العدد 66 - حريات
 

سامر خير أحمد

أفرجت السلطات الليبية يوم 15 شباط/ فبراير الفائت، عن الشخصية الحقوقية الليبية جمعة عتيقة ) 61 عاماً(، بعد نحو أسبوعين من توقيفه من قبل النائب العام في طرابلس، لاتهامه بالضلوع في اغتيال السفير الليبي لدى روما، عمار ضو التقازي، في العام 1984 ، والانخراط يومها في تنظيم محظور يسعى لقلب نظام الحكم في ليبيا، يُدعى «جيش الإنقاذ .»

عتيقة كان عاد إلى ليبيا من العراق العام 1988 ، في محاولة للاستفادة من عفو عام عن المعارضين في الخارج، أصدره الزعيم الليبي معمر القذافي وقتها تحت اسم «أصبح الصبح »، إلا أنه تعرّض للاعتقال حال عودته بتهمة الضلوع في عملية الاغتيال نفسها، وأمضى في السجن سبع سنوات من دون محاكمة، قبل الإفراج عنه بسبب تدهور حالته الصحية.

اعتقال عتيقة أثار جدلاً واسعاً في ليبيا. ففي بيان لها بمناسبة الإفراج، طالبت مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية، ب « اتخاذ الإجراءات اللازمة لمساءلة النائب العام » عن عملية توقيف عتيقة، الذي يشغل منصب «أمين عام جمعية حقوق الإنسان الليبية » التابعة لها، ورأت أن قيام النيابة العامة بهذا الإجراء، يؤكد وجود نية مبيتة لاعتقال عتيقة لأجل تصفية حسابات قد تكون شخصية.

من جهته، وصف سيف الإسلام القذافي، الذي يدير مؤسسة القذافي، التهم الموجهة لعتيقة بـ"السخيفة »، فيما وصفت صحيفة «أويا » الليبية المقربة منه، النائب العام بـالمفتري العام »، واتهمته بأنه «أداة لانتهاك حقوق الإنسان في ليبيا .» عبد السلام دقيمش، نقيب المحامين في طرابلس، قال لـ"السّجل" إن ما جرى لعتيقة «يثير الشك »، موضحاً أنه كان حضر جلستَي التحقيق اللتين أجريتا معه، بعد أن قررت نقابة المحامين تبنّي القضية والتطوّع للدفاع عنه، وشكّلت هيئة دفاع من ستة محامين، برئاسته، لتولي القضية، كان من أعضائها نقيب المحامين الليبيين السابق،

أمين العلاقي.

الأمر نفسه كان أشار له جمعة عتيقة بعد الإفراج عنه، حين قال في تصريحات لصحيفة «أويا » إن «القضية برمتها مختلقة ولا ترتقي حتى إلى مستوى الشك، وإن الغرض من تلفيق التهمة هو تشويهه وإثارة الشك ضده من أسرة المجني عليه المرحوم عمار ضو ،» مفسراً ما جرى بأنه «محاولة كيد وإيذاء .» دقيمش أضاف لـ"السّجل" شارحاً، أن النقابة عقدت حال اعتقال عتيقة، في 31 كانون الثاني/ يناير، اجتماعاً طارئاً لأمانتها، وجّهت على إثره برقية للقيادة السياسية ناشدتها فيها التدخل للإفراج عن عتيقة، انطلاقا من أن اعتقاله «غير قانوني وتعسفي »، فضلاً عن كون التهم، حتى في حال صحتها، قد سقطت بالتقادم بعد مرور 25 سنة على أحداثها. على أن دقيمش أكد أيضاً أن «التهم ليس عليها أي دليل، وعتيقة كان عاد إلى ليبيا مستفيداً من العفو، لذلك لا يجوز مساءلته من جديد »، إلى جانب أن «جيش الإنقاذ » الذي يُتّهم عتيقة بالانضمام إليه، لم يعد له وجود على أرض الواقع منذ سنوات طويلة.

النقابة قررت بعد ذلك عقد اجتماع طارئ لهيئتها العامة لدراسة الأمر، لكنها، كما يقول دقيمش، «تلقت نصائح من مراجع حكومية بعدم دعوة الهيئة العامة »، فقررت أن ترسل برقية ثانية للقيادة. بفضل هذه الإجراءات، ومعها ما أثارته القضية من ردود أفعال واسعة على الصعيدين العربي والدولي، فقد تقرر، بحسب دقيمش، الإفراج عن عتيقة بضمان محل إقامته، إلا أنه تقرر منعه من السفر. وجرى الإفراج عنه قبل انتهاء مدة التوقيف المقررة، والبالغة 45 يوماً. معارضون ليبيون، عدّوا الحادثة مثالاً على الأجواء السياسية السائدة في البلاد. المحامي الليبي فوزي عبد الحميد، المقيم في لوزان بسويسرا، رأى أن عتيقة «يقدم خدماته لجمعية سيف الإسلام الخيرية مكرهاً »، وهو «لا يستطيع مغادرة ليبيا وإلا لما قبل العودة إليها ثانية »، فيما قال «منتدى ليبيا الحرّة » على الإنترنت، إن عتيقة يعتزم مغادرة منصبه في جمعية حقوق الإنسان.

غير أن عتيقة، أكّد في تصريحات صحفية أنه «ماضٍ في العمل بمجال حقوق الإنسان » لأنه «واجب وطني »، وأن ما تعرض له هو جزء من ضريبة مساهمته في العمل العام. في هذا الإطار، رفض دقيمش، وهو محامٍ ناشط في قضايا الحريات العامة، عدّ هذه القضية مؤشراً تجاه حالة الحريات العامة في ليبيا، موضحاً أن الحريات «مسألة نضالية يجري الكفاح من أجلها »، وأن هامشها في ليبيا «يتسع ويضيق بحسب الظرف السياسي ،» وأضاف أن حالة الحريات يُحددها، في أغلب الأحيان، مدى التزام المسؤولين بتطبيق المبادئ القانونية المعمول بها في ليبيا. يُشار إلى أن القضية لم تنته من الناحية الرسمية، فالتهم الموجهة لعتيقة ما زالت محل نظر لدى المدّعي العام، وهو لم يحصل لى البراءة القطعية بعد.

الحقوقي الليبي جمعة عتيقة: تذكرته النيابة فأعادت اعتقاله..
 
05-Mar-2009
 
العدد 66