العدد 66 - اقتصادي | ||||||||||||||
محمد علاونة يأمل تجار ومستثمرون في قطاع العقار، أن تنتعش أعمالهم وسط توقعات بقدوم مزيد من العراقيين إلى البلاد، بعد أن أقرت الحكومة الشهر الماضي تسهيلات للراغبين منهم بدخول المملكة، والمقيمين على أراضيها. عودة الآلاف من العراقيين سيضخ مزيدا من الأموال في العقار، نتيجة شراء الشقق والأراضي، وقد يجلب سيولة تحتاجها السوق، بحسب رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان زهير العمري. يرى العمري أن الإجراءات المتشددة السابقة التي كانت تتبعها الحكومات تجاه العراقيين أضرت بقطاع العقار، وخفضت الأسعار، ليشهد تراجعا في النشاط. نشاط البناء أخذ في التصاعد منذ العام 2003 بشكل ملحوظ، وبلغت الذروة في العام 2005 ، وواصل النشاط لكن بشكل بطيء عقب العام 2005 . بلغ حجم التداول في سوق العقار خلال العام 2003 ما مجموعه 1.3 بليون دينار، ارتفع إلى 2 بليوني دينار لعام 2004 . وخلال العام 2005 بلغ حجم التداول ما مجموعه 3.5 بليون دينار، وبزيادة قيمتها 1.5 بليون. العراقيون بدأوا يتوافدون على الأردن بكثرة عقب إعلان القوات الأميركية وقف العمليات العسكرية الرئيسية في العراق في نيسان/ إبريل 2003 ، لشراء ما يمكن أن تحتاجه السوق العراقية، وكانت المركبات «السيارات » من ضمن الأولويات. بيد أن نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، أشار إلى أن قدوم العراقيين إلى الأردن يتخذ بعدَين: إيجابي، وسلبي. إذ سيعملون على ضخ السيولة في الأسواق مع إقبالهم على شراء السلع الاستهلاكية، في الوقت نفسه سيُحدثون خللا في كميات العرض في الأسواق، بخاصة للبضائع التي تُعرض في المؤسستين المدنية والعسكرية. العراقيون كانوا بنوا مشهدا خاصا بهم في عمّان، فكان الكثيرون يتجمعون في طلعة الشابسوغ حيث مطعم ابن سينا ،» وفندق ومطعم سعيفان، وعلى الشمال مطاعم متخصصة بالوجبات العراقية فقط: تنور الحبايب، العزائم، والفرات، إضافة إلى أكثر من 10 محلات صغيرة متخصصة فقط في بيع الشاي العراقي الذي يعشقه العراقيون. وهنالك أكثر من 12 مطعما في منطقة تجمع الحافلات )رغدان سابقا( تقدم المشويات والكباب، وأكلات عراقية معروفة، وإلى أسفل بقليل بمحاذاة الشارع الرئيسي هنالك تجمعات للعراقيين، بخاصة في المساء بعد يوم عمل شاقّ. المشهد تغير كثيرا بعد التفجيرات التي تعرضت لها ثلاثة فنادق في عمّان في تشرين الثاني /نوفمبر 2005 ، فخلَتْ تلك المناطق من العراقيين، خشية اعتقالات أو تشديد على إقاماتهم. تجمعات العراقيين انتقلت من المناطق الشعبية ومن وسط عمّان، إلى مناطق غرب عمّان الراقية، مثل: عبدون، والغاردنز، والشميساني، التي تعج بالمقاهي والمحال التي تفتح أبوابها لساعات الصباح الباكر. تشهد تلك المناطق انتشاراً لمركبات عراقية حديثة الموديل، وغالبا ما تكون أسعارها مرتفعة، تشبه تلك التي يستخدمها ذوو الدخل المرتفع في الأردن. رجل الأعمال العراقي عدنان الجبوري، أشار إلى أنه باع الشقة التي يمتلكها في عمّان بمبلغ 60 ألف دينار ليشتري شقة قيمتها 40 ألف دولار في سورية بإحدى المناطق المخدومة جيدا. الجبوري، البالغ من العمر 45 عاماً، وكان يعمل بالتجارة ما بين الأردن والعراق لمدة