العدد 2 - أردني
 

تنذر الانقسامات في صفوف الإخوان المسلمين بضرب فرص فوز مرشحيهم في الانتخابات النيابية المقبلة، وسط مخاوف من إحجام القواعد المؤدلجة عن الاقتراع بكثافة في أهم ساحة منازلة يطأها الإسلاميون في اللعبة الديمقراطية منذ عام 1989، على ما تؤكد قيادات وخبراء في الشأن الإسلامي.

نقطة التحول جاءت عقب استبعاد رموز صقورية من لائحة مرشحي الإخوان في ختام سجالات ساخنة مطلع الشهر الماضي.

اختيار الأسماء، بحسب المصادر نفسها، أخفت تحت السطح صراعا بين ما يطلق عليهما تيارا الصقور والحمائم، إذ نجح الأخير- على ما يبدو- في اختطاف غالبية قائمة المرشحين, وبالتالي أبعد كتلة الجماعة عن خط تصادمي حتمي مع السلطات، على ما يؤكد متخصصون في الشأن الإسلامي.

ترسخت القناعة بوجود انقسامات داخلية حين غاب الشيخ زكي بني ارشيد أمين عام جبهة العمل الإسلامي – الواجهة السياسية للإخوان منذ -1992 عن المؤتمر الصحافي الذي أعلنت فيه قائمة مرشحي الجبهة.

وهكذا أدار المؤتمر الصحافي نائب الأمين العام الشيخ إرحيل الغرايبة وناطقها الإعلامي– المخضرم في صفوف الحركة.

جاءت اللائحة- التي اختزلت إلى 22 مرشحا في 16 دائرة انتخابية من 45 - خالية من رموز ما يوصف بجناج الصقور، ما حمل رسالة تطمينية إلى السلطات التي تضع "فيتو" على أسماء منضوية تحت الخط الإخواني المتشدّد، من بينها بني ارشيد نفسه.

على أن بني ارشيد يرفض مزاعم عن وجدود انقسامات و "حرد" ويقلّل من تأثير السجالات الداخلية على تماسك الجبهة، مع أنه يقر بوجود "تباين" في وجهات النظر. يضيف: "ليست المرة الأولى. ففي كل المحطات المختلفة تبرز وجهات نظر متقاطعة ومختلفة. هذا الوضع الطبيعي في مسار الجبهة. لا يثير القلق بقدر ما يثير الاهتمام ويستدعي مناعة الحركة في الأردن". ويردف قائلا: "وعليه فإن المشاركة في الانتخابات النيابية إحدى محطات الحركة لا تستوجب التخوفات من الانقسامات".

مع ذلك أبدى بني ارشيد خشيته من انعكاس خيارات القيادة على "حماس" مناصري الحركة في القواعد. إذ يرى ردا على سؤال أن "التحدي (يكمن في) قدرة القيادة على إقناع القواعد والهيئات العامة والمناصرين والرموز. لحشد المواطنين والأصدقاء والمتعاونين". إلى ذلك تساءل: "هل ستنجح الحركة في هذا التحدي؟ هذا السؤال المطروح الآن".

وحول الخلافات في صفوف الحركة، قال أمين عام الجبهة "لم يعد خافيا على أحد أن توجهات معظم الهيئات العامة في اتجاه آخر غير القرار الرسمي". لكن "رغم التباين بين القيادة والقاعدة إلا أن القيادة اتخذت القرار المؤسسي المبني على تفويض من القواعد". وشدد على أنه بمجرد خروج قرار إجماعي عن الهياكل التنظيمية يصبح نافذا و"ملزما" لجميع الكوادر.

وأعرب عن الأمل في "التوصل إلى صيغة نتجاوز فيها هذا الإشكال. وإذا استمر ربما يحصل عدم اندفاع وقلة حماس" في الانتخابات.

وبينما أكد أنه طرح "التحفظات بوضوح وقدم وجهة نظره"، ألمح بني ارشيد إلى أن النقاشات لا تزال دائرة، إذ "لا نزال نعرض الوضع على الأطر القيادية".

أبو مجاهد، أحد كوادر العمل الإسلامي في الزرقاء- خزّان الإخوان البشري- اتفق مع بني ارشيد في فتور حماس الناخبين المحتملين.

