العدد 66 - رزنامه | ||||||||||||||
السجل - خاص عوالم متداخلة، تتلاشى فيها الحدود بين الأشكال والألوان والتجهيزات الإنشائية، صنعتها الفنانة الهولندية سو تومسين، بوحي من تجوالها العفوي بشوارع عمّان، والتقائها بشرائح اجتماعية متعددة، والتقاطها للُقى من خرائط وصحف تالفة وأوراق اصفرّت بفعل الزمن، لتكتشف بعد بحث تواصل على مدى ثلاثة أشهر، الارتباط العميق بين الناس (" هنا") وبين فلسطين المحتلة ("هناك")، وهو ارتباط لا تؤثر فيه حدود جغرافية أو حواجز إسرائيلية. معرض تومسين «هنا وهناك »، المقام في غاليري مكان، يؤكد هذه الفكرة من خلال أعمال منفّذة باستخدام ضوء النيوين المسلّط على خرائط تآكلت بفعل الزمن، وشهادات مكتوبة لأشخاص التقتهم الفنانة، وتركت لهم حرية التعبير عمّا تمثله فلسطين في ذاكرتهم ووجدانهم، فكتبوا عن القصص التي توارثوها عن آبائهم أو أجدادهم الذين هُجّروا قسراً وأُجبروا على ترك أرضهم العام 1948 ، وخطّوا بخطوط أيديهم، بالعربية والإنجليزية، آمالهم بتحرير الأرض الفلسطينية المتجذّرة في وجدانهم الجمعي، ليثبتوا مقولة إن كل الناس يولدون داخل أوطانهم، إلا الفلسطيني يولد وطنه داخله. في تصريح خاص لـ"السّجل"، تؤكد تومسين أنها بعد زيارتها لدول عربية مثل: سورية، ولبنان، والأردن، أدركت مدى تغلغل فلسطين في الحياة اليومية للناس في هذه البلدان، وتقول: «معظم الأشخاص الذين التقيتهم في عمّان هم من أصل فلسطيني. التشرذم في سيرهم الذاتية جعلني أشعر بالصدمة .» كلمة «هناك » التي ثُبتت فوق سطح مبنى الغاليري وأُضيئت بالأخضر كأنها لوحة إعلانية، وكلمة «هنا » المضاءة بالأحمر التي تتوسط قاعة العرض، فيما تنتشر على الأرضية خطوط حمراء صنعتها الفنانة من اللاصق (التّب)، تبدو إشعاعاتٍ من الليزر، تنشئ ردة فعل مترقبة لدى المشاهد الذي عليه أن يتوخى الحذر وهو يمر بين تقاطعات الخطوط الدقيقة. تبحث الكلمتان: الخضراء «هناك ،» والحمراء «هنا »، في أبعاد الهوية، وارتباط الإنسان بالمكان، بل وارتباط المكان بساكنيه، وتُبقي الأبواب مشرعة على ما يعنيه «المكان »، وهل هو المادي المحسوس، أم المعنوي المُتَأمَّل، وذلك عبر لغة تعبيرية مؤسسة على لعبة الضوء المتفلت من حدود الزمان والمكان. تتساءل سو: "لعلّ (هنا) ليس شيئاً ثابتاً، لكن هل (هناك) خيار بديل؟ أم هل يبقى (هناك) أمراً مثالياً بعيد المنال كالمدينة الفاضلة؟". كذلك، ظهر شكل خريطة فلسطين بنسختين ورقيتين تتوسطهما نسخة مصنوعة من المرآة. الشكل هو لخريطة فلسطين، أما المواقع المثبتة عليها فهي لأماكن في الأردن، ما يشير إلى التوأمة الروحية التي تجمع الأردن وفلسطين جناحي النهر المقدس. اشتمل المعرض أيضاً على توثيق بالفيديو يُظهر الفنانة وهي تخطّ كلمة (Remember) على ما يشبه جداراً استنادياً في جبل مشرف من جبال عمّان، الكلمة التي تعاد كتابتها كلما أعيد تشغيل الشريط تتجاوز الحثّ على فعل التذكّر، لتؤكد أن لا أحد نسي، ليتذكّر. تومسين نفذت أعمال هذا المعرض ضمن إقامتها الفنية في «مكان »، وتتنوع الأعمال بين الفيديو والصور الفوتوغرافيّة والتجهيز. |
|
|||||||||||||