العدد 65 - الملف | ||||||||||||||
عزيز حنا مع بدايات التسعينيات بدأت عمان تشهد حراكاً غير مسبوق في مجال تأسيس صالات للعرض التشكيلي )الغاليريهات( حتى وصل عددها مع بداية العام الجاري 30 صالة عرض. أحد الأسباب الرئيسة لنشوء الحراك التشكيلي وتطوره، كان توافد أعداد كبيرة من الفنانين العراقيين عليها على أثر الحرب والحصار على العراق العام 1991 ، بعد أن كان قبل ذلك مقتصراً على المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، والمركز الثقافي الملكي، وغاليري عالية، ومؤسسة عبد الحميد شومان. العام الفائت فقط شهد تأسيس ستة غاليريهات جديدة هي: غاليري فورتين، وغاليري بنك القاهرة عمان، وغراند غاليري، وغاليري نبض، واثنان خاصان بالتصوير الفوتوغرافي هما: دارة التصوير ومحترف ضوء، بالإضافة للغاليريهات والمراكز الفنية الموجودة وهي: دارة الفنون، والمتحف الوطني، ومركز رؤى، ودار الأندى، وغاليري مكان، ومحترف رمال، وصالة توفيق السيد في رابطة التشكيليين، وغاليري دويندي، وغاليري شارع الثقافة، وغاليري المشرق، وغاليري القرية الثقافية، وبندك، وبرودوي، وزارة، وصالة المركز الثقافي الفرنسي، وقاعة المدينة، وقاعة فخر النساء زيد، وغاليري الأورفلي، وغاليري المركز الثقافي الإسباني، ورواق البلقاء، إضافة إلى محترفات الفنانين الخاصة، والمعارض غير المنتظمة التي تقيمها بعض الفنادق مثل: كمبنسكي، ورويال، وفور سيزنز. يستحوذ القطاع الخاص على معظم هذه الصالات، في سعي لإيجاد معادلة متوازنة بين الربح ونشر الثقافة والفن، إذ أتاحت غاليريهات عمّان مكانا لالتقاء التشكيليين على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم، كما تعدتها إلى استقطاب بعض المعارض الاستذكارية والراهنة لفنانين عالميين. الفنان محمد الجالوس، مدير غاليري بنك القاهرة عمان، يعتبر صالات العرض «النافذة التي يطل من خلالها الفنان على جمهوره، وهي الواجهة التي تحدد قيمة العمل الفني وتتيح للجمهور فرصة اقتناء أعمال فنان ما .» يعتقد الجالوس أن صالات العرض الخاصة «تقوم بدور تسويقي عبر نشر نتاج الفنان وتوزيعه على المهتمين، وبآخر ثقافي معرفي ،» مؤكداً أن الفرق بين القاعة الجيدة وغير الجيدة هو محافظتها على هذه الثنائية بالربط بين الثقافي والتجاري. ويلفت إلى ان القاعات العامة التي تتبع الدولة أو المراكز الثقافية أو بعض المؤسسات الاقتصادية الخاصة مثل: غاليري بنك القاهرة عمان، ومؤسسة شومان لا تهدف إلى الربح؛ فهي تستطيع أن تقوم بدور كبير، كونها بعيدة عن الخوف من الربح والخسارة كمشاريع تهدف إلى بناء صورة جيدة للمؤسسات التي تنتمي إليها، ودورها في بناء المجتمع و تنميته في الجوانب الثقافية. يشير الجالوس إلى الدور الخطير لصالات العرض الخاصة بسبب هامشها المفتوح لعرض الفنون البصرية، وقراراتها الذاتية بالعرض أو المنع التي تدير من خلاله الذائقة البصرية لجمهور التشكيل، وهي مسؤولية كبيرة ترتب على المسؤولين عن هذه القاعات دوراً ثقافياً مهماً ونافذة جدية لنشر الفنون البصرية وبأنواعها المختلفة. الناقد والتشكيلي غسان مفاضلة، ينبه إلى أن «الحراك التشكيلي في عمّان، المتمثل في عدد الغاليريهات والمعارض التشكيلية التي تشهدها شهرياً، لا يعبر بالضرورة عن عافية المشهد التشكيلي المحلي، الذي اختلطت في خضمه المعايير الفنية والتبست قيمها الجمالية، سواء لدى صالات العرض، أو لدى الفنانين أنفسهم .» ويرى مفاضلة أن ازدياد عدد الصالات والمعارض التشكيلية لم يتوافق مع إفراز حالات نوعية يمكن أن يشار إليها بوضوح، إلأ أنه يستدرك قائلاً إن انتشار صالات العرض الخاصة أدى إلى تلاشي ظاهرة الإستقطابات الفردية، فمكّنت جميع الفنانين من عرض أعمالهم والتعريف بها على نطاق واسع. ويلفت إلى أن «معظم التجارب التي تتسيد المشهد، لا تحركها سوى الملابسات الظرفية في ظل طغيان الشللية وتبادل المصالح ضمن دوائر بعينها، سواء تعلقت بصالات العرض، أو ببعض الفنانين، ما أدى إلى طغيان الأنساق التقليدية والاستهلاكية على حساب الحقيقة الفنية وجوهرها الإبداعي .» ويبدي مفاضلة تشاؤمه حيال «الطفرة » التي تشهدها عمّان في حجم الاستشمار في صالات العرض، ويعتقد أن «صالات العروض التشكيلية سواء كانت تابعة للقطاع الخاص أو للمؤسسات الرسمية، فإن العلاقة بين تلك الصالات والفنانين والجمهور، في ظل غياب المنظومة الثقافية - التي من شأنها أن تعمل على تجسير خطوط التواصل الثقافي بين أطراف المشهد التشكيلي - هي أشبه ما تكون بالجزر المعزولة عن بعضها بعضا. الفنان محمد نصر الله يحرص على حضور أغلب المعارض التشكيلية لمتابعة التجارب والإبداعات في مختلف الأجيال، لكنه يعتبر أن 5« أو 6 صالات عرض هي التي تقدّم إضافة نوعية للمشهد التشكيلي .» بين حسابات الربح والخسارة، ورغبة عدد من التشكيليين الأردنيين في تأصيل حالة إبداعية حقيقية في وقت أصبحوا فيه ينافسون معظم الدول العربية في أعداد صالات العرض وحجم أنشطتها، يبقى الحديث عن تجربة لم تجاوز العقدين مرهوناً بالمستقبل، على أن التساؤل عن دور القطاع الخاص للتشكيل يحتاج إلى مداولة الرأي في ملتقيات علنية بدلاً من إبقائها حبيسة اللقاءات الشخصية بين الفنانين والمهتمين. |
|
|||||||||||||