العدد 65 - احتباس حراري
 

في الوقت الذي يشهد العالم فيه تدهورا كبيرا في الثروة السمكية، فإن مصائد الأسماك في سواحل البحر الأبيض المتوسط، قبالة دلتا النيل، تشهد منذ الثمانينيات توسعا كبيرا. التوسع المفاجئ، الذي أعقب انهيار المصائد بعد الانتهاء من بناء السد العالي في العام 1965 ، يُعزى إلى وصول كميات كبيرة من الأسمدة ومياه الصرف الصحي إلى المنطقة. هذا ما كشفت عنه دراسة قدمتها باحثة في كلية علوم البحار، في(University of Rhode Island)، ونشرت في كانون الثاني/ يناير الفائت،

في (Proceedings National Academy of Sciences Autumn Oczkowski)، وهي طالبة دكتوراه، قامت بإجراء أبحاث أثبتت أن ما بين 60 إلى 100 في المئة من الإنتاج السمكي يتغذى على مغذيات تأتي من الأسمدة ومياه الصرف الصحي.

تاريخيا، فإن النيل الذي كان يفيض كل خريف، كان يروي الأراضي الزراعية المجاورة، ويصب في البحر الأبيض المتوسط، حاملا معه المخصبات الغذائية التي تحتاجها الثروة السمكية، لكن بناء السد العالي، أوقف الفيضان، وأدى إلى تدهور الثروة السمكية في المنطقة، ما أحدث ارتفاعا كبيرا في استهلاك الأسماك المستوردة. المصريون توسعوا بعد ذلك في استخدام المسمدات الصناعية التي تسربت إلى البحر، كما أن الطفرة السكانية أدت إلى توسع كبير في شبكات المياه والصرف الصحي التي تسربت بدورها إلى البحر. كل هذا قاد، كما يقول البحث، إلى أن «تحلّ المغذيات الصناعية من الأسمدة والمياه العادمة، محل المخصبات الطبيعية التي كان يمنحها النيل قبل بناء السدّ .» جمعت الباحثة، مع زملائها من الجامعة، ووكالة حماية البيئة الأميركية، وجامعة الإسكندرية، أكثر من 600 سمكة من مناطق مختلفة في الدلتا تتأثر بمياه الصرف الصحي، وتم فحص العينات، التي ثبت تلوثها بعناصر مصدرها الأسمدة الكيماوية، ومخلفات الصرف الصحي.

هذه النتائج أثارت تساؤلات، حول تأثير المخصبات الصناعية على النظم الإيكولوجية. البحث يشير إلى مفارقة، فالغرب ينظر إلى المخصبات الصناعية بوصفها ضارّة بالأنظمة الإيكولوجية، وقد أنفقت «رود آيلند »، ملايين الدولارات لتحديث محطات الصرف الصحي، لمنع تسرب المياه إلى خليج ) Narragansett (، لكن «المصريين لا ينظرون إلى الأمر من هذه الزاوية، بل يجدونها طريقة لإنتاج أطنان من السمك، وإطعام الملايين من الجياع .

تلوث الثروة السمكية في النيل
 
26-Feb-2009
 
العدد 65