروع القانون، بدخول وزارة التخطيط والتعاون الدولي على خط الأقاليم واللامركزية. واستذكر كيف أعلنت وزارة التخطيط برئاسة باسم عوض الله عن عقد مؤتمر حول اللامركزية في المحافظات.

بعد جدال بين الحباشنة وعوض الله العام 2005 ، طلب الملك «الاستماع إلى وجهتي النظر » من أجل حسم القضية. إلا أن الحباشنة أكد أن الاجتماع عقد بدونه، ووضع مشروع الداخلية على الرف. مسؤول بارز سابق في وزارة التخطيط، ينفي تدخل الوزارة «بملف الأقاليم من بعيد أو من قريب .» يؤكد المسؤول أن دور الوزارة في ذلك الوقت انحصر في لعب حلقة الوصل لمرور تمويل برنامج إصلاحي عن «دور البلديات في التنمية » بعد اختزالها من 399 إلى 100 بلدية في عهد حكومة علي أبو الراغب ) 2000 - 2003 (. برنامج التطوير، المفترض أن يموله البنك الدولي آنذاك، لم يرَ النور في المحصلة، بحسب المسؤول ذاته، بسبب اختلاف في وجهات النظر بين وزيرة الشؤون البلدية والقروية أمل الفرحان، ووزير الداخلية قفطان المجالي.

رئيس الوزراء السابق معروف البخيت، يقول إنه سمع من الملك مراراً «أن أهل مكّة أدرى بشعابها ،» في إشارة إلى أحقية المحافظات في ترتيب أولويات التنمية. وبينما وصف الأقاليم بأنها فكرة «نبيلة » رأى البخيت أن العقبة تكمن في «إخراجها ضمن مناطق قد تفتقر للتجانس الاجتماعي والاقتصادي .» لم تخل بعض أصداء المشروع من التشكيك في منطلقاته وأهدافه. فيومية «السبيل » الإسلامية نقلت قبل أيام عن «مصدر نيابي رفيع ووزير سابق » أن الأقاليم «هي بالأساس مشروع قدمتّه الإدارة الأميركية للأردن في حكومة أبو الراغب، والتي أجرت حينها دراسة حول المشروع بكلفة 270 ألف دولار .» أبو الراغب ) 2000 - 2003 ( نفى لـ"السجل" أن تكون حكومته قد ناقشت مشروع الأقاليم من قريب أو من بعيد » كما استغرب الحديث عن تخصيص منحة أميركية لهذا الهدف. وقال أبو الراغب إن حكومته كانت معنية حصراً بمشروع «تنمية المحافظات على مستوى الاقتصاد الاجتماعي، وهو مشروع وطني تحول لاحقاً تحت مظلة برنامج التحول الاقتصادي » الذي موّلته وزارة التخطيط. رئيس بلدية إربد الأسبق وليد المصري، يخشى أن تشكّل الأقاليم حلقة بيروقراطية جديدة، تعزّز المركزية وتنقلها من عمان إلى مركز الإقليم الجديد. ويدعو المصري إلى «البحث عن ميزة نسبية لكل محافظة من منظور تنموي وطني شامل ،» مذكراً بأن العديد من المشاريع التنموية أثبتت فشلها في المحافظات، لأنها نفذت عشوائياً بمنح دولية دون أن تواكب متطلبات المجتمع المحلي. بالنسبة للمصري: «لا يوجد في الأردن حكم محلي بل إدارة محلية، فيها تشعبّات كثيرة مختلطة لا هي مركزية ولا هي غير مركزية ». يتحدث المصري عن تداخل في الصلاحيات والمسؤوليات بين المحافظ ومديريات الوزارات في المحافظات والبلديات ما يعيق خطط التنمية والتطوير. ويطالب المصري ب «حكم محلي حقيقي على مستوى البلدية يأخذ كل الصلاحيات المتضمنة في القانون من التعليم الأساسي، الرعاية الصحية الأولية إلى المياه لما فيه رفاه المواطنين .» باحث في العلوم لاجتماعية، طلب عدم ذكر اسمه، يخشى أن «تعمق فكرة الأقاليم اعتناق الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة .» ويخلص الباحث إلى أن تعزيز صلاحيات البلديات وتقوية دورها قد يغني عن بناء هياكل جديدة.

ابحث عن شنغهاي ..
 
12-Mar-2009
 
العدد 67