العدد 66 - استهلاكي
 

شَكَت ربة البيت منى النجار، من ظهور طفح جلدي ظهر على يديها، بعد أن غسلت الأواني المنزلية. النجار التي لم تعرف سبب الطفح في البداية، اكتشفت بعد أن راجعت طبيبها الخاص، أن مسحوق الغسيل الذي استخدمته كان السبب.

طبيبها أبلغها أن المسحوق يحتوي على مواد كيماوية ضارة، كونه من السلع المقلّدة التي لم تخضع لفحوصات من مؤسسة المواصفات والمقاييس، لأنه مصنَّع محلياً، ولم يستورَد من الخارج. ما حدث مع النجار شبيه بما حدث مع ربة البيت وداد الرقاد، التي شكت من ضيق تنفس بعد أن استخدمت مادة «الفلاش » في تنظيف المرحاض. الرقاد تأكدت أن المادة مستوردة لصالح أحد التجار، لكنها مقلّدة ولا تتمتع بجودة عالية.

الأسواق مملوءة بالبضائع المقلّدة، على اختلاف أنواعها، سواء كانت ألعاباً، أو مواد تنظيف، أو قطع غيار مركبات. الأردن ليس استثناء من الصورة العامة التي يعيشها العالم، فهو عرضة للسلع المقلّدة والواردة من دول أخرى، وهو يسعى إلى محاربة تلك الحالة، بالمزيد من الجهد

والتعاون مع المنظمات الدولية. البيانات الصادرة عن منظمة الجمارك العالمية، تشير إلى أن أوروبا شهدت زيادة بنسبة 500 في المئة خلال العام الماضي في كميات الأدوية المقلّدة التي ترد عبر حدود بلدانها. من أهم المنتجات المقلّدة التي تدخل الأسواق الأوروبية: الأدوية، تليها المنتجات الغذائية، ثم الألعاب، وأخيراً مستحضرات التجميل.

تشير المنظمة إلى أن 90 في المئة من قطع الغيار في شمال إفريقيا مقلّدة. تقول في بيان أصدرته على موقعها الإلكتروني: كل ش يء أصبح قابلاً للتقليد من دون استثناء، من مستحضرات التجميل والأمصال الحيوية، وصولا إلى الدم البشري .» مؤسسة المواصفات والمقاييس أعادت تصدير 120 مليون قطعة من المنتجات المقلّدة والمخالفة للقواعد الفنية والمواصفات الأردنية خلال العام 2008 ، قبل دخولها الأسواق المحلية.

وقالت المؤسسة إنه تم ضبط 120 ألف قطعة من المنتجات الكهربائية وإكسسوارات خلوية ولوازم كمبيوتر، وستة آلاف مضخة وخلاط مياه، وألف كرتونة تحتوي على قطع غيار سيارات. وأشارت إلى أنه تم ضبط 73 ألف قطعة مواد تجميل ولوازمها وشامبوهات وألبسة، و 20 ألف قطعة من لوازم المكتبات والألعاب. كما تم إعادة تصدير تسعة آلاف قطعة من مكعبات مرقة الدجاج، وستة آلاف كرتونة دخان، بعد أن ثبت أنها تحمل علامات تجارية مقلّدة. رغم ما تضبطه المؤسسة سنويا من مواد غير صالحة تتلف بعضها، وتعيد تصدير جزء منها، إلا أن السلع المصنعة محليا وغير خاضعة للرقابة تنتشر في الأسواق، بخاصة الشعبية منها، بينما توجد سلع مقلّدة مستوردة تباع في المحال التجارية المنتشرة في أنحاء المملكة. المدير العام للمؤسسة ياسين الخياط، قال: «إن كوادر الرقابة والتفتيش المختصة في المؤسسة تمكنت خلال العام الفائت من مكافحة ظاهرة البضائع المقلّدة والمزورة لعلامات تجارية عالمية، إذ ضبطت كميات كبيرة منها، وتم إتلافها حسب الأصول، وكذلك تم إعادة تصدير منتجات أخرى مستوردة مقلّدة، مؤكدا أنه تم أخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق التجار الذين تصرفوا بالبضائع المخالفة.

وبيّن أن المؤسسة تشدد الرقابة على المواد المستوردة للأسواق المحلية، مؤكدا ضرورة توفير المنتج المطابق والآمن في الأسواق المحلية، ومنع الغش والتضليل. وقال إن المؤسسة لا تتهاون مع أي مخالف لاشتراطات القواعد الفنية والمواصفات القياسية الأردنية، حفاظا على صحة المواطن وسلامته، ودعم الصناعات الوطنية، وزيادة قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية. الخياط دعا التجار والمستوردين إلى ضرورة التقيد بالأنظمة والقوانين والمواصفات القياسية والقواعد الفنية الأردنية عند استيراد المواد من خارج البلاد، حرصاً على سلامة المواطنين ومصالحهم وأموالهم التي تتأثر جراء إتلاف بضائعهم أو إعادة تصديرها.

«الجماك العالمية » قدرت أن حجم سوق السلع المقلّدة عالمياً يتجاوز 500 بليون يورو على الأقل، ما يشكل 8 إلى 10 في المئة من حجم التبادل التجاري العالمي. المنظمة ترى أن ذلك يشكل خسائر مباشرة وغير مباشرة في الناتج الإجمالي المحلي لدول العالم. وتبين المنظمة أن 20 في المئة من هواتف «نوكيا » يتم تزويرها حول العالم، وأن هناك 60 دولة لا تطبّق أي معايير لحماية حقوق الملكية الفكرية أو مكافحة القرصنة.

المطلوب تبني تلك الدول لقوانين وتشريعات تسمح للمنظمات الدولية التدخل في حال حدوث هذه الجرائم الاقتصادية. 60 في المئة من الأزهار التي تباع حول العالم مزورة، وكذلك الأمصال الحيوية الخاصة بأنفلونزا الطيور يتم تقليدها في الصين، بحسب المنظمة. تاجر يبيع مواد تنظيف وسط العاصمة عمّان، يقول إن السلع التي يبيعها تستورَد عبر الحدود الأردنية السورية، وهو ينفي أن تكون ضارة، ويرى أنها مرتفعة الجودة رغم أنها مهرّبة. التاجر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أقرّ بوجود مواد ضارة تباع لدى شريحة واسعة من التجار، في إشارة منه إلى أنها مصنعة محلياً وداخل منازل خاصة.

مُصنَّعة محلياً، أو مُستورَدة البضائع المقلّدة: مخاوف من أضرار اقتصادية وصحية
 
05-Mar-2009
 
العدد 66