العدد 66 - كاتب / قارئ
 

في كل مرة تطلب المعلمة من ابني الصغير أن يرسم شيئا، يأتي إليّ ويطلب مني أن أرسمه له، وعندما أرفض وأقول إن هذا واجبه هو، يبدأ الولد بالبكاء ويقول إنه لا يجيد الرسم.

قبل أن يدخل المدرسة كان ابني مثل معظم الأطفال مغرما بالرسم والتلوين، ولكنه الآن كفّ عن ذلك تماما، والسبب أنه عندما دخل المدرسة وكان يطلب منه أن يرسم في إطار بعض النشاطات المطلوبة في حصص العلوم والاجتماعيات وغيرها، كانت المعلمة تطلب منه دائما أن يمسح ما قام برسمه ويعيد الكرة، فإذا كان المطلوب رسم ولد كانت تقول له إن هذا لا يشبه الولد ، أو هذا ليس شكل الزهرة. وبهذا فالمعلمة تطلب من ولد في السادسة من عمره أن يطبق النسب والمقاييس التشريحية المطلوبة من فنان محترف.

الطامة الكبرى هي في حصة الفن، عندما تقوم المعلمات بوضع علامة على اللوحة التي رسمها الطفل. لا أعرف العقلية الكامنة وراء سلوك مثل هذا. هل يقيَّم الفن بالعلامة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن هي المعلمة، وما هي مؤهلاتها الفنية التي تمكّنها من الحكم على رسومات الأطفال والاعتقاد أن هذه اللوحة تستحق تسعة على عشرة والثانية تستحق أربعة مثلا، كما حدث مع ابني. هناك اتجاه عالمي الآن لإلغاء العلامات في كل المواد للأطفال في المراحل العمرية المبكرة، فالعلامات والمقارنات التي يجريها الطلبة في ما بينهم تحبطهم، وتثبط عزائمهم، فما بالك عندما نتحدث عن مواهب طبيعية، مثل الميول الفنية أو الرياضية. الفن يجب أن يعامَل في المدارس، وبالتحديد في المراحل العمرية المبكرة، بوصفه فضاء مفتوحا، للطفل مطلق الحرية أن يخطّ على الورقة البيضاء ما يريد، دون أن يكون هناك من يقف فوق رأسه ليخطّ بالأحمر على اللوحة.

عايدة سعود

تقييم الفن بالعلامات
 
05-Mar-2009
 
العدد 66