العدد 65 - أردني
 

اتجهت وزارة المياه إلى حسم خيار استنزاف الأحواض الجوفية، من خلال منح أصحاب الآبار الجوفية غير المرخصة مهلة تنتهي مطلع آذار (الأحد المقبل) من أجل تصويب أوضاعهم أو مواجهة عقوبة ردمها، وتحمل الغرامات المالية

بعد تحويلهم إلى المحكمة. القرار جاء بعد سبع سنوات من إقرار نظام المياه الجوفية مطلع العام 2002 ، حيث منح أصحاب الآبار غير المرخصة مدة 6 أشهر للعمل على ترخيصها، إلا أن النظام لم يطبق حتى أواخر تموز 2005 ، حيث قام ما يقارب 900 مزارع بترخيص آبارهم، وبقي ما يقارب 1283 بئراً غير مرخصة، زهاء نصفها يعمل والنصف الثاني غير عامل، في حين يبلغ عدد الآبار الكلي في المملكة 6717 بئراً.

ويشكل حوض الأزرق أكبر الأحواض المائية المستنزفة من قبل ما يقارب 628بئراً غير مرخصة، يليه منطقة دير علا 464 بئرا ثم معان 118 بئراً ثم العاصمة عمان 53 بئراً، والتي تشهد ارتفاعاً في نسب الملوحة وانخفاض مناسيبها بصورة مطردة "متر واحد سنوياً" . وقد بينت دراسة أعدتها وزارة المياه والري نهاية العام الماضي، أن مستوى سطح المياه الجوفية في انخفاض مستمر في جميع الأحواض ال 12 منذ العام 1989 . في حين يتراوح معدل الانخفاض السنوي في حوض الجفر ما بين متر واحد وعشرة أمتار تقريباً سنوياً، في حين انخفض مستوى المياه الجوفية في بعض مناطق الشوبك (100) متر سنوياً.

تحذر وزارة المياه والري من الاستنزاف الجائر للأحواض الجوفية، التي يبلغ الحد الآمن للسحب منها نحو 275 مليون متر مكعب سنوياً، فيما يتم استخراج نحو 392 مليون متر مكعب سنويا، وذلك لسد الحاجة والطلب المتزايدين على المياه.وتقدر قيمة زيادة الضخ من الآبار الجوفية إلى ما كميته 143 مليون متر مكعب سنويا. تحوي الأحواض المائية الإثنا عشر حالياً آباراً ومضخات قادرة على استخراج كميات من المياه تفوق طاقتها التوازنية. ويتجاوز المعدل السنوي لاستخراج المياه من الأحواض المائية مجتمعة معدل التغذية المتجددة بحيث يبلغ 159 في المئة من ذلك المعدل. وتتراوح نسبة

الضخ الجائر إلى معدلات التغذية من 146 في المئة في الأحواض الصغيرة إلى 235 في المئة في الأحواض الكبيرة. وفي المملكة (11) حوضاً مائياً عذباً جوفياً متجدداً وواحد غير متجدد بنوعية عذبة. وتختلف طاقاتها التوازنية من خزان لآخر، إلا أن إجمالي طاقتها التوازنية يبلغ (275) مليون متر

مكعب في العام. ولا تخفي وزارة المياه نيتها العمل على تطبيق قرارها الأخير، وذلك بعد نشر إعلان في وسائل الإعلام، طالبت فيه المزارعين بترخيص آبارهم، وذلك من خلال تحويل المخالفين بعد هذه المهلة إلى القضاء.

قرار الحكومة يعيد إلى الأذهان، إجراءات مشابهة اتخذتها حكومة معروف البخيت مطلع العام 2005 لفرض القانون في منطقة الأغوار، بعد تكرار الاعتداءات على موظفي الدولة والتجاوزات على شبكات المياه والكهرباء، ما أدى إلى وقوع صدامات بين قوات الأمن ومواطنين.

تتقاطع تلك الإجراءات مع شكوى مسؤول في وزارة المياه فضل عدم ذكر اسمه لـ"السجل" مما أسماه "المناطق السوداء"، التي تشهد ارتفاعاً في نسب الفاقد تصل إلى 90 في المئة، ورفضاً من قبل الأهالي لدخول فرق الوزارة إلى تلك المناطق من أجل قراءة العدادات. وبحسب تصنيف غير رسمي، تعتبر مناطق

جنوب عمان والأغوار ومحافظة معان والمفرق مناطق خارج صلاحيات وزارة المياه،حيث ترتفع نسب الفاقد في مناطق جنوب عمان "زيزيا، وسحاب، والموقر، وأم البساتين" إلى حدود 90 في المئة. مسؤول في وزارة المياه فضل عدم كشف هويته لخشيته من التعرض له من قبل الأهالي يكشف أنه "توجد في تلك المناطق مزارع لمواطنين يستخدمون مياه الشبكات لري مزروعاتهم"، إضافة إلى شكوى عاملين في وزارة المياه من تعد من قبل مواطنين على

فرق التحصيل، كما هي الحال في معان التي تصل حصة الفرد فيها إلى 270 متراً يومياً، وكذلك الأمر في المفرق والأغوار. وزارة المياه تجد نفسها الحلقة الأضعف في مواجهة التجاوزات عليها، رغم الجهود التي تبذلها للعمل على توفير المياه إلى المواطنين، وتنظيم وصول المياه إلى المواطنين وفق برنامج الدور. الأمين العام لسلطة المياه منير عويس، شدّد على اتخاذ الإجراءات اللازمة باستصدار قرارات وفق أحكام النظام بردم الآبار التي تم أو يتم رفض منح أصحابها إجازات استخراج، وتنفيذ هذه القرارات خلال مدة شهر من تاريخ إشعار أصحابها بقرار الردم. وقد أرجع عويس سبب قرار مجلس إدارة السلطة الصادر في 22 كانون الثاني/يناير الماضي والذي وافق عليه مجلس الوزراء مؤخراً، إلى عدم استكمال أصحاب الآبار الزراعية ترخيص آبارهم وتركيب عدادات على تلك الآبار.

يسمح نظام حماية المياه الجوفية لأصحاب الآبار الزراعية المرخصة بضخ من كل بئر ما مقداره 150 الف متر مكعب من المياه سنويا دون مقابل، أما إذا زاد الاستخراج عن ذلك فتحدد تعرفة رمزية تصاعدية. نظام حماية المياه الجوفية لا يجيز استخدام المياه أو استغلالها، إلا بموجب رخصة صادرة وفقا لأحكام هذا النظام، وتحدد فيها غاية الاستعمال وكمية الاستخراج، وأي شروط أخرى، من منطلق أن المياه ثروة وطنية.

وأكدت مسودة استراتيجية المياه التي أعدتها اللجنة الملكية للمياه، التي وضعت تصوراً للواقع المائي بين الأعوام 2008 - 2022 على ضرورة المتابعة والتشديد في تنفيذ نظام حماية المياه الجوفية لـ"إغلاق أي بئر يستخرج المياه من حوض مائي متدهور ومستنزف"، إضافة لـ"إغلاق أي آبار مياه غير قانونية والتي من المتوقع أن تصل إلى 40 في المئة من آبار المياه المستخدمة للري".

استنزاف المياه والالتفاف على المهل الممنوحة وزارة المياه بين ردم الآبار ونفوذ "المناطق السوداء
 
26-Feb-2009
 
العدد 65