العدد 66 - اقتصادي
 

محمد كامل

فاجأ التغير في أحوال الطقس الذي صاحبه هطول أمطار وثلوج، موازنات الأسر الأردنية، ليزيد حجم الإنفاق، بشكل ملحوظ، على السلع الغذائية والمحروقات خلال أيام معدودة، حتى إن فروعاً للمؤسسات الاستهلاكية المدنية التي فتحت أبوابها يوم الجمعة، 28 شباط/فبراير الفائت، خلَت من البضائع.

المشهد الاستهلاكي كان ظهر جليا قبل ذلك بيوم، بعد أن أعلنت دائرة الأرصاد الجوية عن عبور كتلة هوائية باردة أجواء البلاد، لتمتلئ الشوارع بالمركبات، وتكتظ المحال التجارية بالمتسوقين. راسم السعد، موظف حكومي يتقاضى ما مقداره 300 دينار شهرياً، دفعه ما شاهده من إقبال، إلى شراء مستلزمات الشهر بأكمله، لكنه فوجئ، كما يقول، بأنه لم يتبق لديه أموال لتصريف الحال حتى نهاية الشهر الجاري.

حال السعد، حال كثيرين بالكاد تكفي رواتبهم لشراء مستلزماتهم الشهرية الملحّة من مأكل ومشرب وكهرباء ،ليكون الشتاء عبئا إضافيا على موازناتهم. وهو ما يوافق عليه صاحب البقالة كامل محمود في منطقة صويلح، الذي يشير إلى أن الديون ترتفع لديه خلال فصل الشتاء، حيث إن ما يتم إنفاقه على المحروقات يستنزف موازنات الأسر الأردنية.

الانخفاض في متوسط عدد أفراد الأسرة الواحدة من 6.3 في المئة فرد العام 2002 ، إلى 5.8 في المئة العام 2006 ، زاد المتوسط السنوي للاستهلاك الفردي من 990.2 دينار إلى 1.306 ألف دينار، وزاد أغنى 2 في المئة من السكان استهلاكهم الفردي بمتوسط ألفَي دينار، أي أربعة أضعاف الحد الأقصى من الاستهلاك الفردي لأفقر 10 في المئة من السكان للفترة نفسها، بحسب دراسة أعدها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية العام الفائت.

الدراسة قسمت السكان إلى عشر مجموعات عشرية استهلاكية على أساس الإنفاق الفردي، وأوضحت أن هنالك تغييرا في توزيع الأسر، حيث انخفض عدد العائلات في أغنى مجموعات عشرية بين الأعوام من 2002 إلى 2006 ، وهو ما بينته الأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، التي أظهرت أن متوسط الدخل الجاري السنوي لنحو 944 ألف أسرة بلغ 5.4 بليون دينار، منها 958 مليون لتجمعات الريف، و 4.46 بليون دينار لتجمعات الحضر.

دائرة الإحصاءات عرّفت التجمع الحضري، بأنه «كل تجمع يبلغ عدد سكانه 5 آلاف نسمة ». يبلغ عدد هذه التجمعات في الأردن 142 تجمعاً ومنطقة حضرية، يشكل عدد سكانها 83 في المئة من سكان الأردن. بحسب الأرقام نفسها، فإن نسبة الإنفاق على الطعام من معدل إنفاق الأسرة يصل 70 في المئة. الدراسة بينت أن مجموعات الاستهلاك المتوسطة هي الأكثر تضررا جرّاء انخفاض الأجور، وأصبحت تلك المجموعات تعتمد بصورة أكبر على مصادر دخل، مثل التحويلات المالية من المغتربين، والتوظيف الذاتي. الخبير الاقتصادي رياض الصيفي، يرى فجوة كبيرة ما بين إنفاق الأسر ومعدلات الدخل التي تقلصت، بشكل ملحوظ، مع الزيادة في الضرائب التي توزعت على فواتير الكهرباء والماء والضريبة الأساسية على المبيعات ونسبتها 16 في المئة. وهو ما يرتبط بما دعت إليه الدراسة السابقة بوضع استراتيجية تنمية تسعى

للجمع بين النمو الاقتصادي، وسياسات الحد من عدم المساواة، من خلال سياسات الضرائب التصاعدية، وإيجاد الوظائف، وسياسات الحد الأدنى للأجور، وحماية العمال، وتعزيز رأس المال البشري، مع إشارتها إلى أن حصيلة ضريبة المبيعات العامة تشكل 24 في المئة من إجمالي الإيرادات الحكومية. دخول الطبقات المتوسطة والفقيرة التي تعتمد على حوالات العاملين الأردنيين في الخارج ستتأثر أيضا مع وجود الأزمة المالية العالمية، التي يرى الصيفي أنها ستخفض تلك التحويلات، ما يعني بروز ضغوطات إضافية على تلك الطبقات.

حوالات العاملين الأردنيين في الخارج، حافظت على وتيرة نموها لترتفع إلى 2.22 بليون دينار خلال الأحد عشر شهرا الأولى من العام الفائت، وبنسبة زيادة بلغت 19.2 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، بحسب بيانات البنك المركزي. لكن تأثر هذه الحوالات يمكن أن يظهر مع صدور البيانات المرتقبة من البنك المركزي الخاصة بحوالات المغتربين للعام 2008 ، والتي ستُظهر تباطؤا بحسب الصيفي. الضريبة المتصاعدة التي تبينها الأرقام الرسمية، أضافت أعباء اقتصادية على المستهلكين، بحسب الخبير الاقتصادي محمد البشير، الذي ألمح إلى أن في ذلك نوعا من «عدم الإنصاف »، بقوله إن «ضريبة المبيعات أصبحت شبحا يطارد الطبقات المتوسطة ومتدنية الدخل .»

البشير يدعو الحكومة إلى إعادة النظر في قانون الضرائب في صورة عامة، والاتجاه نحو تفعيل فرض ضريبة الدخل، كما يقول، لإقرار العدالة بين المواطنين. إجمالي إيرادات ضريبتَي الدخل والمبيعات، المحصلة خلال العام الفائت بلغ 2,3 بليون دينار، أي بزيادة مقدارها 328 مليون دينار، وبنسبة مقدارها 16,7 في المئة عن المبلغ المحصل العام 2007 ، الذي بلغ 1.97 بليون دينار.

تشير البيانات الصادرة عن دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، إلى إن إيرادات الضريبة العامة على المبيعات العام 2008 بلغت 1.68

بليون دينار، أي بزيادة مقدارها 211 مليون دينار عن المبلغ المحصل العام 2007 ، والبالغ 1.47 بليون دينار، أي بزيادة نسبتها 14.4في المئة، وبلغت إيرادات ضريبة الدخل 614 مليون دينار، بزيادة مقدارها 116 مليونا عن التحصيلات نفسها العام 2007 ، والبالغة 497

مليون دينار، أي بزيادة نسبتها 23.4 في المئة.

الطقس يكشف عجزاً في موازنات الأسر الطبقات الفقيرة والمتوسطة تنوء تحت الضرائي وتقلص الدخل
 
05-Mar-2009
 
العدد 66