عشر سنوات، وفي اتصال هاتفي معه في دمشق، يؤكد عدم رغبته في العودة إلى الأردن، بخاصة بعد أنباء إمكانية انسحاب قريب للقوات الأميركية من العراق، وهو ما يتداوله العراقيون في بغداد. وهو يرى أن الولايات المتحدة ستنسحب قبل الوقت الذي حدده أوباما في خطابه الأول أمام الكونغرس. بيد أن كمال القيسي، خبير نفطي عراقي سابق، يقول: «إن رؤوس الأموال لا تحكمها قيود، وهي تتنقل، حيث يتوافر الأمن والاستقرار، وانخفاض الأسعار، بعد أن باع العراقيون أراضي لهم في العراق مقابل مبالغ خيالية .» عضو اتحاد رجال الأعمال العراقيين إسماعيل الربيعي، الذي يقيم في الأردن حاليا، أوضح أن التفجيرات التي شهدتها ثلاثة فنادق في عمّان، خلقت مخاوف لدى العديد من العراقيين الذين يترددون على البلاد، ما دفعهم إلى الانتقال لدول أخرى مثل سورية. لكن الربيعي يؤكد أن حالة الاستقرار في الأردن عاملٌ محفز لقدوم العراقيين، ويضيف أنه لم يتعرض لأي مضايقات، بيد أنه يتوقع زوال عمليات التأخير التي تشهدها المعاملات على الحدود الأردنية العراقية، والتي ألقت بظلالها على عمليات نقل الآلات الثقيلة التي يعمل على توريدها لبغداد. وهو يتوقع عودة الكثير من العراقيين إلى الأردن بعد إعلان الحكومة عن التسهيلات. وزير المالية السابق باسم عوض الله، بعد أن شغل منصب وزير التخطيط في حكومة فيصل الفايز، أبلغ الصحفيين أن العراقيين يشاركون الأردنيين بالماء والكهرباء والوقود، لذلك تنوي الحكومة تحرير المشتقات النفطية، ورفع الدعم عن الأعلاف، وتحرير قطاعات الكهرباء والماء. لكن الحاج توفيق، يرى أن ما نفذته الحكومة لاحقا، وفقا لما أشار له الوزير، لم يكن له نتائج إيجابية، كون العراقيين ما زالوا يستفيدون من دعم المواد الغذائية ومن خلال المؤسسات المدنية والعسكرية. القيسي الذي يقيم في الأردن، يؤكد أن سورية أصبحت وجهة للعديد من العراقيين، بخاصة التجار الذين يترددون لشراء بضائع يسوّقونها في بغداد. ويذكّر بالارتفاع المتواصل الذي تشهده السلع والخدمات في السوق الأردنية، نتيجة إزالة الحكومة الدعم على المشتقات النفطية الذي انعكس بدوره على القطاعات الاقتصادية كافة، سواء كانت مساكن أو سلعاً أو بضائع. يرى القيسي أن سورية البلد الأنسب للعراقيين مقارنة بأسعار الأراضي والشقق التي يشهدها لبنان مثلاً، كون معظم الذين يعملون بالتجارة من العراقيين هم من الطبقة المتوسطة، الذين يبحثون عن شقق تناسب دخولهم. كان رئيس الوزراء نادر الذهبي صادق على التوصيات الصادرة عن اللجنة الوزارية، إضافة إلى توصيات اللجنة الفنية المشكّلة لهذه لغاية ذات العلاقة بوضع تعليمات تتعلق بالتسهيلات التي ستُمنح للعراقيين. من بين ما تتضمنه التعليمات المتعلقة بالتسهيلات الممنوحة لرجال الأعمال والمستثمرين العراقيين، تسهيل حصولهم على التأشيرات، بحيث تتولى مؤسسة تشجيع الاستثمار من خلال مفوض وزير الداخلية فيها لإصدار التأشيرات لهم للمرة الأولى بعد التأكد من أسباب الطلب المعزز بالوثائق المطلوبة، والحصول على الموافقة المسبقة للمرة الأولى. نتائج التسهيلات التي منحتها الحكومة أخيرا للعراقيين لم تظهر بعد، لكنها ستحدث مشهدا جديدا يمكن أن يكون مغايرا للمشاهد السابقة. |
|
|||||||||||||