العدد 66 - احتباس حراري | ||||||||||||||
الخطر ليس في ظاهرة الاحتباس الحراري، بل في تناميها. الاحتباس الحراري، أو كما يسمى "ظاهرة البيوت الزجاجية" (Green House Effect) آلية طبيعية موجودة منذ الأزل، وأساسية لإبقاء كوكب الأرض ضمن درجات حرارة صالحة لحياة الكائنات، ومن دونها يمكن أن تصل درجة حرارة الأرض إلى 15 درجة تحت الصفر. فالغازات الموجودة بشكل طبيعي في الغلاف الجوي، ومنها غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان والأوزون وبخار الماء، تعمل كنوع من الستار يحمي الأرض. هذه الغازات التي تسمح لأشعة الشمس بالنفاذ من خلالها، تعود لتمتص الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من سطح الأرض كانعكاس لأشعة الشمس الساقطة عليها، وتحبسها في الغلاف الجوي، لتعمل هذه الأشعة على تدفئة سطح الأرض. الأمر شبيه بالبيوت الزجاجية أو البلاستيكية التي تُستخدم للزراعة، فطبقة البلاستيك أو الزجاج تسمح لأشعة الشمس بالنفاذ إلى داخل البيت، لكنها تعمل بعد ذلك كحاجز يمنع هذه الأشعة من النفاذ مرة أخرى إلى الخارج، لذلك يكون البيت الزجاجي دائما أكثر دفئاً من البيئة المحيطة به. ما حدث في السنوات الأخيرة، وبفعل النشاطات البشرية المتنوعة والمتنامية، هو زيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات السامّة في الغلاف الجوي. بحسب وزارة المناخ والطاقة الدنماركية، فإن الأنشطة البشرية رفعت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو من 280 جزءا في المليون، إلى 385 جزءا، كما أن تحليلا للهواء الكامن في الثلوج المستخرجة من الغطاء الثلجي في المنطقة المتجمدة الجنوبية، يشير إلى أن هنالك كمية من ثاني أكسيد الكربون حاليا، تفوقُ أي كمية له على مدى 650 ألف عام مضت. تحولَ الاحتباس الحراري من ظاهرة مفيدة تساعد على بقاء البشرية إلى ظاهرة مهددة لهذا البقاء، بسبب الأخطار الكبيرة التي تتبع ارتفاع درجة حرارة الأرض أعلى من اللازم، وهي أخطار يُجمع العلماء على أنها تتمثل في موجات الجفاف التي تصيب أنحاء مختلفة من العالم، وبالتحديد في مساحات واسعة من آسيا وإفريقيا، مسببة مجاعات وأزمات مياه حادة. كما أن ارتفاع الحرارة يؤدي إلى ذوبان القمم الجليدية، مما يرفع من مستويات مياه البحار، ويهدد عددا كبيرا من التجمعات السكانية الساحلية بالغرق. ارتفاع الحرارة يشجع البعوض الناقل للأمراض على التكاثر، لهذا فإن المدن والغابات والمزارع معرضة للمزيد من الآفات والأمراض. ارتفاع الحرارة يغير أيضا من الظروف الطبيعية الملائمة لنمو الكثير من الأشجار والنباتات، مما يؤدي إلى دمارها، وبالتالي انقراض الكثير من الكائنات الحية نتيجة دمار مواطنها الطبيعية. آخر التقارير التقييمية للظاهرة، ذلك الصادر عن لجنة المناخ في الأمم المتحدة العام 2007 . يشير التقرير إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض بنسبة 0.74 درجة. ويؤكد أن الأنشطة البشرية هي العامل الأساسي في تنامي خطر الظاهرة، فحرق الوقود يعدّ المصدر الرئيسي للانبعاثات السامة في العالم، تليه المركبات. الدول الصناعية، وفي طليعتها الولايات المتحدة، المسؤولة الأولى عن الظاهرة. يمثل سكانها 4 في المئة من سكان العالم، لكنهم يساهمون بما نسبته 25 في المئة من الانبعاثات. مواجهة هذه الظاهرة تتطلب إجراءات سياسية صارمة تجبر المصنّعين على تطوير تكنولوجيا حديثة تسهم في التخفيف من الانبعاثات السامة. |
|
|||||||||||||