يرى أبو مجاهد أن "العملية برمتها عليها علامة سؤال، لأن الناس منزعجين من قضية (الانتخابات) البلدية"، في إشارة إلى انسحاب الجبهة ظهر يوم الاقتراع أواخر تموز/يوليو الماضي احتجاجا على ما اعتبرته تجاوزات حكومية. أضاف أبو مجاهد أن "القواعد الإسلامية هيّابة من المشاركة، في غياب تطمينات مؤكدة".

وكان رئيس الوزراء معروف البخيت تعهد بضمان النزاهة التشريعية في لقاء عقد بناء على طلبه في سبتمبر/يوليو الماضي، لكنه أثار امتعاض دوائر صناعة القرار الأمني. أبو مجاهد ينتقد أيضا نوعية واختزال عدد مرشحي الجبهة إلى 22. "العدد غير كاف لو كان أكثر من هيك. في بعض العناصر فعّالة كان مؤملاً ان ترشح. ربما يكون لها فرصة وفعالية في المجلس أفضل من بعض المرشحين".

الخبير في شؤون الحركات الإسلامية إبراهيم غرايبة رأى أن الخلافات بين الإخوان تتمحور حول "القيادة والفرص وليس على البرامج" كما استبعد مشاركة إخوانية كثيفة في ظل هذه الحال. يقول غرايبة: "العملية الانتخابية تعبر عن مجموعتين داخل الحركة وسطية أو مقربة من حماس. تتنافسان على القيادة والفرص. ليس هناك خلاف على البرامج". وتوقع أن تؤثر الاستقطابات "على تماسك العملية الانتخابية، مشاركة القواعد كما ستفسح المجال لترشيحات مستقلة ما سيؤثر على فرص الجميع بالفوز".

إضافة إلى القائمة الرسمية المفترض أن تحتل مقعدا لكل ستة في المجلس المؤلف من 110 مقاعد، تسعى الجبهة لحشد رأس حربة نيابية على محورين آخرين: بناء تحالفات معلنة وسرية مع رجال عشائر ومستقلين مقربين من الفكر الإسلامي.

يتحرك الإسلاميون في دوائر عمان الشرقية المسحوقة، الزرقاء، إربد، الكرك، عجلون، جرش، البلقاء، الطفيلة والعقبة.

قائمة الجبهة تضم امرأة وحيدة هي النائب السابق حياة المسيمي (الزرقاء) من بين مسؤولين سابقين وإخوان مخضرمين مثل المراقب العام السابق للإخوان عبد المجيد ذنيبات (الكرك)، رئيس مجلس النّواب الأسبق عبد اللطيف عربيات (البلقاء) والنائب السابق حمزة منصور (عمّان/ الدائرة الثانية).

يراهن الإسلاميون على تشبيكات عشائرية لإنجاح أنصارهم في مناطق انتشار الشرق أردنيين. لذلك اختاروا رموزا ذا امتدادات عشائرية في تلك المناطق، بينما جندّوا أسماء مقبولة للأردنيين من أصل فلسطيني داخل وفي محيط المخيمات- التي تشكّل خزاناً بشرياً رئيسا للحركة الإسلامية.

البيان الصادر عن الحزب لفت إلى طول فترة فرز القائمة "في ظل القراءة المتأنية للظروف السياسية الراهنة والمعقدة محلياً وإقليمياً وعالمياً، وبعد تقويم أداء الكتلة السابقة وجملة الظروف التي رافقتها".

تحدّث البيان عن معايير فرز القائمة لا سيما "وضوح الرؤية السياسية للحزب، استراتيجية في العمل السياسي، التفاعلية والقدرة على تمثيل الحزب والحركة الاسلامية لدى الجهات الخارجية والقدرة على إنشاء علاقات وتحالفات مع الآخر".

باختصار، تعكس مضامين البيان ولائحة الأسماء رغبة قيادات وسطية في ترميم الجسور مع أذرع الدولة وبناء تحالفات مع قوى يسارية وقوميّة.

فرص هيمنة الإخوان تتضاءل في ضوء الانقسامات الداخلية – سعد حتر
 
15-Nov-2007
 
العدد 2