العدد 65 - الملف
 

صوت مكادي النحّاس لا يقل حضورا عن التزامها. حين سمعها زياد الرحباني أول مرة علق مخاطبا نفسه كمنْ يصادف شخصا مرتين في منام: «لوهلة يذهلك الصوت.. وتقول أين سمعته من قبل.. إنه صوت أمي! .» انطلقت من عمّان، برفقة فرقة شابة كانت مكادي أصلبهم. غنت معهم على مسرحي جرش والفحيص؛ فتلقفتهم أكف شابة مصفقة. احتضنتها بيروت لتغني في ذكرى اجتياحها. وفي بيروت كان صوتها الخاص في

أغنيتين استهلت بهما مشوارا لا يدخل في باب العرض والطلب: «مهضوم كتير » و «أمي ». وكانت مكادي في الأثناء تستكمل تعلم الغناء الشرقي في الكونسرفتوار الوطني في بيروت، مستندة لتبرير زياد الرحباني لها بأنها “لازم تغني !»

أخذت بنصيحته، وبعد غمرة الفضائيات والمهرجانات المكتنزة جمهورا راقصا، راحت تغني على المسارح الحميمة التي تؤلف قلوب خمسمائة شخص على صوتها.

لا يبدو أنها مهجوسة بالشهرة، بل إنها تشهر، فوق ذلك، أنه كان في إمكانها أن تسلك أقصر الطرق إلى الفضائيات لكنها لم تفعل، ولم تندم على أن تُشاهد ولا تُسمع. وترى مكادي أن هذا دليل شيء من العافية، فثمة من يتلهف لسماع ما هو مختلف، وأن ما ينقصنا هو آلية وصول تتمثل في شركات تسويق مخلصة لغناء مجرد!. وهي تؤكد أن نوايا التسويق والإنتاج المخلصة، لو توافرت، لاستطاعت اجتراح تيار موسيقي بديل، لا يتورع عن تناول أمور كانت محرمة من قبل. ربما تأخرت عن زمن الغناء العبقري، أو استعجلت الحضور قبل زمن آخر.

هكذا يرى بعض المعنيين والنقاد أنها “فيروز » أخرى طفت فوق لجة الغناء البيضاء. ويشير كثير منهم إلى شاطئ عماني معروف ب « فيروز » اسمها “مكادي الغناء الصافي » كزرقة السماء دون كحل أبيض. وهي لذلك تتقشف في استخدام الآلات الموسيقية، وغالبا ما تقصرها على العود بما يُشبه إخضاع الصوت لامتحان العري؛ أي تعرّى الصوت من بياضه!.

مكادي النحاس: أين سمعت هذا الصوت؟
 
26-Feb-2009
 
العدد 65