العدد 66 - سينما وتلفزيون | ||||||||||||||
عدي الريماوي لم يكن المخرج البريطاني داني بويل، يعلم عندما شد رحاله مع طاقم بريطاني إلى مدينة مومباي الهندية، أنه سينال جائزة أوسكار عن أفضل إخراج، إلى جانب سبع جوائز أخرى نالها الفيلم، وبتعاونه مع طاقم هندي مبدع نجح في إنجاز فيلم تحدث عنه العالم أجمع. يحكي الفيلم قصة شاب هندي فقير يدعى جمال، فقد أمه في إحدى هجمات السيخ على المسلمين في الهند، ما قاده إلى حياة متشردة تنقّل فيها بين الشوارع والعمل في المطاعم والحانات، في حين ينخرط أخوه سليم في عالم الإجرام. يعمل جمال أخيراً في مركز للاتصالات، وينجح عبر ذلك في الوصول للبرنامج الشهير «من سيربح المليون؟ ». يقوم مقدم البرنامج طوال الوقت بالسخرية من جمال بسبب عمله المتواضع، ولكن جمال ينجح في الفوز بالجائزة الكبرى )عشرة ملايين روبية(، ويحاول إنقاذ أخيه من عالم الإجرام، والعودة إلى حبيبته التي افتقدها طويلاً. ينتقل الفيلم بسلاسة بارعة، ما بين الأسئلة المطروحة في البرنامج، ومشاهد تعذيب جمال على أيدي رجال الشرطة، بعد أن اتهمه مقدم البرنامج بالغش للفوز بالجائزة، لكنه استطاع الإجابة عن أسئلة البرنامج جميعها، لأن كلاًّ منها ارتبط بحادثة معينة في حياته. فعندما يواجهه سؤال عن صورة أحد آلهة السيخ، يتذكر الهجوم الذي تعرض له في صغره، وقد طُبعت صورة الإلهة التي كان يحملها المهاجمون في ذهنه. وعندما كان يُسأل عن اسم شاعر هندي معروف، كان يستعيد أناشيد الطفولة ويستذكر مؤلّفيها. ومن ألطف مشاهد الفيلم نجاح جمال بالحصول على توقيع الممثل الهندي المعروف اميت باتشان، الذي لم يظهر وجهه في الفيلم. وقد نجح في الحصول على توقيعه، بعدما ابتعد الجميع عن الممثل المعروف، حتى رجال الأمن والحراس الشخصيين، عندما سقط في حفرة ملأى بالقاذورات. وكان هذا بمثابة النجاح الأول لجمال في الحياة. يستند الفيلم إلى رواية للكاتب الهندي فيكاس سوارب بعنوان ) « )Q&A سؤال وجواب »، وأنجز سيمون بوفي سيناريوهاً متقناً من هذه الرواية، نجح في إيصال فكرتها، من خلال الكلمات القليلة التي كان يتكلم بها الممثلون، باللكنة الهندية الطريفة للّغة الإنجليزية. وقد نال الكاتب كذلك جائزة أوسكار. وكان تضافر جهود العاملين في الفيلم، البريطانيين والهنود على السواء، بخاصة في الموسيقى التصويرية، كبير الأثر في ظهور فيلم ناجح بجميع المقاييس. رغم إبداع الممثلين الهنديين الذين كان معظمهم من الشباب والأطفال، إلا أن أحداً منهم لم ينل ترشيحاً للجوائز، مما أثار الكثير من التساؤلات حول الأكاديمية، التي منحت معظم الترشيحات ومن ثم الجوائز للطاقم البريطاني، ما عدا جائزة أفضل أغنية التي نالها الفنان الهندي آي رحمان. تناول الفيلم معاناة فقراء الهند، وكانت مدينة مومباي من أبرز أبطال الفيلم، بخاصة أحياؤها الفقيرة. وكان منتجو الفيلم وضعوا الأطفال الذين شاركوا في التمثيل، في المدارس، لأن معظم هؤلاء الأطفال من أحياء فقيرة، وغير قادرين على إكمال تعليمهم، وكثير من جوانب حياتهم في الفيلم، تشبه جوانب حياتهم الشخصية. فنسبةٌ كبيرة من الأطفال في الهند محرومون من حق التعليم. اختُتم الفيلم بلوحة راقصة، تشتهر بها جميع الأفلام الهندية، تشارك فيها ممثلو الفيلم الشباب والأطفال، ما أضفى لمسة إنسانية على الفيلم. وسائل الإعلام الأميركية والعالمية، تناولت الفيلم بالثناء والإعجاب. يقول جيمس كريستوفر من مجلة «تايم » الأميركية: «ما هو عظيم بشأن هذا الفيلم، أنه خليط من الماضي والمستقبل، نجح بويل )مخرج الفيلم( بجمع الكثير من المتناقضات ليصنع فيلماً براقاً ». وقال بن شايلد من صحيفة «غارديان » البريطانية: «الفيلم يقدم صورة صعبة عن الحياة في العالم الثالث، لقد رأينا الأسوأ من الحياة في مومباي، لكن الفيلم نقله من خلال فلتر لامع وبراق، عن طفل صغير ينجح في الفوز بالملايين .» بعد هذا الفيلم، توقع نقاد السينما بروز السينما الهندية من جديد، ومنافستها السينما الأميركية، وكان شعار كثير منهم: «بوليوود قادمة لهزيمة هوليوود .» جمع الفيلم زهاء 100 مليون دولار في شباك التذاكر الأميركي، قبل حصوله على جوائز الأوسكار، وعاد الآن ليتقدم على قائمة أقوى الأفلام، ليعاود حصد الملايين في أميركا وحول العالم. |
|
|||||||||||||