العدد 66 - علوم وتكنولوجيا
 

«أنا مكتئب »، عبارة أصبحت شائعة في أيامنا، بسبب الأوضاع الاقتصادية من جهة، والصعوبات التي يواجهها كثيرون للوصول إلى حياة هادئة ومستقرة. لكن الاكتئاب يعتبر مرضاً حقيقياً، وإذا ابتُلي أحدهم به، فإن علاجه والخلاص منه يعدّ صعباً للغاية.

يعرَّف الاكتئاب بأنه مصطلح لوصف خليط من الحالات المرضية أو غير المرضية في الإنسان، التي يغلب عليها طابع الحزن. وقد أثبتت الأبحاث أن الاكتئاب يصيب عادة 20 في المئة من الإناث، و 12 في المئة من الذكور، بنوبة من الكآبة في حياتهم على أقل تقدير، وتُعد نوبة الاكتئاب الكبرى من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً.

من أهم أسباب الاكتئاب:

- الوراثة: وتعدّ أحد أسباب الإصابة بالمرض، ولا يُعرف حتى الآن الأسلوب الدقيق لنقل المورثة المسؤولة عن الكآبة، ويُعتقد أنها تنتقل بوساطة

مورثات جسمية مهيمنة، أو مورثات جنسية محمولة على الكروموسوم X.

- الخلل في توازن الناقلات العصبية (Neurotransmitters) المسؤولة عن تنظيم الإيعازات العصبية في خلايا الدماغ. مادة السيروتونين من أهم الناقلات العصبية، ويؤدي تناقصها إلى ظهور أعراض الكآبة وعلاماتها. وتعدّ الأدوية التي تساهم في رفع نسبة مادة السيروتونين، من أكثر الأدوية انتشارا في العالم حاليا لعلاج الكآبة.

- عوامل توتر خارجية: من أهمها: فقدان شخص عزيز، وفقدان مستوى اجتماعي أو اقتصادي معين، الشعور بالذنب نتيجة للإحساس بخرق ضوابط اجتماعية أو دينية، الانفصال من علاقة عاطفية، والقيام بوظيفة معينة تكون فوق قدرات الشخص، أو العيش مع شخص كئيب آخر.

- الكحول وبعض الأدوية: يعدّ تناول المشروبات الروحية عاملاً مهماً في الكآبة. من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الإنسان ذو عوامل التوتر الخارجية، اللجوء إلى المشروبات الكحولية للتخلص من حزنه. وهناك مجموعة من الأدوية التي تسبب الكآبة، بالإضافة إلى الكحول.

- فترة ما بعد الولادة في الأمهات: نتيجة للاضطرابات التي تحدث لمستويات الهرمونات في جسم المرأة الحامل بعد الولادة، ويصاب عادة 10 في المئة من النساء بأعراض الكآبة في هذه الفترة.

- الحنين: ويسببه فراغ في الذات، بحيث يمكن تحليله منطقياً، وهو العادة على ممارسة بعض النشاطات أو لقاء بعض الأشخاص، ومن ثم فقدان هذه العادة، ويؤثر في الشعور الداخلي بالرغبة في المتابعة، ولكنه مؤقت، يزول بزوال الرغبة والاعتياد على النشاطات الجديدة.

الدواء وحده لن يحقق معجزة في علاج مثل هذا المرض، رغم محاولة شركات تصنيع الأدوية الترويج لذلك. ويعدّ «بروزاك » من أشهر مضادات الكآبة في الوقت الجاري، وتستعمل الأدوية التي ترفع من نسبة مادة السيروتونين كعلاج أولي، لكن المشكلة الرئيسية في استعمال أي دواء لعلاج الكآبة أنه يتطلب وقتا من 4 إلى 6 أسابيع ليبدأ مفعوله، وفي أحيان كثيرة لا يظهر أي تحسن جرّاء استعمال دواء معين، فيضطر الطبيب إلى تجربة نوع آخر من الدواء الدواء وحده لن يكون له مفعول، إذا لم يكن هناك محاولة لحل المشاكل والتوترات الخارجية، أو تغيير بعض الصفات في شخصية الإنسان، فعلاج الكآبة مجهود جماعي يشارك فيه الطبيب والباحث الاجتماعي والمريض نفسه، الذي من المفروض أن يكون دوره قيادياً.

وهناك طرق أخرى للعلاج مثل: العلاج بالصّدمات الكهربائيّة، ولها تأثير سريع جدا في تحسن الكآبة الشديدة، مقارنة بالوقت الذي تستغرقه الأدوية. ولا يُعرف حتى الآن الوسيلة التي تمكّن الرجّة الكهربائية من تحسين أعراض الكآبة. وهناك استعمال الإنارة الطبيعية أو الاصطناعية، ويصلح هذا النوع في علاج الكآبة الموسمية، إضافة إلى التحفيز المغناطيسي للدماغ الذي ما زال تحت الاختبار.

من المفارقات، أن الإنسان ليس المخلوق الوحيد الذي يمكن أن يصاب بالاكتئاب، حيث تصاب فصيلة الثدييات قاطبة بالكآبة، وقد تم الاستدلال على هذه الحقيقة، بإجراء تجارب مختبرية على الفأر والقرد.

الاكتئاب: أسباب مبهمة وعلاج متشعب
 
05-Mar-2009
 
العدد 66