العدد 66 - كاتب / قارئ
 

بنبرة لا تخلو من التهكم الخفي واللغة الكاذبة المتوترة، يدعي «شيمون بيريز » أنه لا يريد لأطفال غزة سوى «الهواء النقي والسماء الصافية »، ويبدو أن جيشه العتيد قد حقق ذلك بطريقة جهنمية، فسمّمَ الهواء، ولوّثَ السماء بأسلحته الفتاكة المحرمة. وقد ثبت أن الهواء النظيف يطيل عمر الإنسان حوالي ثلاث سنوات، وهذا بالتأكيد ما لا يريده مجرم قانا وحامل جائزة نوبل للسلام! فالفلسطيني الميت هو بالتأكيد الفلسطيني الطيب بالنسبة إليه وإلى أمثاله من الصهاينة! ثم إن الأخبار تقول إن «ليفني » تتراجع لمصلحة «نتنياهو »، لأن شحنة الإجرام لم تشبع الشعب الصهيوني، وهناك ضابط إسرائيلي كبير مستاء من عدم إنجاز المهمة، ويقول إنهم سيهاجمون مجددا، لكن بعد مرور عام!.

غزة الجريحة المحاصَرة بين مطرقة العدوان الإسرائيلي الإجرامي، وسندان الانقسام العربي والداخلي.. ورغم المحرقة الجديدة، إلا أن إسرائيل فشلت في تحقيق كل أهدافها، فبقيت «حماس » متماسكة ومحافظة على جزء من مخزونها التسليحي، كذلك فقد نجحت في تحريك القضية الفلسطينية وتحريك مشاعر شعوب العالم | والعرب والمسلمين تجاهها وتجاه غزة وتجاه الشعب الفلسطيني، ما يضعها في موقع سياسي بارز على الساحة الدولية، سواء قبلت إسرائيل –ومن يدور في فلكها- أو لم تقبل.

هل علينا أن نستغرب تصريحات الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي، من أن إسرائيل بلد ديمقراطي ودولة قانون، في حين تطالب بريطانيا بتحقيق في استخدام إسرائيل للفسفور الأبيض! عالم مليء بالتناقضات والازدواجية البغيضة. في الفيلم الجديد «فالكيري » للنجم المتصهين «توم كروز »

نشاهد تفاصيل محاولة الانقلاب ضد «هتلر » التي تمت قبل تسعة أشهر من انتحاره يائسا في مخبئه في برلين. يلخص الفيلم التاريخي المتقن محاولات المقاومة في قيادات الجيش الألماني التخلصَ من الفوهور، وإعلان حالة الطوارئ لإنقاذ ألمانيا –حينئذ- من مصيرها الدراماتيكي وهزيمتها التاريخية!.

الشريط السينمائي يثني على روح المقاومة وبسالتها وعنادها، ويخلد بطل المحاولة الضابط «ستاوتنبرغ »، ويُظهره بطلا تاريخيا، وهو يتوعد النازيين باللعنة والعقاب على الجرائم التي ارتكبوها. في المقابل نتأمل التناقض الكبير تجاه معاملة المجتمع الدولي والغربي تحديدا تجاه المقاومة الباسلة في غزة، ولامبالاتهم تجاه جرائم الحرب والمجزرة الإسرائيلية وقتل الأطفال وتدمير المؤسسات بضراوة غير مسبوقة!. نتأمل حجم هذا النفاق الدولي المقزز.. كيف يقدسون المقاومة إذا كانت تصب في مصلحة الحلفاء، وكيف يحتقرونها إذا كانت موجهة نحو نازيي العالم الجدد صهاينة إسرائيل!.

يكفي المقاومة الفلسطينية صمودها الخارق أمام آلة الحرب الجهنمية، كما يكفيها الانتصار الكاسح غير المسبوق إعلامياً، الذي تمثل في التظاهرات التي عمّت عواصم العالم، وربما للمرة الأولى يكتشف العالم حجم الشذوذ والتشويه والإجرام الذي يمتلكه جيش الدفاع الإسرائيلي. وكما قالت يفني، فإن إسرائيل تصرفت في غزة كـ البلطجي ،» فإن يوماً سيأتي سيدفع فيه البلطجي ثمن فعلته النكراء، وسيقدَّم هؤلاء البلطجيون –مجرمو الحرب- يوما ما لمحاكمات دولية بدأت الأصوات تعلو بصددها، وهذا اليوم إن شاء الله لقريب!.

مهند النابلسي

الهواء النقي والسماء الصافية
 
05-Mar-2009
 
العدد 66