العدد 66 - بورتريه
 

خالد أبو الخير

ولد أمية صالح طوقان في مدينة عمان العام 1946، من أسرة نابلسية ذات حضور اجتماعي واقتصادي وسياسي في الضفتين. وسار على الدرب..

أمضى بعضا من سنوات طفولته وصباه في اللويبدة، وأنهى دراسة الابتدائية والثانوية في كلية تراسانطة.

شد الرحال في مقتبل شبابه إلى الجامعة الأميركية في بيروت دارساً لإدارة الأعمال، حيث نال البكالوريوس ثم الماجستير، وكان موضوع أطروحته «السياسة النقدية وتجربة البنك المركزي الأردني».

لم يعرف عنه انتماء سياسي رغم أنه عاش في كنف مدينة، تتناهبها رياح السياسة والانفتاح والتمرد، مفضلاً عقلانية وبراغماتية المصرفي والصيرفي.

عاد إلى الأردن موظفاً في البنك المركزي لبضع سنين، التحق بعدها بجامعة أكسفورد في بريطانيا، وحاز دبلوم الدراسات العليا في التنمية الاقتصادية، لينتقل بعدها إلى العالم الجديد، ويحوز الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة «كولومبيا» في مجال «النقود والأسواق المالية» وكتب رسالته حول «أثر السياسة النقدية على الموجودات الأجنبية لدى الجهاز المصرفي».

شغل عدة مناصب في مجال اختصاصه في الأردن: رئيساً لدائرة الأبحاث والدراسات في البنك المركزي الأردني، مستشاراً اقتصادياً في مكتب رئيس الوزراء، ومديراً عاماً لبورصة عمّان للأوراق المالية.

لم يفت أمية أن يحلّق في المجال الإقليمي والدولي، حيث عمل في صندوق النقد العربي في أبو ظبي، رئيساً لقسم المنظمات العربية والإقليمية. وشغل موقع ممثل للأردن في الأمم المتحدة (اللجنة الثانية الاقتصادية والمالية)، وسفيراً لدى الاتحاد الأوروبي، ومملكتي بلجيكا، وهولندا، ودوقية لوكسمبورغ.

في مطلع العام2001 عين محافظا للبنك المركزي، لولاية أولى مدتها خمس سنوات. جددت ابتداء من 1/1/2006، ما يعني أنه باق في موقعه حتى نهاية 2010.

«يتميز بالميل إلى الصمت والهدوء و الكتمان، والجدية في التعاملات، والابتعاد عن الاضواء والإيغال في النأي عن الإعلام» يصفه مقرب منه.

ويضيف آخر « ليس محارباً إطلاقاً، مؤهلاته وخبراته أوصلته إلى سدة البنك المركزي، فضلاً عن علاقاته مع مراجع عليا في الدولة».

العام 2003 ورد اسمه في محاكمة مدير المخابرات الأسبق سميح البطيخي كشاهد، وقال إن البطيخي اتصل به وأخبره أن مجد الشمايلة «شخص غير صادق وأنه يجب عمل اي اجراء لوقفه وكشف أمره».بحسب صحيفة السبيل الأسبوعية.

في العام 2006 تفجرت جملة من الاتهامات الحمساوية ضده بدعوى أن «الأردن رفض تحويل أية أموال للسلطة الفلسطينية، بعد فوز حماس في الانتخابات». فرد محافظ البنك المركزي بأن «هذا كلام غير مسؤول لأن الحكومة الأردنية لم تتخذ أي قرار بخصوص هذا الموضوع، وعلى العكس رحبت بحكومة حماس كنتيجة لإرادة الشعب الفلسطيني».

قراره الذي تلا بتجميد حسابات ستة من قادة حماس وخمس جمعيات خيرية في البنوك الأردنية، قوبل باستهجان نيابي أدى إلى توقيع 70 نائباً على مذكرة، تبناها النائب محمد عقل، تطالب بإقالته من منصبه. لم يلبث أن انسحب العديد منهم.

قيل إن القرار كان اجتهاداً شخصياً منه، بعد تراجع الحكومة عن القرار عقب الإعلان عنه بيومين فقط. لكنه أكد خلال لقاء له مع كتلة جبهة العمل الوطني في مجلس النواب الرابع عشر أن القرار «كان نتيجة خطأ إداري فني تم تصحيحه في اليوم الثاني، ولم يكن على علم بالإجراءات التي قام بها أحد الموظفين في المركزي الذي تابع طلباً ورد للبنك، بالحجز على أموال أربعة اشخاص دون أن يشير الطلب إلى أنهم من قادة حماس». النواب لم يتفقوا معه، لكنه خرج سليماً من المواجهة.

زوبعة فك ارتباط الدينار بالدولار الأميركي العام 2007، التي أثارتها جهات عدة، بسبب استمرار تراجع الأخير أمام اليورو، حسمها بتأكيده أن «البنك لا يعتزم التخلي عن قرار مضى عليه اثني عشر عاماً، ما يزال صحيحاً، والأردن يحقق فوائد من هذا الارتباط».

حنكته الاقتصادية قادته إلى اتخاذ قرار بتحويل أرصدة البنك المركزي المودعة لدى البنوك التجارية الأميركية إلى المركزي الفيدرالي الأميركي ومؤسسات مالية حكومية أخرى، وذلك بداعي التحوط في بدايات الأزمة المالية العالمية 2008، مؤكدا أن هذه الخطوة ساهمت في تقليل المخاطر رغم أن العائد من هذه الودائع أقل بالمقارنة مع العائد من البنوك التجارية.

يصفه صحفي يعرفه بأنه « مثل أي محافظ للبنك المركزي متحفظ جداً وسياسته الاقتصادية متشددة». ويضيف «أنه كان من هواة اللحاق بأسعار الفائدة التي يطلقها البنك الفيدرالي الأميركي، وآخر إعلان له رفض فيه تخفيض الفائدة كان بتاريخ تشرين الأول/أكتوبر 2008 «نظرا لأن من المستبعد أن تؤثر الاضطرابات المالية العالمية في النمو الاقتصادي في الأردن، ولأن التضخم سيتراجع»، لكنه أقلع عن هذه الهواية في الشهر التالي، حينما خفض الفائدة الرئيسية نصف نقطة.

يقول مقرب منه أن «هاجسه عدم تكرار الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد العام 1989، ويحرص على إمساك الدفة بثبات في أنواء متقلبة».

في شباط/ فبراير من العام الجاري، أكد أن الجهاز المصرفي في المملكة صحي وسليم، والسياسة النقدية في وضع يمكن الأردن من التعامل مع أي هزة خارجية. بيد أن ما فاته، أن بنوكاً تجري بصمت عمليات تسريح لموظفيها..

يفخر أمية طوقان بأوسمة حازها مثل: وسام الاستقلال الأردني من الدرجة الأولى، وسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى، ووسام «الجراند كروس» من درجة العرش من مملكة بلجيكا. ولعله يحن إلى وسام يختتم به حياته العملية التي بدأت من مرابع اللويبدة وقد تنتهي في شارع الملك حسين.

امية طوقان: محافظ قبل أن يصبح محافظاً..
 
05-Mar-2009
 
العدد 66