العدد 66 - ثقافي
 

محمد جميل خضر

تسعينيات القرن الماضي، في تكريس المسرح اليومي في الحراك المجتمعي المحلي، إلا أن البدايات المحلية لهذا النوع المسرحي الذي يحمل، أحيانا، أسماء أخرى: «مسرح السوق « ،» المسرح الشعبي »، و «التجاري ،» تعود، وإن على شكل إرهاصات خجولة، إلى ستينيات القرن الماضي. ففي موازاة أعمال أسرة المسرح الأردني بقيادة هاني صنوبر، ظهرت التماعات مسرح كوميدي شبه يومي من أعلامه: إسحق السردي، إبراهيم الخطيب، موسى عمار، مالك ماضي، وحمدي مراد. من خلاله، كان ظهور أول امرأة على خشبات المسارح المحلية، عبر دور الفنانة رفعت النجار في مسرحية «رصاصة في القلب 1962 » ، مقتبسة عن فيلم للموسيقار المصري محمد عبد الوهاب. وكانت النجار حينها في المرحلة الإعدادية.

من أبرز رموز المسرح اليومي سبعينيات القرن الماضي وفرقه، كما يرى الفنان غنام غنام: «المسرح الحديث » لموسى عيوش، «أضواء النجوم « ،» البترا للإنتاج الفني » لإسحق السردي، «الشركة الأردنية للمسرح » لنبيل صوالحة، «جمعية عمان للتمثيل » لسهيل إلياس، «عمون »74 لسهيل إلياس، «أضواء النجوم « ،» نادي هواة الفنون » لنايف نعناعة، ومؤسسة «أضواء الفن ». وأنجبت تلك الفترة، بحسب غنام، عشرات الأسماء التي لمعت في الفن المسرحي الأردني، مثل: صالح السقاف، ومحمود أبو حوسة، وحسن أبو شعيرة ومحمد العبادي.

في منتصف السبعينيات برزت ظاهرة تحوّل نجوم عرفهم الجمهور من خلال التلفزيون إلى المسرح، فقدموا فوق خشباته مسرحيات تمتاز بالكوميديا لجمهور كبير وبعروض مستمرة. ويسجَّل غنام للفنان نبيل مشيني انطلاقته في هذا الاتجاه من خلال مسرحيات «أبو عواد » المختلفة، كما يُسجل للفنان ربيع شهاب حضور كبير في هذه المسرحيات. مع تحفظه على اسمَي «المسرح الجاد » و «المسرح التجاري »، اللذين قاما بفعل فرز بين اتجاهين أساسيين في الحراك المسرحي المحلي، فإن غنام يستعرض أهم أعمال التجاري، بخاصة في شقّه الكوميدي خلال ثمانينيات القرن الماضي: «مين يضحك على مين « ،» خادم لسيدين « ،» اللعبة « ،» يا أنا ا هو »، ومسرحيات أخرى من إخراج محمد حلمي؛ «المشعوذ » إخراج إبراهيم الكردي، و «بدك تضحك تعال » إخراج يوسف الجمل. ومن أبرز كتّاب الكوميديا في تلك الفترة: عبد الإله رشيد، ومازن عجاوي، وعبد اللطيف شما وآخرون.

في ثمانينيات القرن الماضي، بدأت تجارب فنانين، مثل: زهير النوباني، ونبيل المشيني، وربيع شهاب، وموسى حجازين. غير أن النقلة النوعية للمسرح اليومي كانت في التسعينيات. ويعود الفضل في ما تحقق بين العامين 1991 و 1998 ، إلى الثلاثي نبيل صوالحة وهشام يانس وأمل الدباس، مع إسهامات مهمة من الفنانَين: حسين طبيشات، ومحمود صايمة، وما واصله الفنانان ربيع شهاب، وموسى حجازين في هذا الإطار في الفترة نفسها. ومع: «أهلاً نظام عالمي »، و «أهلاً برلمان وميزانية »، و «أهلاً مؤتمرات قمة عربية ،» و «أهلاً حقوق الإنسان العربي »، و «أمن يا هو » و «سلام يا سلام » وغيرها من أعمال الثلاثي يانس وصوالحة والدباس، تكرّس لدى المتلقي المحلي أن هذا النوع من المسرح لا يخيف، وهو كما أظهرت ردود الفعل الرسمية، مقبول أمنياً، ويمكن متابعة نتاجاته لإطلاق العنان للضحك، مع قليل من التأمل ومن التوقعات. فالمسرح في نهاية المطاف لا يُرجع أوطاناً، ولا يستعيد حقوقاً، فليكن على أقل تقدير متنفساً وفرصة للتحلل من أعباء الحياة اليومية وتراكماتها، وكذلك التحلل من بعض المكبوت من القهر والصمت القسري.

كما تكرّست في تسعينيات القرن الماضي ظاهرة مسرح النجوم، أي نسبة نوع مسرحي وشكله ومضمونه إلى نجم معروف: مسرح نبيل المشيني، مسرح سمعة ومرزوق، مسرح ربيع شهاب، مسرح حسين طبيشات ومحمود صايمة، مسرح محمد الزواهرة، مسرح هشام يانس. وتكرست من خلال هذه المسارح أسماء في التأليف والإخراج، من أبرزها: محمد الشواقفة، فؤاد الشوملي، مخلد الزيودي، وهاني الجراح.

هذا النوع المسرحي يُسجَّل له حمله عناوينَ يومية تهم المواطن، وتناوله قضايا سياسية واجتماعية مهمة، رغم ما يؤخذ على بعض العروض من هبوط السوية الجمالية والدرامية، والاعتماد على نجومية اسم بعينه، والسطحية والاستعجال أحياناً في تقديم المسرحية قبل نضوج ظروف صناعتها وعرضها أمام الجمهور، والافتقار لعناصر العرض المسرحي من إضاءة وديكور موظف، وموسيقى متناغمة مع فكرة العرض ورؤيته. وفي الأعوام الثلاثة الأخيرة، أضيف إلى مشهد المسرح اليومي عروض «زعل وخضرة » من بطولة رانيا إسماعيل وحسن سبايلة.

المسرح اليومي: مبادرات فردية وتجارب متفاوتة
 
05-Mar-2009
 
العدد 66